[x] اغلاق
القدس ضحية إهمال فلسطيني رسمي وتخاذل عربي ودولي
18/1/2018 10:18

القدس ضحية إهمال  فلسطيني رسمي وتخاذل عربي ودولي

الإعلامي أحمد حازم

أعرف القائد الفلسطيني الراحل صلاح خلف (أبو أياد) منذ سنوات طويلة، والتقيته خلال عملي الصحفي أكثر من مرة في عواصم عربية وأوروبية. كان الراحل يلقب بالرجل الثاني في قيادة حركة فتح، كما كان يعتبر ابرز اعضاء اللجنة المركزية للحركة، وأكثرهم قدرة على اتخاذ القرارات الجريئة، وكان أبو اياد كما يقول التاريخ، أحد أهم منظري الفكر الثوري لحركة فتح، حتى انه لقب بــ "تروتسكي فلسطين"، لقدرته الفائقة على صياغة التوجهات والاستراتيجيات.

وقد وقع بين يدي مؤخراً فيديو للراحل أبو أياد يقول فيه بالحرف الواحد: " مين هالحمار  بهالدنيا بفاوض، برمي سلاحو وبروح يفاوض، إلاّ الذي يريد أن يخدم أعداءه، يا ترى إحنا بإيدنا منوقف الإنتفاضة؟ سلاح الإنتفاضة هو أقوى سلاح بإيدينا؟

وما دام الشيء بالشيء يذكر، فلا بد من إعادة ما قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) عن المقاومة والتفاوض، بمعنى موقف  أبو مازن مما جاء على لسان الراحل أبو أياد، وأيضاً من خلال فيديو للرئيس الفلسطيني: "أنا ضد المقاومة، أنا ضد المقاومة علنا بحكي، ،سأستمر في منع العمل العسكري وأنا ضد الكفاح المسلح وضد العمليات الانتحارية وأنا ضد الإنتفاضة، أنا سأستمر في المفاوضات"

في الوقت الذي تقوم فيه الكنيست بالتصديق بالقراءة الأولى على قانون إعدام الفلسطينيين, وفي الوقت الذي يقوم فيه حزب الليكود بالتصويت بالإجماع على قرار ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل, وتوافق فيه الكنيست على سن القرارات الأكثر عنصرية في تاريخها, والموافقة على إنشاء مليون وحدة سكنية جديدة في المستوطنات حتى عام 2025, وتقوم بفصل أحياء بكاملها عن القدس في سبيل تهويدها، لم نسمع أي موقف جريء من عباس ولا أي تصريح بخصوص وقف التنسيق الأمني  وكل العلاقات مع إسرائيل.

حتى على الصعيد الشعبي الفلسطيني ، لم نشهد فعلياً كما قيل، انتفاضة فلسطينية، وكل ما شاهدناه هو مجرد تحركات للتنفيس عن حالة غضب، وعلى الصعيدين العربي والإسلامي لم يختلف الأمر نهائيا، فكافة التحركات لم تكن بالحجم الذي قد ينجم عنه  تغيير مواقف. فالعالم الإسلامي كعادته في غفوة أشبه بنومة أهل الكهف، والعالم العربي  يشهد صراعات محلية على الحكم  ولا يستطيع الحراك بشكل جدي، ناهيك عن استسلام غالبية دوله للإدارة الأمريكية،

حزب الليكود الحاكم بزعامة بنيامين نتنياهو، تبنى خلال مؤتمره الأخير وبالأغلبية الساحقة، قراراً ينص على فرض السيادة على الضفة الغربية بما فيها القدس، بمعنى ضمها لإسرائيل رسميا، وقراراً أُطلق عليه قانون “القدس الموَّحدة”، بهدف وضع عراقيل أمام أية فرصة قد تؤدي إلى تقسيم المدينة، أو التخلي عن أي جزء منها، وذلك باشتراط موافقة ثلثي أعضاء الكنيست. وأمام هذه التطورات لم نسمع عن إجراءات مواجهة لذلك من قبل السلطة الفلسطينية أو من الدول العربية أو حتى من الدول الإسلامية . إن كل ما صدر عن السلطة الفلسطينية لا يتجاوز “الذهاب للمحاكم الدولية، والانضمام إلى المنظمات الدولية”، ولا يتجاوز اللجوء للأمم المتحدة، التي هي نفسها أصدرت قرارات ضد إسرائيل ولم ينفذ منها أي قرار.

الصحفي الأمريكي المعروف"مايكل وولف" تحدث في كتابه "نار وغضب: داخل بيت ترامب الأبيض"، الذي أثار عاصفة سياسية في الولايات المتحدة، عن تفاصيل برنامج خطة حل "الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي" وضعها ستيفن كيفين بانون، الذي كان يتولى رئاسة المكتب الانتخابي لــ ترامب خلال حملته للانتخابات الرئاسية الأمريكية، وشغل منصب كبير مستشاري الرئيس الأمريكي  للشؤون الاستراتيجية، وأدخله ترامب مجلس الأمن القومي في كانون الثاني/يناير 2017، ثم عزله من منصبه هناك في نيسان/أبريل من نفس العام

يذكر وولف في كتابه كيف أن بانون تحدث عن خطته لحل "الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي" مشيراً إلى أن هذه الخطة "ستحدث أكبر اختراق في التاريخ على صعيد المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية"، وأن ترامب"سيغير اللعبة بشكل كبير وغير مسبوق"، ويضيف مايكل وولف نقلاً عن ستيفن بانون أن ترامب قال له: "في اليوم الأول نقوم بنقل السفارة إلى القدس "تنفيذاً لقرار اعتبار المدينة عاصمة لإسرائيل"، كما أن بانون اقترح على نرامب تسليم مقاليد الحكم في الضفة الغربية إلى الحكومة الأردنية وجعل الأردن يغرق في الضفة الغربية، وإعطاء قطاع غزة لمصر”،

القدس هي ضحية إهمال  فلسطيني رسمي وتخاذل عربي ودولي، ولطالما بقيت ردود الفعل العربية والإسلامية والفلسطينية على حالها بالنسبة لقضية القدس، فإن ترامب سيستمر في اتخاذ قرارات أخرى والحبل على الجرار.