[x] اغلاق
ماذا فعلوا بك يا مخيم اليرموك
12/6/2018 7:17

ماذا فعلوا بك يا  مخيم اليرموك

الإعلامي أحمد حازم

تعلمنا في المدارس أن التاريخ لا يكذب، لأنه المسجل الصادق لما يحدث في العالم، لكن هناك من يزورون التاريخ لأغراض سياسية. التاريخ يقول أن أيادي الرئيس السوري حافظ الأسد ملطخة بالدم الفلسطيني. فقد قامت ميليشيات لبنانية مسيحية متطرفة موالية لحافظ الأسد في العام 1976 بحصار مخيم تل الزعتر الفلسطيني جنوبي بيروت لمدة شهرين، ونفذت عمليات التنكيل والعقاب الجماعي في حق سكان المخيم، حيث قطعت الماء والكهرباء ومنعت الطعام عن سكان المخيم لفترات طويلة، وقصفته بأكثر من 5500 قذيفة، ومنعت الصليب الأحمر من دخوله.

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قالها صراحة وبكل وضوح عندما أجاب رداً على سؤال حول حصار تل الزعتر بقوله: " لقد حوصرنا من شارونين، شارون إسرائيل وشارون سوريا، في إشارة واضحة منه إلى الرئيس السوري حافظ الأسد.

في ليلة 14 أغسطس/آب 1976 اقتحمت المليشيات المذكورة المخيم وبدعم القوات السورية ونفّذت مذبحة راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف فلسطين، سقطوا شهداء عمليات قتل انتقامية ممنهج،.ومارست المليشيات شتى أشكال الترويع والجريمة من بقر لبطون الحوامل وذبحٍ للأطفال والنساء والشيوخ، وتم إبادة مخيم الزعتر نهائي،ا ولم يبق منه إلا المساحة التي كان فائماً عليها، والتي لا تزال  شاهداً على ما فعله النظم السوري مع ميليشيات الإجرام من أعمال قتل وإبادة بحق فلسطينيي هذا المخيم.

ما أشبه اليوم بالأمس، لأن التاريخ يعيد نفسه. فالإبن بشار ورث أبيه في الإجرام ويعيد درس التاريخ وهذه المرة في مخيم اليرموك للفلسطينيين، الذي يتعرض سكانه أيضاً لعمليات قتل جماعية. والشيء المخزي ان الذي يشارك القوات السورية في ممارساتها الإجرامية ضد مخيم اليرموك، ليست ميليشيات لبنانية مسيحية إجرامية، بل تنظيمات فلسطينية متواطئة مع النظام السوري، أبرزها مليشيات "جبهة القيادة العامة" بقيادة أحمد جبريل، ميليشيات "فتح الانتفاضة"، ميليشيات "فلسطين حرة"، وميليشيات "لواء القدس". هذه الميليشيات وصلت بها  الخيانة إلى قتل أبناء وطنها من أجل النظام السوري وإرضاء له كتعبير منها على "الوفاء!؟" له حتى لو كان ذلك على حساب الدم الفلسطيني. هذه وصمة عار أبدية على جبين أحمد جبريل وغيره من المتواطئين معه.

المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، كريس جونيس، قال، إن اليرموك تحول إلى مخيم للموت نتيجة الدمار الذي حلّ بآلاف المنازل فيه خلال الأيام الأخيرة من عمليات القصف. وتجدر الإشارة إلى أن مخيم اليرموك لم يبق فيه، وحسب المعلومات المتوفرة، سوى ثلاثة آلاف فلسطيني جلهم من النساء والمسنين والأطفال، وذلك من أصل حوالي مليون، فمنهم من تم قتله ومنهم من تشردوا داخل البلاد وخارجها.

مخيم اليرموك الواقع جنوبي العاصمة السورية دمشق معروف بـ"عاصمة الشتات الفلسطيني"، وهو يتصدّر واجهة الأحداث اليوم، بسبب  الحملة العنيفة التي يشنّها النظام السوري على المخيم، والتي أدت إلى تدمير معظمه. مخيم اليرموك ُشكّل جزءاً مهماً من لتاريخ الفلسطيني، وهو المخيم الذي شَهِدَ أكبر جنازات وداع لقادة ومسؤولين فلسطينيين في تاريخ سوريا بأسرها، ويرقد في مقبرة المخيم شهداء كبار من رجالات فلسطين في الثورة المعاصرة، مثل وليد أحمد نمر (أبو علي إياد)، خليل الوزير (أبو جهاد)، طلعت يعقوب، محمد عباس (أبو العباس)، فتحي الشقاقي، الشاعر عبدالكريم الكرمي، وائل زعيتر، ويعقوب أبو غزالة وغيرهم.

وعن أهداف استهداف النظام السوري لمخيم اليرموك يقول أيمن أبو هاشم الأمين العام لـ"التجمّع الفلسطيني السوري الحر" في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن "النظام السوري يكن حقداً تاريخياً كبيراً على مخيم اليرموك، لدوره الكبير في فضح المخطط الذي قام به حافظ الأسد في منتصف السبعينيات إبان دخوله إلى لبنان وارتكابه مجزرة تل الزعتر ضد الفلسطينيين في عام 1976، ولأن مخيم اليرموك كان يرفع صوته ضد جرائم الأسد الأب في لبنان".

وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون كان قدد هدد المخيم عام 1982 إبان غزوه لبنان، بقوله: "لك يوم يا مخيم اليرموك"، والمعادلة (المصلحة) واضحة  تماما. فمن خلال  تدمير مخيم اليرموك يكون بشار الأسد قد خدم إسرائيل من خلال إزالة هذا المخيم، الذي يعتبر وصمة عار جديدة على جبين النظام السوري الدموي. فماذا فعلوا بك يا مخيم اليرموك؟