[x] اغلاق
ضربة سياسية أرجنتينية جديدة لإسرائيل
7/6/2018 7:25

ضربة سياسية أرجنتينية جديدة لإسرائيل

الإعلامي أحمد حازم

بعد الضربات السياسية العديدة التي تلقتها إسرائيل في المنظومة الدولية استنكاراً لممارساتها القمعية، تلقت الحكومة الإسرائيلية هذا الأسبوع ضربة (رياضية) في ظاهرها وسياسية في مضمونها. فقد أقدم المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم على إلغاء مباراة كان مقرراً إقامتها يوم غد السبت في القدس بين الأرجنتين وإسرائيل. المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم اتخذ هذا القرار بعد مناقشات كثيرة بين مجلس إدارته واللاعبين، وتوصلوا إلى نتيجة مفادها أنه من الأفضل عدم إجراء المباراة. حتى أن اللاعب غونزالو هيغواين علق على ذلك بالقول:" "في نهاية المطاف، تمكنا من القيام بما هو ملائم، وهذا هو المنطق ونعتقد بانه  كان من الأفضل عدم الذهاب إلى القدس".

 وإذا كان قرار المنتخب الأرجنتيني منطقياً بكل معنى الكلمة، إلا أن الجانب الإسرائيلي يرى فيه عكس ذلك. وسائل الإعلام الإسرائيلية جن جنونها لإلغاء المباراة، بعد أن رحبت بها سابقاً ترحيبا لا مثيل له خاصة وأن اللاعب الأرجنتيني، ليونيل ميسي، كان سيشارك في هذه المباراة المهمة بالنسبة للجانب الإسرائيلي، لأن إقامتها في استاد "تيدي" بمدينة القدس تعكس دلالة على أن مدينة القدس هي عاصمة إسرائيل، خصوصا وأن واشنطن بدأت ذلك بعد نقل لسفارة الأمريكية  إلى القدس.

القناة السابعة الإسرائيلية، اعترفت بأن الفلسطينيين هم السبب وراء إلغاء المباراة. فقد  ذكرت مساء الثلاثاء في الخامس من يونيو/ حزيران، "أن الضغوط السياسية والجماهيرية الفلسطينية تركت الأثر على المباراة الدولية". ورأى الموقع الإلكتروني للقناة مضطراً إلى الإعتراف أيضاً " بأن الجانب الفلسطيني ساهم وبقوة في إلغاء هذه المباراة المهمة، إضافة لخروج مسيرات في الأرجنتين أمام معسكر منتخبها بالأرجنتين نفسها تطالب بإلغاء المباراة".

قرار المنتخب الأرجنتيني اعتمد أيضاً على  أمور أخرى ساهمت في إلغاء المباراة. وعلى سبيل المثال قدم عضو الكنيست د. يوسف جبارين، طلبا للسفارة الأرجنتينية في إسرائيل  تضمن "ضرورة إلغاء هذه المباراة حفاظا على مشاعر الشعب الفلسطيني الذي يواجه حروب شرسة أمام الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة". كما أن مسيرات العودة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والمواجهات الفلسطينية المستمرة مع الجيش الإسرائيلي حول الجدار الفاصل كان لها الأثر البالغ في إلغاء هذه المباراة"

جبريل الرجوب، رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني شكر المهاجم الأرجنتيني ليونيل ميسي وزملاءه على إلغاء المباراة، مشيراً إلى أن" القيم والأخلاقيات والرياضة حققت نصرا في إلغاء المباراة ورفعت بطاقة الإنذار في وجه اسرائيل عن طريق إلغاء المباراة".

وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري يجيف، أرادت الاحتفال بمرور سبعين عاما على إقامة إسرائيل، من خلال إقامة مباراة المنتخب الأرجنتيني في مدينة القدس، لكنها أصيبت بخيبة أمل كبيرة. رئيس الحكومة الإسرائيلية المشغول حالياً بالنووي الإيراني "طار عقله" عندما سمع بقرار الإلغاء وبذل كل جهده على الصعيدين السياسي  والإغراء بالمال من أجل إقامة المباراة لكنه باء بالفشل. فقد أوضحت صحيفة "يسرائيل هايوم" "أن نتنياهو تحدث شخصيا مع الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكرو، وأعرب له عن استعداده دفع مليوني شيكل للمنتخب الأرجنتيني في حال موافقته اللعب في استاد (تيدي) بالقدس، وأن إسرائيل تصر على هذا الطلب، لأن القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، ترى أن مصلحة إسرائيل تكمن في إقامة هذه المباراة التاريخية في القدس، باعتبارها عاصمة إسرائيل"

صحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية، ذكرت أن ليونيل ميسي، هو من طلب إلغاء  مباراة منتخب بلاده أمام إسرائيل، مشيرة في نفس الوقت إلى أن  تصريحات جبريل رجوب رئيس الاتحاد الفلسطينى لكرة القدم وطلبه من ميسي عدم اللعب في مباراة ضد  إسرائيل واحترام ملايين من مشجعيه المسلمين ، قد ساهم أيضاً  بشكل كبير فى إلغاء المباراة.

بقي علينا القول أن إصرار نتنياهو على إقامة المباراة له طابع سياسي وليس طابعاً رياضياً. وهناك تساؤل مشروع: ما هي المبررات الرياضية  لهذه المباراة التي تجمع أحد أبرز المرشحين لتحقيق لقب بطولة كأس العالم 2018، ومنتخب يحتل المركز الـ98 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم؟ وكيف لمنتخب يريد المنافسة على لقب المونديال أن يخوض مباراة استعدادية ضد منتخب ضعيف على مختلف الأصعدة الفنية والتكتيكية. إسرائيل تريد في حقيقة الأمر أن تجني فوائد سياسية مثل محاولة استثمار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، واستفزاز الفلسطينيين بشتى الطرق، مثل استضافة المنتخب الأرجنتيني على أرض فلسطينية وإقامة المباراة في القدس.

وفي النهاية تحية للمنتخب الأرجنتيني وتحية لكل من ساهم في إلغاء هذه المباراة.