[x] اغلاق
دونالد ترامب ... رئيس أمريكي متهور يستهدف القضاء على مشروع الدولة الفلسطينية
1/3/2018 8:06

دونالد ترامب ... رئيس أمريكي متهور يستهدف القضاء على مشروع الدولة الفلسطينية

الإعلامي أحمد حازم

يقولون في عالم السياسة العربية ان كل رئيس أمريكي يصنف بأنه أحسن من الذي يخلفه. وهذه مقولة أسمعها منذ كنت صغيراً وحتى عندما كبرت سمعتها مراراً، لكني لم أسمع عن سبب هذه المقولة. وفي حقيقة الأمر أن كافة الرؤساء الأمريكيين لهم قاسم مشترك وهو: الولاء لإسرائيل لأن الصهيونية العالمية تتمتع بنفوذ كبير في عملية اختيار أي رئيس أمريكي وأيضا الماسونية العالمية لها أيضاً تأثير. ومن المستحيل أن يترشح أمريكي لمنصب الرئاسة إذا لم يكن منحازاً لإسرائيل وإذا لم تكن الماسونية راضية عنه. وهذا يعني بل يدحض المقولة العربية الأنفة الذكر. فما دام الرئيس منحاز سلفاً للسياسة الإسرائيلية فكل الرؤساء الأمريكيين لا يختلفون عن بعضهم البعض فيما يتعلق بإسرائيل. ولذلك أستغرب كيف يصنف العرب رئيسا أمريكيا بأنه جيد ما دام خطه السياسي العام  هو دعم إسرائيل دعماً مطلقاً.

هنا، لا بد من الإشارة إلى وجود حالة إستثنائية فيما يتعلق بالرؤساء الأمريكيين السابقين. فالرئيس الأمريكي الأسبق جون كنيدي، الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة في العشرين من شهر كانون الثاني/ يناير عام 1961 ولغاية اغتياله في التاني والعشرين من تشرين الثاني /نوفمبر عام 1963 يبدو أنه كان في منتهى الذكاء فتظاهر كما يستدل من كافة التحليلات، بأنه خير نصير لإسرائيل وبأنه ماسوني من الدرجة الأولى. لكن ممارساته في السنتين الأوليتين من ولايته كانت عكس ذلك.

المواطن الأمريكي هارفارد أزوالد كان المتهم الرئيسي في عملية الاغتيال، لكن هذا المتهم تم قتله فيما بعد على يد رجل يهودي، الذي توفي هو أيضاً  قبل محاكمته في ظروف غريبة.  المجتمع الأمريكي في ذلك الوقت كان يتحدث مشتبه بهم في اغتيال كينيدي،  ومن بينهم الحركات السرية كالماسونية وغيرها التي حاول كينيدي الحد من انتشارها وتخفيف، تأثيرها في المجتمع الأمريكي. كذلك رأى البعض ان معارضة جون كينيدي للمشروع النووي الإسرائيلي ومحاولته ارسالة فرق تفتيش للمشروع  كان سببا في التخطيط لإقصاء كندي عن  المشهد السياسي الأمريكي حتى لو بالقتل. وهذا ما حصل.

الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب وهو الرئيس رقم 58 للولايات المتحدة هو الوحيد الذي أعلن الولاء التام لإسرائيل قولاً وفعلاً وبسرعة لا مثيل لها. فبعد فترة قصيرة نسبيا على انتخابه رئيساً للولايات المتحدة قدم خدمة لإسرائيل لم يقدمه أي رئيس أمريكي آخر. فقد أعلن في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي عن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل وأعلن أيضاً عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس باعتبارها «العاصمة الموحدة» لإسرائيل ، الأمر الذي يتناقض مع جميع القرارات والشرائع الدولية. ويأتي القرار في وقت يناضل الفلسطينيون من أجل إقامة دولة فلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة واعتبار القدس الشرقية المحتلة عاصمة لهذه الدولة،

واستمرت الإدارة الأمريكية الحالية في إعلان الولاء لإسرائيل والإستخفاف بالشعور العربي  بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص. فقد أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر ناورت، أن مقر السفارة الأمريكية في إسرائيل سينقل رسميا من تل أبيب إلى القدس بالتزامن مع الذكرى السبعين لقيام إسرائيل أي في الرابع عشر من أيار/مايو المقبل. ولا شك في أن اختيار الإدارة الأمريكية لهذا الموعد هو طعنة في الظهر الفلسطيني لأنه يمثل مرحلة دموية مأساوية في التاريخ الفلسطيني. ففي هذا التاريخ عام 1948 تم الإعلان عن قيام إسرائيل على الأرض الفلسطينية وبدأت مرحلة تشريد الشعب الفلسطيني في دول الجوار.

يرى بعض المحللين السياسيين أن توقيت نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب إلى القدس هو هدية تاريخية أمريكية تثبت إخلاص الإدارة الأمريكية لإسرائيل، وأن ترامب أراد أن تكون مشاركته في احتفال سبعينية قيام إسرائيل مشاركة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل،

ترامب يعرف تماماً بوجود قرارات دولية تدين سلوكيات إسرائيل وسياستها العدوانية في الأراضي الفلسطينية التي احتلت بعد عدوان الخامس من حزيران/يونيو عام 1967، وفي مقدمتها القدس الشرقية ومع ذلك أقدم الرئيس الأمريكي على اتخاذ قراره المخالف للشرعية الدولية، لا سيما وأن الأمم المتحدة تعترف بأن القدس مدينة محتلة إسرائيلياً. إن إصرار ترامب على التمسك بقراره ليس له سوى تفسير واحد وواضح وهو العداء للشعب الفلسطيني وحرمانه من إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.