[x] اغلاق
إنهم على حقٍّ، فقط عندما يُطلق الفلسطينيون النار من غزّة نُصغي لهم
31/5/2018 15:11

إنهم على حقٍّ، فقط عندما يُطلق الفلسطينيون النار من غزّة نُصغي لهم

جدعون ليفي  ترجمة: أمين خير الدين

     يجب أن نقولها ببساطة وبكل صِدْق: إنهم على حقٍ، ليس لديهم خيار آخر، عدا المنازلة بأجسامهم، بأملاكهم، بسلاحهم وبدمائهم من أجل حريّتهم. لا خيار آخر لديهم، عدا القسّام والراجمة كلّ الطرق مسدودة أمامهم، باستثناء المقاومة أو الإستسلام. ليس لديهم طريق لاختراق جدران سجنهم إلاّ القوّة، وقوّتهم بدائيّة وانفعالية، تكاد تثير الشفقة. شعب يقاتل من أجل حريّته بالطائرات الورقية، بالأنفاق، بالمرايا، بالكاوتشوك، بالمقصّات، بالزجاجات الحارقة، بقذائف الراجمات وأنابيب القسّام، يقاتل ضد ماكينة الحرب الأكثر تطوّرا في العالم، هو شعب ليس لديه أي إمكانيّة، وليس له إمكانيّة آخرى لتغيير وضعه، سوى سلاحه البدائي. 

     عندما يهدؤون، لا تهتم إسرائيل ولا يهتمّ العالم أيضا بمصيرهم. فقط  قذائف القسّام تُعيد كارثتهم إلى الذاكرة. متى يسمعون في إسرائيل عن غزّة؟  فقط عندما يُطلقون النار من غزّة. لذلك لا خيار لديهم، إلاّ إطلاق النار. لهذا إطلاقهم للنار ممُبَرّرٌ، حتى لو أصاب بشكل مؤلم أبرياء، وحتى لو بعث الرُعْب والهلع لدى سكان الجنوب، وأيضا لا يمكن لإسرائيل قبوله، وبحق. ليس لديهم سلاح أكثر دقّة، لذلك لا يمكن إدانتهم بإصابة المدنيين: تسقط مُعظم قذائفهم في مناطق مفتوحة، وهذا أيضا بدون قصد من جانبهم. من الصعب اتهامهم بإطلاق النار على روضة للأطفال:  من المؤكد انهم كانوا يفضّلون لو عندهم سلاح دقيق ليوجهوه على أهداف عسكرية، كما هو لدى إسرائيل، التي تُطلق، فتصيب، بالمناسبة، أطفالا كثيرين.   

   من الواضح أن عنفهم وحشي، ككل عُنْف. لكن ما هو البديل لديهم؟ كل محاولة مترددة من جانبهم باتباع طريقة أخرى، هُدنة، تغيير للقيادة او للمواقف، يصطدم فورا بإلغاء تلقائي ورفض من جانب إسرائيل. في إسرائيل يصدّقونهم فقط عندما يُطْلِقون النار. ثمّة مجموعة للمقارنة: الضفّة الغربيّة.  حيث لا توجد قذائف قسّام، وبصعوبة  بقايا عُنف، ماذا ربح محمود عبّاس وشعبه من هذا؟

    إنّهم على حقٍّ، لأنه بعد كل التغاضي، والتضليل والأكاذيب التي يمارسها الإعلام الإسرائيلي، لا شيء يمكن أن يموّه الحقيقة الثابتة، إنهم سُجِنوا في قفص كبير لمدى حياتهم الباقية، حصار لا يُصَدَّق، 11 سنة بدون توقف، إنه أكبر جريمة حرب على هذا الصعيد، ليس هناك إعلام  يمكنه أن يلغي حقيقتهم – ماضيهم، حاضرهم ومستقبلهم. معظمهم  يعيشون في غزّة لأنهم لا جئون  بفعل إسرائيل. إسرائيل طردت آباءهم من قراهم ومن أرضهم. آخرون هربوا من الخوف، وبعد  ذلك لم يُسْمَح لهم بالعودة، وهذه  جريمة لا تقلّ بشاعة عن الطرد.

جميع قراهم هُدِمَت ودمّرت، أمضَوا حوالي 20 سنة تحت الحكم المصري، و-50 سنة أخرى تحت الاحتلال الإسرائيلي، لم يتوقف الاحتلال عن التنكيل بهم  بمختلف الوسائل. عندما خرجت إسرائيل من غزة لغاية في نفسها، فرضت الحصار، وساءت ظروفهم أكثر. لم يذوقوا طعم الحريّة يوما واحدا في حياتهم. كما لا يلوح أمل  بأن يكونوا أحرارا. ولا أمل حتى لأولادهم. يعيشون على رقعة من الأرض  الأكثر ازدحاما في العالم،  وقد أعلنت الأمم المتحدة أن هذه الرقعة من الأرض لن تكون صالحة للحياة اللبشرية بعد سنة ونصف. ألا يكفي هذا لمساندتهم؟

    هم آخر المقاتلين ضد الاحتلال الإسرائيلي. بينما تتحرّك الضفّة الغربيّة المحتلّة كأنها رفعت أياديها واستسلمت، غزة لم تتنازل. كانوا دائما حازمين وأشجع من إخوتهم في الضفة الغربيّة، رُبّما بسبب شدة معاناتهم. لا يوجد إسرائيلي واحد يمكنه أن يتخيّل حياتهم في غزة. ولا أن يتخيّل معنى أن  ينشأ في واقع كواقعهم. كل شيء قيل عنهم، ولم ينفعل أحد. لديهم نظام حكم جائر وليس ديمقراطيّا، لكن لا يمكن لإسرائيل أن تُلقي المسؤوليّة على حماس. لأن في الضفة الغربية يوجد نظام أكثر اعتدالا، وإسرائيل لا تعمل شيئا لإنهاء الاحتلال.

  دفنوا في الأسابيع الأخيرة 118 شخصا – وهذا، بالنسبة لعدد السكان مثل 500 قتيل عندنا، لن يتوقفوا عن النضال أبدا.

 لأنهم على حقٍ.