[x] اغلاق
عُــذرًا أَيُّــها الحُــب
24/1/2018 11:55
عُــذرًا أَيُّــها الحُــب

بقلم: مارون سامي عزّام

أيها الحب لقد شطبتُ اسمها من مسودّة يومياتي، التي خربشْتُها بأسماء فتيات عابثات، كان هذا في زمن الغليان الشّبابي، وتلك الفتاة التي غلّفت شبابها بغلاف العنوسة، تتوهّم إلى يومنا هذا، أنّي أحاول اقتحام حديقة حياتها مجدّدًا، لأحتل بقعةً من تفكيرها، هذا غير وارد! لأنّي بنظرها قرصان لياليها المرعب، الذي يخطف منها عناقيد النعاس، المتدلّية من دالِيَة جفونها، التي تساقط عنها عِنَب السَّهَر، لتظلّ صاحية إلى أن يستيقظ فجر النشاط النّدي، اعذرني... أنا لا أبغي الاقتراب منها... لا تدفعني نحو تأمّل صالة جمالها الوهميّة. 

الآن... لدي الجرأة أن أعترف أمامك أيها الحب، وبعد أن أنزَلَ الماضي تلك الفترة إلى أعماق وادي ذكرياتي، ولم يبقَ فيه إلاّ حصى الذِّكرى، أنّي أدركت مُسبقًا أنها سترفض عرضي، لذلك تراجعتُ عن البوح لها بإعجابي، لعلّ الجانب المضيء من عقليّتي نبّهني حينها إلى أمر استبعدته تمامًا، أنها ستتركني عند مُصلّب الأعذار الذي سيتشعَّب منه دروب نفوري وخيبتي وفشلي...

... لذا تركتَني أيُّها الحب أصارع عقليّتي التقليديّة، على حقّي أن أحبّ حسب مفهومي البسيط، لماذا أرَدتَ أن تلقي بي في خندق التجربة عمدًا؟!، ألتمتحن إرادتي؟!، ولكن حنكتي في أمور الفتيات، منعَتني من الإذعان لكَ حينها، لقد حاولتَ خداعي، عُذرًا إذا تماديتُ قليلاً على جبروتكَ. آنذاك تملّكني شعور أنّك كنتَ غامضًا معي، لم تُشاطرني رأيكَ بتصرّفات تلك الفتاة، لم أنسَ إلى اليوم محاولة نظراتها إفشال فاعليّة مناعتي ضد أنوثتها الممغنِطة... أيُّها الحب إنّي أكشف أمامكَ اليوم أوراقي العشقيّة السريّة في هذا التّوقيت، لأنَّه سَرَى عليها التّقادُم العُمري، وفقدت صلاحيّتها. 

عُذرًا منكَ مرة أخرى أيّها الحب، إذ رفضتُ طلبكَ، بأن أوجّه اليوم بوصلة اهتمامي باتجاهها، أنا لم أعُد ذلك السّاعاتي الماهر، الذي سيُصلّح مُنبّهها، ليوقظها من رقدة تغافلها عنّي، لقد أودَعتُ شكلها المميّز في خزانة النّسيان المقفلة بقفل عنادي. لن تُبهرني ثانيةً أنوار اللحظات، التي سيمسّها حالة من التّوتُّر، بل ابتَعَدْتُ عنّها، لدرجة أنّي مزّقت كتاب الأيّام الماضية، وتطايرت أوراقه مع رياح المراهَقة، ولم أحتفِظ بنسخةٍ منه!!

أيها الحب القاضي العادل بحكمكَ، اعذرني، لقد أطفأتُ قناديل ندمي... والآن بعد مرور كل هذه السّنين، لم يعُد يُجدي أي عتاب، لقد انتهى الأمر، عند هذا الحد، لأنّ العِتاب بالنسبة لي هو موسم القَهر. أخبِرني الآن هل قبلتَ عذري أيها الحب؟، أرجوكَ لا تُدخلني في متاهة تأنيب الضَمير... لأنّي لو صارحتها، لجَعَلَتني عابر سبيل على دربها، المرصوف بالاستهتار والاستكبار.

إنّك تجهل أيُّها الحب أنها إلى الآن تخال نفسها سندريلا العصر، لتعود مسرعةً إلى مقصورة عمرها الحقيقي، فتُعرّي عن ملامحها مساحيق الصّبا، خوفًا من أن تفضحها جنيّة تعاستها، ما زالت تهذي أن الشبان ما زالوا يلاحقونها، ليقدّموا لها كؤوس إعجابهم، وأنا الشّخص الوحيد الذي يسير في درب الحياد، بعيدًا عن ضوضاء معجبيها... فعُذرًا أيّها الحب إذا خرَقتُ الاتفاق الأزلي الذي بيننا.