[x] اغلاق
قراءة في تقاسم الدورين الأميركي والروسي وفي اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني
25/1/2018 8:33

قراءة في تقاسم الدورين الأميركي والروسي  وفي اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني

الإعلامي أحمد حازم

الصحفي المصري الراحل محمد حسنين هيكل المعروف على الصعيدين العربي والعالمي، قال ذات يوم:" اننا نعيش العصر الاميركي". وبالرغم من أن هيكل كان ينقل صورة لواقع حقيقي في تعبيره، لكنه من جهة ثانية اراد من خلال رأيه توجيه رسالة للحكام العرب مفادها  الإنتباه لكيفية التعامل السياسي في المنطقة وما يجري  فيها وحولها.

ويبدو أن ما قاله هيكل منذ سنوات يطبق في أيامنا هذه، لأننا نعيش عصر غطرسة وهيمنة أمريكية رسمية إضافية، منذ مجيء الأمريكي الجاهل في السياسة دونالد ترامب إلى الحكم، والعالم ينظر ولا يفعل شيئاً وكأن الإدارة الأمريكية بزعامة ترامب هي صاحبة القرار الفصل في هذا العالم، بمعنى أن ترامب يتخذ القرار الذي يناسب  المصلحة الأمريكية والإسرائيلية غير مبال بردود فعل العالم ولا سيما الدول الكبرى الأخرى ولا سيما الأوروبية. وإلا كيف نفسر  السكوت من جانب روسيا وأوروبا على قرار ترامب اعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، علماً بأن روسيا (محسوبة) على العرب كونها ــــ كما يقول حلفاؤها ــــ داعم رئيس للشعب العربي عامة والفلسطيني خاصة.

لكن ما تبين في حقيقة الأمر هو أن المصالح السياسية هي التي تقرر نوعية العلاقة إذ أن العلاقة الروسية السورية، على سبيل المثال، تبدو وكأها علاقة صداقة ثابتة، لكنها في الواقع هي علاقة مصالح، والمصلحة الروسية تقتضي من روسيا الدفاع عن سوريا والوقوف إلى جانبها، وذلك بهدف احتفاظ  موسكو بقواعد عسكرية في سوريا التي تعتبر  مركزاً استراتيجيا عسكريا مهماً في المنطقة، وبالتالي توجيه رسالة إلى واشنطن مفادها أن روسيا لها الحق في أخذ حصتها من كعكة الشرق الأوسط ، حيث يبدو أن التقاسم ـــ أي تقاسم الأدوار ـــ أمر متفق عليه، والسكوت الروسي على قرار ترامب خير دليل على ذلك.     

نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، الذي يعتبر احد اكثر المسؤولين الأمريكيين تطرفا في إدارة ترامب ضد حقوق الشعب الفلسطيني، زار إسرئيل مؤخراً وألقى خطابا في الكنيست اعتبره مراقبون سياسيون بأنه ضربة قوية للعرب وصفعة جديدة أخرى للسلام، إذ أكد بصورة لا تقبل الشك لنواب الكنيست على أمرين مهمين وهما: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأن واشنطن ستنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس بنهاية 2019،  وهذا يعني أن القدس تم إبعادها نهائياً عن طاولة المفاوضات.

مايك بنس أفهم الأوروبيين بكل وضوح أن واشنطن هي صاحبة القرار في الشرق الأوسط وليس أوروبا خصوصا فيما يتعلق بالقدس، وهذا الموقف يأتي رداً على فيدريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، والتي صرحت بأن الاتحاد يدعم تطلع الفلسطينيين لأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية. لكن موغيريني ومن جهة ثانية طلبت من الفلسطينيين التريث في اتخاذ أي قرار متسرع بالنسبة لأمريكا، وهذا يعني أن أوروبا لن تدخل في صراع سياسي مع واشنطن بسبب القدس.

الموقف الفلسطيني الرسمي، الذي ظهر في ختام اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الذي جرى تحت شعار"القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين"  وهو الاسم الذي أطلقه المجلس على دورته العادية الثامنة والعشرين، هو في حقيقة الأمر موقف اللا موقف، ولم يتحاوز الكلام سقف تعليق الاعتراف بإسرائيل وليس إلغائه. وحتى هذا الكلام لم يتم الإعلان بعد عن تنفيذه، لأن هذا الأمر من اختصاص اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولها حق في تنفيذه عندما ترى الوقت المناسب لذلك، إن هي نفَّذت.

القانوني الفلسطيني المعروف الدكتور أنيس القاسم، الإختصاصي والمرجع في القانون الدولي،  يرى أن تعليق الإعتراف بإسرائيل هو “نظري لا قيمة قانونية له، ذلك أن الاعتراف عندما يصدر لا يمكن سحبه”. إن قرار عدم الإعتراف بإسرائيل أطلق عليه مراقبون سياسيون "قرار فك الارتباط الهش" بين الفلسطينيين وإسرائيل، متسائلين عن الذي سيعود عليه هذا القرار بالفائدة اسرائيل أم الفلسطينيين؟ لكن محللين سياسيين آخرين يرون "ان قرار سحب الاعتراف سيزيد على الحكومات الإسرائيلية المقبلة أعباء اضافية تتعلق بالأمن وأحكامه داخل اسرائيل".

أبو مازن أبلغ المؤتمرين بالحرف الواحد: "إن إسرائيل أنهت اتفاقية أوسلو، وإن السلطة أصبحت بلا سلطة ونحن لا نريد صفقة العصر.” وما قاله أبو مازن يعني بكل بساطة، نعياً للتسوية والمفاوضات، لكن عباس تصرف بشكل آخر وظل متمسكاً بخيار المفاوضات رغم كل ما جرى. فإذا كانت القدس والحدود والعودة خارج إطار المفاوضات فعن أي مفاوضات يتحدث أبو مازن؟