[x] اغلاق
الدم الفلسطيني يراق في شوارع غزة على مرآى من العالم
17/5/2018 7:23

الدم الفلسطيني يراق في شوارع غزة على مرآى من العالم

الإعلامي أحمد حازم

غزة تحاصر ويقتل شعبها. مجازر يرتكبها جيش الإحتلال الإسرائيلي  بحق مواطنين لا ذنب لهم سوى أنهم يدافعون عن أرضهم وعن كرامتهم. جيش القتل الإسرائيلي يمارس أبشع أنواع الإرهاب ضد الغزيين دون وازع ضمير. حوالي ستين شهيداً غزياً سقطوا منذ يوم الإثنين الماضي وقرابة ثلاثة ألف شخص جرحى بعضهم في حالات خطيرة.  جيش إسرائيلي  محتل مدجج بالسلاح، يستخدم أبشع أنواع القمع والإضطهاد ضد الفلسطينيين في غزة. قناصة إسرائيليون يقتلون الغزيين على طريقة قتل الأمريكيين للهنود الحمر.

دفاع شعب غزة عن نفسهم وأرضهم هو  بنظر الأمريكيين عنف. ولذلك طلع علينا البيت الأبيض في بيان يقول فيه :”لا يوجد تبرير للتهور واللامبالاة اللتين أبدتهما حماس بدعوتها الناس إلى الانخراط في العنف، الذي يعرضهم لمخاطر مروعة". لا نتوقع من الإدارة الأمريكية غير مساندتها للإحتلال الإسرائيلي، فكل ما يفعله نتنياهو من أعمال إرهابية ضد الفلسطينيين هو عمل مشروع بنظر الأمريكي، وكل ما يفعله الفلسطيني من أجل الدفاع عن نفسه هو عنف وإرهاب بنظر البيت الأبيض.حتى وزير الخارجية الأمريكي يرى "ان لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”. كيف يمكن للمعتدي أن يدافع عن نفسه؟ المعتدي الإسرائيلي هو إرهابي قاتل. فالذي يقتل ويجرح المئات هو مجرم وجنود جيش الإحتلال الإسرائيلي هم "جنود قتل" مختصون بإبادة الفلسطيني كلما يتمكنون من ذلك.

كان من المفروض بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن يتخذ موقفاً مشرفا  يشار إليه بالبنان، أي موقف قائد يرى شعبه يذبح في الشوارع ويتحرك ويفعل شيئاً. لكن ماذا فعل الرئس؟؟ لقد أعلن الحداد الرسمي ثلاثة أيام. ما شاء الله عليك يا أبو مازن. هذا كل ما فكرت به؟؟؟  يا عيب الشوم على هيك رئيس؟ ولكن ماذا نتوقع من رئيس صرح قبل أيام "بأن قتل النازيين الجماعي لليهود الأوروبيين كان نتيجة أنشطتهم المالية في أعمال الربا والصرافة وما شابهها " ثم تراجع بسرعة واعتذر في اليوم التالي. " إذا ما بتكون قد كلامك يا أبو مازن خليك ساكت".  الوقاحة في نتنياهو أنه طالب المجتمع الدولي بإدانة عباس على تصريحه، بينما يرفض إدانة العالم لإسرائيل على المجازر التي يرتكبها جيش الإحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. فهل توجد وقاحة أكثر من ذلك؟؟

الشعب الفلسطيني لا يعاني فقط  من ممارسات  الحقد الأعمى لقادة إسرائيل، بل ابتلاهم الله بقيادات سياسية  زادت مصائيه  ولا سيما بعد اتفاق أوسلو . ولو كانت القيادة الفلسطينية تتمتع بحنكة سياسية قليلة لما وافقت على اتفاق أوسلو الذي لم يجلب  للفلسطينيين سوى الخراب والدمار. وما دام الشيء بالشيء يذكر، فقد أخبرني القائد الفلسطيني الراحل محمد عودة "أبو داوود" بأن الراحل ياسر عرفات زار الزعيم اليوغسلافي تيتو في الأيام الأخيرة قبل وفاته عام 1980  حيث قال لعرفات "إياكم والاعتراف بإسرائيل أو التصالح معها وأنتم في موقف الضعف". لكن اتفاق أوسلو جاء بعكس نصيحة تيتو والشعب الفلسطيني ولا سيما في غزة يدفع ثمن غباء القيادة الفلسطينية.

وعلمت من "ابو داوود" أيضاً  أنه خلال مشاركة عرفات في  مراسم تنصيب الزعيم نيلسون مانديلا، كأول رئيس أسود ومنتخب ديموقراطي لجنوب إفريقيا عام 1994،  نصح مانديلا عرفات باتخاذ الحيطة والحذر من حكام إسرائيل وعدم تصديقهم بتاتاً. وما جرى في السنوات اللاحقة على الصعيد الفلسطيني مع إسرائيل كان عكس نصيحة مانديلا. ولا يزال الشعب الفلسطيني يعاني من اتفاقات الذل  والتنسيق مع إسرائيل.

الأنظمة العربية لم يصدر عنها سوى بيانات استنكار وإدانة، وكأن الشعب الذي يتعرض للوحشية ليس عربياً أو أنه شعب لا يستأهل أكثر من الإدانة. أنظمة  بدون إحساس وخالية من الإنسانية. أنظمة "متمسحة" ضمائر حكامها غائبة وعقولهم مجمدة،  وأجسادهم مجرد دمى يحركها الأمريكي.  وهنا أتذكر قول الشاعر العراقي مظفر النواب في قصيدة له وجهها للقادة العرب " أولاد القـ.. ما أوقحكم". وأتذكر أيضاً  ما قاله الراحل نزار قباني في قصيدة له: " القدس يحرقها الغزاة وأنتم تتفرجون" ويقول أيضاً: "اريد أن أقول للعرب/ العار يغسلكم من رأسكم حتى الحذاء".

لكن هناك دول غير عربية أظهرت تضامنها بالقول والفعل مع غزة، بعكس الأنظمة العربية. فالرئيس التركي أردوغان أظهر أنه أكثر فلسطينية من عباس. فقد أعلن  خلال زيارته إلى بريطانيا: "سترد تركيا على هذا بقسوة، واستدعينا سفراءنا من واشنطن وتل أبيب للتشاور، وندعو لانعقاد قمة طارئة لمنظمة التعاون الإسلامي، كما نقترح أيضا عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة". وقد اتخذت دولة جنوب أفريقيا وجمهورية إيرلندا  نفس الخطوة حبث قامتا بسحب سفيريهما من تل أبيب.

دم فلسطيني يراق في شوارع غزة على مرآى من العالم، وأنظمة عربية تتفرج على مشاهد القتل دون حراك. كان الله بعون أهل غزة.