[x] اغلاق
فوضى في الجامعة – مساء ممتع لعمل ظريف
12/3/2018 8:33

فوضى في الجامعة – مساء ممتع لعمل ظريف

جدعون ليفي ترجمة: أمين خير الدين

    الاحتلال  ضَجِر وهذا بائن؛ ضجر حتى الموت. لا يوجد كثير من الإرهاب، باستثناء هجمات أفراد وبنات مع مقصّات. والحواجز الفجائية، "سلطة المنطقة" والاقتحامات الليلية على القرى من أجل التدريب وكسر الروتين ليست ممّا يبدد الملل.

   يبثون في التلفزيون مسلسلا عن عمل المستعربين- يجلس المستعربون الحقيقيون في قواعدهم العسكرية، لا أقول في بيوتهم. في يوم سعيد يخرجون لعمل جريء خلف خطوط الأعداء: يندمجون في مظاهرات الحجارة التي يقوم بها طلاب المدارس ويعتقلون اثنين من حَمَلَة المقاليع الصغير (النُقّيفه - المترجم). وبهذا ليس هناك ما يعرضونه في البيت للأهل أو للمجتمع، ليست هناك أعمال بطوليّة، أو نشاط، مملٌّ. ماذا سنفعل مع وحدات النُخْبَة التي أقمناها؟ وكيف سنحصل من أجلهم على ميزانيّات وعلى تقدير عالمي؟

    "الفوضى تحصد نجاحا". هكذا يرغب الإسرائيليون برؤية أبطالهم اليهود العرب. نحتاج للفوضى في الحياة، لماذا لا نقوم بالفوضى في الجامعة؟  حَسْبَما، حَسْبَما، حسبَمَا (عصابة أولاد سريّة تفلح بإنجاز أعمال يفشل الكبار في إنجازها –المترجم)، تنطلق القوة المُتنكِّرة مع الفجر. محاربو الوحدة الخاصة في حرس الحدود (بالعبرية يمام – المترجم)، مزوّدون بكاميرات أخبار التلفزيون، بطريقهم للقيام بعمليّة عسكريّة.  ساحتها: جامعة بير زيت، "عِشّ دبابير لحماس"،  كما يلقنون المحاربين. الهدف: رئيس مجلس الطلاب، عمر كسواني، "كبير المخربين"  طبعا كما شرح لهم منسّق المناطق التابع للمخابرات العامة [الشاباك] في تعليماته لمقاولي التنفيذ، جنود شرطة هذه الوحدة الخاصة، الأبطال على الطلاّب.

    أُنْجِزت المهمّة بسرعة. نجاح باهر. الهيكل معنا والآن معنا كسواني أيضا. سُحِب زعيم الطلبة بعُنْف وبتهديد بالمسدّس في دروب الحرم الجامعي المُعْتنى به  والعصري في بير زيت، وأمام الطلاب المذهولين. في الحرب على الإرهاب، كما تعرفون،  كلّ شيء مسموح. أيضا اختراق الأعراف غير المكتوبة والتي تمنع  دخول الجنود أو الشرطة إلى الحرم الجامعي، أنه لمن السخرية  ذكر ذلك.

   في اليوم التالي لم تعقد الدراسة في جامعة بير زيت، وقد تدثرت بصدمتها وكراهيّتها المُحقّة لمن اقترف ذلك. وطبعا لم تعلق أية جامعة إسرائيلية على ذلك، ما للجنة رؤساء الجامعات ولما جرى في بير زيت؟  ما لرئيس الجامعة، ما للعمداء ولأساتذة الجامعات الكبار ما لهم وللإخلال بالحرية الأكاديميّة؟ لديهم برامج أكاديمية خاصة لمَن يقترف ذلك. حتى ولا صاحب مصلحة طلابية فتح فمه احتجاجا على اختطاف زميل له. كلّهم مشغولون بالإعداد لاحتفالات يوم الاستقلال.  

  الآن يخضع كسواني للتحقيق من قبل الشاباك. غنيمة كهذه لم تتوفر لهم منذ زمن   طويل. حاولوا القبض عليه مرتين وها هو الحظ الكبير يواتيهم.، قد يثبت لهم أنه حرّض، وربما دعا للعصيان، من المؤكّد أنه لا يحب الاحتلال، وهذا أمر خطير بحد ذاته،  وربما لن يكلّفوا أنفسهم فيرسلونه إلى معتقل إداري بدون محاكمة.  

      والسلطة الفلسطينية اعتقلته مرّة أيضا، لأنه قاد مظاهرة ضدّها. الآن تعتقله الديمقراطيّة الإسرائيلية، باتهامات مماثلة. كسواني مُعْتَقَل سياسي، ينضم لمئات المعتقلين السياسيين في سجون الدولة الديمقراطيّة الوحيدة. الإعلاميون العسكريون يعرفون كيف يدبلجون تفاصيل الخطر الذي مُنِع قبل وقوعه. كسواني  حماسنيك، لا جدال على ذلك. طبعا سيكون بديله من البيت اليهودي في بير زيت.

      حاليا العملية تشكّل خطرا على كل إعلامي إسرائيلي يقتترب من الأرض المحتلة. إدعاءات الشرطة بأن المستعربين لم يظهروا بزيّ مراسلين تقابَل  بشهادات الطلاب، وقد شاهدهم الطلاب مع كاميرات ومايكروفونات، يُقدّمون أنفسَهم كصحفيين. 

   ربما بعد هذه العمليّة انتسب الف طالب لحماس. لن ينْسَوْا كيف جُرّ زعيمهم من داخل الجامعة. كانت هذه عملية اختطاف، ككل عماليات الاختطاف التي ينفذها جيش الدفاع الإسرائيلي، والشاباك وحرس الحدودد. في المساء ذاب الإسرائيليون من مناظر البطولة. تمتّعوا "بالفوضى" مرّتَيْن، بعملية واحد + واحد.

   ما أحقر النظام الذي يخطف طالبا جامعيّا من الحرم الجامعي وكم هو طاغٍ. ولكن الحقارة الحقيقية تكمن في ردّ فعل المجتمع الإسرائيلي وخاصة الأكاديمي: كل ما هنالك أمسية ممتعة مع نشاط ظريف.