[x] اغلاق
128 لا في وجه الأمريكي ترامب من أجل نصرة فلسطين وزهرة المدائن
27/12/2017 8:16

128 " لا" في وجه الأمريكي ترامب  من أجل نصرة فلسطين وزهرة المدائن

الإعلامي أحمد حازم

يحكى أن صاحب مزرعة للأغنام لاحظ نقصاً متزايداً في عدد الأغنام، حيث تبين له أن "حرامية" الليل يدخلون خلسة إلى المزرعة ويسرقون منها ما يستطيعون. فنصحه أحد المقربين منه أن يستعين بكلاب قوية لحراسة مزرعته. فقال له صاحب المزرعة: المشكلة ليست في إيجاد الكلاب بل المشكلة من سيطعم هذه الكلاب لأن  تكاليفها باهظة كونها كلاب مدربة.

هذه الحكاية تنطبق بالفعل على دونالد ترامب الذي أمر العاهل السعودي بدفع مبلغ  400 مليار دولار بدل حماية (حراسة) للسعودية الأمر الذي أرهق كاهل السعودية. وكان ترامب قال في حملته الانتخابية أن السعودية عليها أن تدفع ثمن الحماية الأمريكية من ثروتها، وإن السعودية لا تعامل الولايات المتحدة بعدالة لأن واشنطن تخسر كمًا هائلاً من المال للدفاع عن السعودية، حسب زعمه.

يرى بعض المحللين أن من يتابع سيرة الرئيس دونالد ترامب منذ كان شاباً حتى الان، يكتشف لغة التهديد والوعيد بالحصول على أموال الآخرين، الذين يعتقد أنه يحميهم مجاناً. فقد طالب في حملته الانتخابية بكل وضوح أن يحصل على (حقه) في المال العربي (من السعودية وغيرها)، بينما لم يطالب «إسرائيل» بدفع دولار واحد مقابل الحماية التاريخية لها. من المعروف أن القواعد الأمريكية الموجودة في العالم، ليس الهدف منها للدفاع عن الدول المقامة على أراضيها هذه القواعد؛ بل ان هذه القواعد موجهة لدول عظمى في إطار الحرب الباردة، والولايات المتحدة هي المستفيدة من وجود قواعدها، وعلى الدول الموجودة على أراضيها قواعد عسكرية أمريكية أن تدفع للولايات المنحدة مقابل هذه القواعد، كما تفعل مع الفلبين وكوريا الجنوبية واليابان ودول خليجية وغيرها.

وما دام الشيء بالشيء يذكر، وما دمنا في الحديث عن القوة (البلطجة)، فإن الأفلام الأمريكية بشكل عام ومنذ نشأة هوليوود تعتمد على القوة في مضمونها، وتستهدف رسالة واضحة مفادها أن القوة هي الأساس وأن الأمريكي هو الأقوى في هذه الحياة. وقد ظهر ذلك في غالبية الأفلام الأمريكية ولا سيما في أفلام الممثل الأمريكي سيلفستر ستالون الذي تقمص شخصية (رامبو)، الأمريكي الذي لا يقهر وصاحب القوة في كل أفلامه. وحسب صحيفة "الديلي ميل" فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو صديق شخصي لـ "رامبو" ومعجب به ويتبادلان المديح لبعضهما لأنهما يؤمنان فقط بالقوة، لدرجة أن رامبو وصف تـرامب بأنه "أكبر من الحياة". ويبدو واضحاً أن الممارسات السياسية للرئيس الأمريكي ترامب تعتمد بالدرجة الأولى على "العضلات" وليس على العقل، تماماً مثل ممارسات رامبو.

منظمة الأمم المتحدة مثال آخر على العنجهية الأمريكية وتهديد ترامبو. فهذه المنظمة من المفترض أنها تأسست من أجل  نشر العدل والحوار السلمي بين الدول بعيداً عن استخدام التهديد بالقوة أو حتى التلويح به. ومن المفترض أيضاً أن تكون الدول الكبرى راعية للدول والشعوب الفقيرة لتحسين اقتصادها. لكن ما يحصل هو العكس، فنحن أمام منظمة دولية يمارس أعضاء فيها مثل الولايات المتحدة،  ابتزازاً رخيصاً لبقية الأعضاء؛ يتناقض مع الاتفاقات والقوانين الدولية، وكنا نعتقد بأن «البلطجة» هي هي عمليات فردية، فإذا بنا أمام دول مثل الولايات المتحدة تمارس البلطجة بشكل رسمي على الدول الأخرى، دون خجل أو حياء.

لقد صدق أحد الزملاء الذي قال ان العنجهية الأمريكية بلغت ذروتها، حين هددت واشنطن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بقطع المساعدات عنها، إذا ما صوتت ضد قراره الذي يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، المندوبة الامريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي قالت بكل وقاحة إن ترامب  سيقطع الدعم عن كل دولة  تصوت ضد قراره؛ لكن الرئيس الامريكي أصيب بخيبة أمل حين صوتت 128 دولة من أصل 194 دولة ضد قراره، وصوت 14 عضواً في مجلس الأمن، الذي يبلغ عدد أعضائه 15 ضد قراره أيضاً، ووجد ترامب نفسه وحيداً ، ولم يبق أمامه سوى التهديد والوعيد

إن موافقة 128 دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة على اقتراح يلغي قرار ترامب، وقبله تصويت مجلس الأمن الدولي ضد القرار، يؤكدان على العزلة الأميركية التي سببها قرار واشنطن اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. ولا بد من الإشارة إلى  أن القرار الدولي  رقم A/ES-10/L.22  "يطالب الجميع بعدم تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديمغرافية، وأي قرار ينص على التغيير هو لاغ وباطل وليس له أي أثر قانوني"

الدول التي صرخت " لا " بوجه ترامب ولم تأبه لتهدبده بقطع المساعدات الأمريكية عنها، دليل على أن العالم تغير أمام هالة القدس وأن هذه الدول استجابت لضميرها بقول لا للرئيس الأمريكي. هذه الدول أفهمت ترامب أن الكرامة  لا تباع بالدولارات، كما قال الرئيس التركي أردوغان،ولذلك انتصرت هذه الدول  لكرامتها. من قالوا (لا) في الجمعية العامة للأمم المتحدة قالوا في الوقت ذاته نعم للقدس عربية فلسطينية، لأن القدس  تستأهل وبكل حق كل الكلام الذي يجعلها وجها فلسطينيا مضيئاً.

سنة جديدة سعيدة وكل عام والقدس بخير عربية  فلسطينية