[x] اغلاق
لقاءا المحبة والتسامح يذللان الصعاب نحو عقد اتفاق المصالحة
20/11/2009 13:29

الجهود الثلاثية لسيادة المطران الياس شقور وفضيلة الشيخ موفق طريف ورئيس البلدية السيد ناهض خازم تتكلل بعقد زيارات متبادلة بين أبناء الطائفتين المسيحية والدرزية

المطران شقور: لقاؤنا هذا لقاء المنتصرين على الشر، لا يوجد رابح- خاسر، بل رابح- رابح
الشيخ طريف: يوم تعلن شمس نهاره عن عهد جديد من العلاقات بين الأهل والأشقاء في شفاعمرو
رئيس البلدية: بلديةُ شفاعمرو اتخذتْ موقعَها منذ بدايةِ الأزمة وستأخذُ دورَها على نحوٍ يرضي الجميع

في أجواء حميمية لم تشهد لها شفاعمرو مثيلا منذ مدة طويلة، التقى أبناء الطوائف الثلاث في المدينة، يوم الاثنين الماضي في زيارات متبادلة، ابتدأت في كنيسة الروم الكاثوليك، حيث حضر وفد كبير من الطائفة الدرزية برئاسة الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية والشيخ يوسف أبو عبيد، إمام الطائفة الدرزية في شفاعمرو والوزير السابق، صالح طريف وعضوي البلدية فرج خنيفس وأجود زين ورجل الاصلاح المربي نايف عليان وعدد من المشايخ ورجالات الطائفة. وبعدها انتقل وفد كبير من الطائفة المسيحية برئاسة المطران إلياس شقور، متروبوليت عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل إلى بيت الطائفة الدرزية، كما حضر وساهم في رعاية هذه الزيارات وفد كبير من أبناء الطائفة الاسلامية برئاسة رئيس بلدية شفاعمرو، السيد ناهض خازم وأئمة المساجد في المدينة، كما حضر وفد آخر برئاسة المربي أمين عنبتاوي.
كان من المقرر أن تستقبل الوفود أولا في قاعة الكنيسة، لكن سرعان ما تبين أنها تضيق بالحضور نظرا لتوافد المئات من أبناء شفاعمرو، فقرر الكهنة وبموافقة المطران الى اجراء حفل الاستقبال داخل الكنيسة الرحبة. وهناك
تولى عرافة الحفل المربي والكاتب زياد شليوط، وافتتحه بكلمة باسم العائلة المسيحية وجاء فيها: "ها هي شفاعمرو التي عهدناها، بسماحتها، بأصالتها، بشموخها تلتقي اليوم في باحة الكنيسة، هذه الكنيسة التي لم تكن لطائفة أو فئة، انما كنيسة للمحبة والتسامح والأخوة لجميع أبناء هذه البلدة الطيبة.
واستكمالا لروح بيان لقاء الأشقاء في عكا قبل أسبوعين، وبفضل مثابرة رؤسائنا المبجلين والمسؤولين المحترمين، الذين يسعون دائما للسلام، فاننا نلتقي اليوم لنكمل المشوار نحو وضع الأسس المتينة للمصالحة المنشودة للعيش المشترك، كعيش إرادي واختياري وليس عيشا موروثا فقط." وتابع
"اننا نقف اليوم جميعا، أمام مسؤولية كبيرة وربما تكون تاريخية في هذا البلد، في أن نصون ماضيها حقا ونبني حاضرها لنرفع مستقبلها نحو المجد والعلا، ولهذا فان أبناء الطائفة المسيحية وبارشاد رؤسائهم الروحيين ودعمهم، يسطرون خطوة هامة في هذا الطريق، ويتمنون على اخوانهم أبناء الطائفة المعروفية والطائفة الاسلامية المساندة والمعاضدة، كي ننطلق ببلدنا الواحد المشترك، شفاعمرو العزيزة على قلوبنا جميعا، والتي لا يمكننا التفريط بها، تحت ظروف طارئة أو نسلمها للشيطان في لحظة فقدان للبصر أو البصيرة، لا يمكن للشفاعمريين على مختلف انتماءاتهم أن يكونوا إلا لشفاعمرو." 
وكانت الكلمة الأولى للشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية الذي استهلها بالقول:" اليوم، أشرقت علينا شمس نهاره مبشرةً بعهد جديدٍ من العلاقات بين الأهل والأشقاء في هذه المدينه العامرة بأهلها المسلمين والنصارى والمعروفيين، وبزوال غيمةٍ سوداء كانت قد ظللت إلى حين سمائها والى غير رجعة." وتابع فضيلته " اليوم، عاد الأخوة يجتمعون ليجددوا العهد والميثاق لوحدة الصف تحت سقف هذا المكان المبارك في هذه المدينة العامرة،  بعد أن حاولت بعض الأيادي الخبيثة من المفسدين والمندسين من أطراف عدة العبث بها وزعزعة استقرارها وتعكير أجوائها وإثارة الفوضى والشغب وزرع بذور الفرقة بين أهلها، غير أنه بفضل وعي أهلها وبحكمة عقلائها وقادتها الروحيين والاجتماعيين فوتت عليهم نواياهم الخبيثة وأفشلت مساعيهم وردت كيدهم إلى نحوره ليعودوا نادمين خاسرين خاسئين. ها نحن اليوم، وبفضل الله سبحانه وتعالى، وبجهود أهل الخير والمصلحين من القادة والزعماء الروحيين والاجتماعيين وصلنا إلى هذا اليوم السعيد المبارك الذي تتصافح فيه الأيادي، وتتصافى به القلوب ويعانق الأخ أخاه وتسمع فيه أجراس الكنائس وأصوات المؤذنين ودعاء الأجاويد مهللين مباركين هذا الصلح الميمون وعودة المياه إلى مجاريها الطبيعية في هذه المدينة الطيبة."
ودعا فضيلة الشيخ طريف في ختام كلمته " أبناء الطوائف في شفاعمرو تنمية روح المحبة والإخاء والوئام والتسامح في أبنائكم، والإمساك بزمام الأمور ليبقى المجتمع الشفاعمري أسرة واحدة موحدة، وأوصيكم ان تمسكوا بحبل الله ولا تفرقوا، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان."
وألقى بعده الشيخ عبد المجيد أبو الهيجاء، إمام المسجد القديم كلمة قال فيها "إن هذا اليوم يوم خير وهو يوم مبارك عند الله عز وجل، والذي يقول "الصلح خير"، ما دمنا نجتمع على أمر فيه تلتقي القلوب والأرواح على الألفة والمحبة والتسامح. يوم يسطر في تاريخ شفاعمرو التي لم تعرف إلا التسامح والمحبة والألفة. والتعايش بين أبناء جميع الطوائف، حيث نعيش الواحد بجانب الآخر المسيحي والمسلم والدرزي وسابقا اليهودي، وكل شيء يننا مشترك وهدفنا واحد ومقصدنا واحد." وتابع الشيخ أبو الهيجاء " النزاعات التي ألمت بنا لن تقهرنا وسوف نخرج منها أقوياء. الخلاف كان محصوراً بين أشخاص وليس بين طوائف. اليوم تجاوزنا كل شيء وعلينا عدم الرجوع إلى الماضي وعدم العتاب والتأنيب ولنركز في المستقبل."
وتلاه رئيس بلدية شفاعمرو، السيد ناهض خازم فشدد في كلمة مطولة على أهمية شفاعمرو وتاريخها المجيد ورجالها الشجعان حيث قال"
نجتمعُ اليومَ في هذا البيتِ المقدسِ في الكنيسةِ العريقةِ، التي تُعَدُ شاهداً حاضراً لمجدِ شفاعمرو. في ضيافةِ أهلٍ لنا ونعتبر أنفسَنا في بيتنا،إذ لم يمضِ أسبوعان على لقاءِ الأشقاءِ في عكا، وإذا بنا نتوج كلَّ مساعينا بزياراتٍ أخويةٍ تكشف وجهَ شفاعمرو الحقيقي، الوجهُ الذي لم تشُبْهُ شائبة رغم كلِّ ما حدث".وتابع خازم:"
أنظروا حولكم تجدون المسجدَ يجوار الكنيسةِ والخلوة، هل هناك من يظن أن هذا وليد صدفة؟ لا وألفُ لا، لقد علمنا التاريخُ أن الوحدةَ تصنع المعجزات، وشفاعمرو سطرت تاريخاً مجيداً على مر العصور فاحتلت مكانةً ًعظيمةًً تم تدوينها في كتب عديدة منذ الفترة الكنعانية وحتى يومنا هذا.
لا أنكرُ أن الأحداث الأخيرة المؤسفة أثرت سلباً على المسيرة الحضارية لمدينتنا، ولكنَّ الأقوياءَ ينهضون بسرعة، كطائرِ النارِ الذي ينهض مفعماً بالحيوية منطلقاً نحو الخلود، شفاعمرو أيها السادة هي عنقاءُ الوسطِ العربي وعامودُه الفقري ولولاها لضاعَ كم هائل من إنجازاتِنا الحية.
بلديةُ شفاعمرو اتخذتْ موقعَها منذ بدايةِ الأزمة ورافقتْها حتى استطاعتْ تبديدَها، وقد تمَّ كلُّ ذلك من خلالِ المواقفِ الوسطية التي تبنيناها من أجلِ جسرِ الهوات وبلوغِ نقطةِ الالتقاء. إن النهج العملي الذي انتهجته البلدية من أجلِ إطفاء نار الفتنة، كانت له نتائجُ إيجابيةُ ملموسة. لقد انشغل الشفاعمريون بهموم الحياة وغفلوا عن مسائلَ مصيريةٍ تتعلق بشبابنا، حتى بلغنا ما بلغناه، من هنا فإنني أعلن أمامَ الجميع أن الشبابَ سيوضعون في أعلى سلم اهتمامات البلدية، وسنصلحُ كلَّ ما غاب عنا، والأيامُ كفيلةٌ بإثباتِ صدقِ نوايانا التي ستترجم إلى خطواتٍ عمليةٍ في المستقبلِ القريب جدا. حيث سنخلُقُ أطراً شبابية هادفة ولن نغفل عن هموم أبنائِنا، وبالنسبة لموضوعِ التعويضات فكونوا على ثقةٍ أن البلديةَ ستأخذُ دورَها على نحوٍ يرضي الجميع. واختتم ناهض خازم كلمته بعبرات مؤثرة حيث قال"شفاعمرو أسطوريةٌ أيها الإخوة، أسطوريةٌ في تكافلها، أسطوريةٌ في تسامحها، أسطوريةٌ في عزتها، أسطوريةٌ في رجالها."
وكانت الكلمة الختامية لسيادة المطران إلياس شقور ، الذي قال: "اننا نعتز بكم ونفتخر بوجودكم ونرفع الشكر لله تعالى ألذي أوثصلنا لهذه المرحلة من تاريخ شعبنا ومدينتنا شفاعمرو. القديس أغسطينوس عندما أراد أن يشكر الله على الخلاص للسيد المسيح صرخ قائلا: يا لك من خطيئة مباركة سببت لنا أن يأتي المسيح ليفتدينا، واليوم نقول بارك الله في أولئك الشباب الذين انفلتت أيديهم وسببوا هزة كبيرة لشفاعمرو الآمنة ولولاهم لما اجتمعنا اليوم. لكن هذا يحدث لمرة ولا يجوز أن يحدث مرارا."
واستذكر سيادته زيارات الشيخ موفق طريف بصحبة الوزير السابق صالح طريف له وما توصلوا له من خطوات ودعوة للمحبة التي "لا نسمح أن يعرها انسان مهما آمن بالغطرسة والسلاح" كم قال وتابع " كنت أود أن أرى بعض الوجوه حاضرة هنا، لكنها غابت وتغيبت أتركها لكم أيها المشايخ لتحاسبوها، بالتي هي أحسن." وهتف سيادته "بأن لقاءنا هذا لقاء المنتصرين على الشر، لا يوجد رابح- خاسر، بل رابح- رابح."
وتطرق سيادة المطران لما أعلنه رئيس البلدية عن التعويضات معلقا "عندما تتقارب القلوب تفتح الجيوب." وأضاف بالنسبة لنا فإن أفضل تعويض هو زيارة بني معروف إلى كنيستنا، أما التعويضات المادية فهي أمر تافه. ودعا الى عدم الحديث عن الماضي وفق أسلوب الدواوين لأن ذلك ليس من شيم الرجال أو أصالة الكرام.
وحيى سيادته في ختام كلمته بحرارة وأثنى على جهود الأب اندراوس بحوث، راعي الكنيسة المحلية الذي عمل بكل اخلاص ومحبة في هذه القضية.
بعد ذلك توجه وفد كبير من الطائفة المسيحية، برئاسة المطران إلياس شقور ورجال الدين المسيحيين الآباء: اندراوس بحوث، صموئيل زايد، بسام الدير، أثناسيوس حداد والقس فؤاد داغر ورئيس الهستدروت في شفاعمرو والجليل، حسيب عبود وأعضاء البلدية: نسيم جروس، نزار الياس وزهير كركبي والقائم بأعمال رئيس البلدية، جريس حنا وأعضاء المجالس الرعوية ورجالات الطائفة المسيحية إلى بيت الطائفة الدرزية وهناك كان في استقبالهم حشد كبير من أبناء الطائفة الدرزية وقيادتها وعلى رأسهم الشيخ موفق طريف وبعد الاستقبال ألقيت عدة لمات تولى العرافه خلالها المحامي سليمان سلامة والذي أكد في كلمته الافتتاحية على ضرورة العمل على ترسيخ الوحدة الشفاعمرية.
ورحب الشيخ يوسف أبو عبيد، إمام الطائفة الدرزية في شفاعمرو بالجميع وقال إن الشفاعمريين مثل أوراق الشجر ينمون في اتجاهات مختلفة ولكن جذورهم موحدة. وأضاف "إن غمامة الصيف التي خيمت على شفاعمرو قد ولت من غير رجعة وبقيت شفاعمرو عريقة وثابتة."
ثم تحدث المطران إلياس شقور وقال إننا الآن في بيت الشعب ونحن من الشعب إذن نحن في بيتنا، ثم سرد أمام الجميع أسطورة مراكشية تتحدث عن أشجار بدأت بالتلاطم جراء عاصفة هوجاء فحضر غريب إلى المكان وتساءل ما بال الشجرات تتناحر فردت عليه إحدى الشجرات بقولها:"يا غريب اخرج من هنا سوف ترانا كما كنا فور انتهاء العاصفة."
ثم تحدث الشيخ أحمد عبد الوهاب حسن، إمام مسجد عمرو بن العاص فقال:"نلتقي على كلمة واحدة وهي كلمة المحبة. إن هذا اليوم يأتي قبيل عيد الأضحى المبارك الذي يوحد القلوب، ونحن قد تعودنا أن نأتي إلى هنا في الأعياد، واليوم هو عيد لشفاعمرو التي نفتخر بها ونعتز، بلد المحبة وبلد التآخي. إن أعظم ما يميز الإنسان المؤمن هو نقاء القلب، والإنسان المؤمن هو صاحب القلب الخالي من الكراهية. لقد رفعنا جميعاً شعار "الصلح خير" فنبارك كل صلح على شفاعمرو."
ثم جاءت كلمة الرئيس ناهض خازم فأكد على دور رجال شفاعمرو في حفظ الأمانات وأكد على دور المعروفيين في بناء شفاعمرو وقال:" إن شفاعرو اليوم تثبت للقاصي والداني أنها حصينة، ثابتة، ذات سعة أفق ومودة طيبة، وغيرة صلبة. ومهما اشتدت الأمور علينا نثبت أننا شفاعمريون، ومهما اتسعت دائرة الفتنة بيننا نثبت أننا شفاعمريون. شفاعمرو ليست مدينة فحسب، شفاعمرو قيمة جميلة غرست في أرواحنا واستوطنت في قلوبنا واجتاحت كياننا."
كما تحدث الوزير السابق صالح طريف، فأكد على أهمية المصالحة والتسامح وأكد أن لشفاعمرو دور مركزي في الوسط العربي علينا جميعاً أن نحافظ عليه. وتلاه عضو الكنيست محمد بركة فشدد على أهمية غرس روح التسامح والمحبة وتقبل الآخر في كل بيوت الشفاعمريين، وأكد أن سلامة العباد أهم من سلامة المعابد.
واختتم الاحتفال الشيخ موفق طريف مؤكداً على الإنجاز الكبير الذي تم بفضل تضافر الجهود، ودعا إلى ترسيخ روح الوحدة واستثمار كل ما تحقق في هذا اليوم.

1
.
صبحي حلف
21/11/2009
مبروك لشاعمرو هذه هي شفاعمرو التي اعرفها والتي عشت ،درست وترعرعت بها