[x] اغلاق
تحيّة إلى البروفِسور تيسير الياس مايسترو في فن العطاء
28/6/2018 7:25

تحيّة إلى البروفِسور تيسير الياس

مايسترو في فن العطاء

بقلم: مارون سامي عزّام

ليس من السهل أن يكتب الإنسان نوتة عطائه، إذا كان يجهل فن موسيقى الاجتهاد، الذي يجب أن يتماشى مع إيقاعات تضحياته الصّاخبة، حتّى توصله إلى أعلى مراتب التفوّق والنّجاح، لتفتح له بوابة الشهرة، أمر آخر هام جدًّا وهو، لن يستطيع أن يستمر في مجال إبداعه، إذا لم يكن مثابرًا فيه، وعمِل على تطويره بصورة صحيحة، تجعل المجتمع ينظر إلى ذلك المبدع بعين التقدير... هذان المبدآن ينطبقان على البروفِسور المبدع تيسير الياس، الذي عُيّن مؤخّرًا رئيسًا لقسم الموسيقى في جامعة حيفا، بفضل سجلّه الحافل بالإنجازات.

البروفسور تيسير يُعتبَر من الموسيقيين العرب الكبار في البلاد والعالم، وأحد الذين ساهموا في إعلاء شأن الموسيقى محليًّا، وجعل لها قيمة عظيمة في مجتمعنا، وليست مجرّد أغانٍ راقصة لمناسبات الأفراح، كالتي نسمعها تخرج من أفوه "مطربي الأعراس"، مِثل حِمم بركانيّة تَحرِق آذان المستمعين، لكن تيسير أثبتَ لنا أن الموسيقى عِلم قائم بحدّ ذاته، لا حدود لها، تتفرّع منها تخصّصات عديدة.

الموسيقى لها لغة خاصّة، مصطلحاتها غير مألوفة، وليست مجرّد عِلم يُدرّس في المعاهد، بل تحتاج إلى اطّلاع ثقافي موسيقي واسع، ومعرفة دقيقة لتاريخ الموسيقى العربيّة على وجه التحديد، برز هذا الجانب في البروفسور تيسير، من خلال مداخلاته القيّمة، ولغته العربية السّليمة، في برنامج "غنِّ لي غنّي"، الذي قدّمته الفنّانة الشّاملة أمل مرقص في القناة الأولى، وما زال يعاد بث حلقاته.

كما شارك تيسير كعضوٍ في لجان التحكيم في بعض برامج المسابقات الغنائيّة المحليّة، التي عُرِضَت على القناة الأولى، هذه البرامج فشلت في تحقيق هدفها، ولم ترقَ إلى مستوى البروفِسور العالي، إنّما برأيي كان هدفها إضافة وزنٍ فنيّ، له ثِقَله على هذه البرامج، بوجوده فيها، من خلال إبداء رأيه الفنّي السّديد، ليُقدّم للمتسابقين بشكل جَدّي، نصائحه التوجيهيّة لمستقبلهم.

من المساهمات التي يجهلها الكثيرون عن البروفِسور تيسير، أنه في عام 1993، كان المدير الموسيقي لبرنامج الإعلامية ليلى نجّار التلفزيوني، وحينها منح الفنّان الشفاعمري المعروف حسام حايك، فرصة الظّهور على القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي، كعازف على آلة الأورغ، إلى أن أصبح وجهًا تلفزيونيًّا مألوفًا، هذا يدُل على إيمان البروفِسور تيسير بالمواهب الحقيقيّة، كموهبة الفنان حسام.

ما زلتُ أذكُر إلى يومنا هذا زيارة البروفِسور تيسير لمنزل العائلة، في أواخر ثمانينيّات القرن الماضي، إذ كان صديقًا للمربيّين الرّاحلين، الأخوين رفيق وشفيق عزّام، بالفعل كانت أمسية فنيّة طربيّة الأجواء، تألق حينها تيسير في عزفه على آلة الكمان، مندمجًا مع نغماتها، ولا بدّ أن أقول، إن الأستاذ طيّب الذِّكر، رفيق عزّام، كان عازفًا سماعيًّا ماهرًا على آلة العود، كما أبدع بالعزف عليها البروفِسور تيسير.

بالفعل أثبت للعالم، أنّه مايسترو في فن العطاء، يحمل في جعبته العلميّة بلاغة موسيقيّة، جعلته شخصيّة مميّزة اجتماعيًّا، يستحق منّا كل الاحترام، ليس فقط على سيرته العلميّة والتعليميّة، بل أيضًا على مسيرته الإنسانيّة الجميلة، وسعيّه الدّؤوب للتواصل الفني والشّخصي مع الآخرين... نابذًا الغرور والتّعالي على الذين دعموه. هذا ما أردت أن أركّز عليه في مقالي، ليتعرف الجميع على بعض الجوانب غير المعروفة للمايسترو تيسير، التي تُكمّل سلسلة عطاءاته، وأهّلته أن يُعلّق مفاتيح المجد والفخر والاعتزاز على أبواب شفاعمرو.