[x] اغلاق
نتنياهو سوبرمان الأمن!!
15/3/2018 8:56

نتنياهو سوبرمان الأمن!!

بقلم: مارون سامي عزّام

الجيش الإسرائيلي ما زال يكتشف وجود أنفاق هجوميّة تحت الأرض، يدّعي أنها اخترقت الخط الأخضر، يهدمها بكل تقنيات التفجير المتطوّرة جدًّا، ليصُد عن المستوطنات الهجمات الإرهابية. داخليًّا، اليمين يعتبر نتنياهو باني الدّرع الواقي لحماية هيبة الاستيطان الذي يشرعنه دون رادع أمريكي... أمّا خارجيًّا، فهو يسوّقه على أنه سوبرمان الأمن، لكي ينقذ العالم من إيران، التي يعتبرها نتنياهو محور الشّر المتمركّز اليوم في سوريّا، تريد أن تزيد من سرعة طاحونَيّ التّوتّر على الجبهتَين السّوريّة واللبنانيّة، لتُشعلا احتكاكًا عسكريًّا مع إسرائيل.

لقد أصبح التعسُّف السياسي الأمريكي جزءًا من السياسة الدّوليّة الرّسميّة للإدارة الحالية التي يسودها الفوضى، أمريكا في عهد ترامب، باتت منعزلة سياسيًّا عن الشّرق الأوسط، لم تعُد راعية لعملية السلام، إرضاءً لافتراءات إسرائيل المعادية للتّفاوض، وتماشيًا مع الأجندة الأمنية المستَعجَلَة لنتنياهو، ومن جهة أخرى استطاع سوبرمان الأمن، والمتجبّر بالشعب الفلسطيني نتنياهو، أن يقنع حليفه الأمريكي الأهوج ترامب، الذي انجرّ الأخير وراءه، بأن يصبّ جلّ تركيز سياسته الخارجيّة، على الملف الإيراني، الأهم دوليًّا!! وفي أعلى سُلّم اهتمامات نتنياهو!!     

اليوم عندما يسافر نتنياهو إلى أمريكا، يشعر بارتياح كبير، لأنه وصل إلى منتجع دونالد داك... عفوًا دونالد ترامب، المزوِّد لكافّة الخدمات السياسيّة التي لم تكن متوفرة في عهد أوباما، منتجع خالٍ من أي ضغوطات سياسية... تتوفّر فيه الوسائل الدّبلوماسيّة المريحة، للدّفاع عن أعمال إسرائيل، بوجود الحاضنة الأمميّة الأمريكيّة نيكي هيلي. خلال زيارة نتنياهو الأخيرة لبلاد استغلال الفرَص، قام بعرقلة آليّات إعادة إطلاق عمليّة السّلام، أخذ تعهّدًا من ترامب بأن ينسحب قريبًا من الاتفاق النّووي الإيراني، "السيء"، تمهيدًا لضرب إيران، القريبة من الحدود مع إسرائيل! أي بكل بساطة، جعلَ نتنياهو من هذه الدولة العظمى التي تُسمّى أمريكا، مجرد دولة تَبَعِيّة لإسرائيل، التي تعمل لصيانة مصلحتها العليا!!

من جهة ثانية جعل نتنياهو الشّعب الإسرائيلي يعيش في دوّامة من التّوتّر الأمني، من خلال إصراره اليومي في جميع المحافل الدوليّة والإسرائيليّة، على وجود تهديدٍ أمني كارثي فارسي، يُهدّد وجود إسرائيل. رفض سوبرمان الأمن جميع التقديرات الأمنية السّابقة والأخيرة، بأن إيران لا تُشكلُ خطرًا على إسرائيل، وكل ما يُقال من تصريحات إيرانية حول نيّتها بإزالة إسرائيل من الوجود، غير حقيقيّة بالمرّة، ولا أساس لها من الصحّة، بتأكيد من دان مريدور، عندما كان وزيرًا للشّؤون الاستخباراتيّة، في عهد حكومة نتنياهو الثالثة، عام 2009.

التهديد الحقيقي لأمن إسرائيل يا سوبرمان الأمن، يكمن باستمرار حصار غزّة، ومنع المواد الغذائيّة والاستهلاكيّة عن السكّان... يكمن بتقليص عدد العمّال الفلسطينيين المسموح لهم بدخول إسرائيل... يكمن بإذلال المرضى على الحواجز والتنكيل بهم يوميًّا والاعتقالات الليليّة المتكرّرة، كل هذه الأمور تُنذِر بحدوث انتفاضة ثالثة، ستتحمّل إسرائيل مسئوليّتها.

قبل أن يكون نتنياهو سوبرمان الأمن، كان نبيّ الرّعب، عندما تولّى وزارة المالية في عام 2003، في عهد حكومة شارون، استعرض لنا نبوءاته التي لم ولن تتغيّر، قدّم لنا تقاريرًا استخباراتيّة مفَبرَكة حول وجود الخطر الإيراني، أنفق الجيش مليارات الشّواكل هباءً على التحضيرات العسكريّة لتوجيه ضربة استباقيّة للمنشآت النّوويّة الإيرانيّة، التي أُلغيَت في اللحظة الأخيرة... إذن نجح نتنياهو سوبرمان التهويل الإعلامي، بكتابة سلسلة سيناريوهات دراميّة مشوّقة عن قرب نشوب حربٍ مع إيران، علّق سوبرمان على كتفيه عباءة التّرويج العالمي لروايته الإسرائيليّة الكاذبة، التي ما زال يُحَلّق بها في كل أنحاء العالم، يُطلِق صواريخ تعنّته الفاشلة في فضاء المجتمع الدّولي الذي بات مُضادًا لها، بعد أن سئم بهلوانات نتنياهو التحريضيّة!!