[x] اغلاق
متى يفهم الخائنون لأوطانهم أن لكل عميل نهاية
26/7/2018 9:25

متى يفهم الخائنون لأوطانهم أن لكل عميل نهاية

الإعلامي أحمد حازم

تناقلت وسائل الإعلام مؤخراً خبراً مفاده أن الجيش الإسرائيلي ( أنجز عملاً إنسانياً!؟) حيث قام بإجلاء حوالي ثمانمائة عنصر من المجموعة السورية المسلحة  «الخوذ البيض» من جنوب سوريا، ظاهرياً تعمل هذه المجموعة المسلحة ضد نظام الأسد وتظهر وكأنها تنظيم وطني. لكن الحقيقة هي أن هذه الميليشيا التي تسمى "الخوذ البيض" هي واحدة من الفصائل السورية التي أنشأتها ومولتها ورعتها قوى إستعمارية لتخريب سوريا،  وفي مقدمة هذه القوى إسرائيل التي وجدت في الحرب الأهلية السورية فرصة للمشاركة في تدمير سوريا. ويرى أحد المحللين العرب " أن هذه الجماعة هي إحدى التنظيمات الإرهابية التي عاثت في الأرض السورية تدميرا وتخريبا على مدى أكثر من سبع سنوات وتنفذ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مخططات تدمير واحدة تلو الأخرى".

إن اعتراف إسرائيل علنياً  بدخول الجيش الإسرائيلي على "خط تقديم المساعدات لهذه الجماعات" يكشف حقيقة وجود وهدف هذه المجموعات ومنها «الخوذ البيض». وجاء خبر إجلاء عناصر "الخوذ البيض" من سوريا إل إسرائيل برهانا ساطعاً على العلاقة الإجرامية بين إسرائيل وهذه الميليشيا. حتى ان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أعلنها صراحة أن عملية الإجلاء التي هي عملية استخباراتية بطبيعة الحال، حصلت نتيجة طلب عدد من الدول الأوروبية، وتعهد دول مثل أمريكا وألمانيا وكندا بتوطينهم بصورة سريعة.

لكن إسرائيل أرادت من وراء مساعدة عناصر "الخوذ البيض" في إبعادهم عن الأرض السورية ومن وراء عملية إجلاء ثمانمائة عنصر تابعين لتنظيم "الخوذ البيض" ضرب عصفورين في حجر واحد: فمن جهة أرادت إظهار نفسها للعالم أنها تقوم بعمل إنساني(!؟) ومن جهة أخرى أرادت إنقاذ نفسها قبل أن يقع عناصر هذا التنظيم  في قبضة الجيش السوري ويعترفوا بحقيقة دعم إسرائيل لهم. وإلا كيف يمكن تصديق إسرائيل بأنها "تقوم بعمل إنساني" وهي التي يقوم جيشها بقصف غزة بالصواريخ والقنابل بشتى أنواعها وتقتل  النساء والأطفال والشيوخ بكل دم بارد، وهي التي يقوم جنودها بإطلاق النار حتى على الجرحى كما جرى في الخليل، وكما  أظهر فيديو نشرته مؤسسة بتسيلم الاسرائيلية قيام جندي اسرائيلي باطلاق النار دون مبرر أو سبب على رأس الجريح الفلسطيني الشاب عبد الفتاح الشريف، وكما يقوم مستوطنوها بحرق الأطفال، كما فعلوا في أخر شهر تموز/يوليو من عام 2015  بحرق منزلين، في قرية دوما جنوب نابلس، وإعدام الطفل علي دوابشة (عام ونصف) حرقا.

إذاً، لا يمكن تصديق الرواية الإسرائيلية، بأن عملية إجلاء  عناصر "الخوذ البيض" هي عملية إنسانية، بل هي عملية للتخلص منهم وتوطينهم في دول غربية أخرى بعد أن فشلت إسرائيل في تحقيق هدفها. وقد سبق وأن قامت إسرائيل  بعمل مشابه للتخلص من عملائها

الجميع يعرف أن إسرائيل أنشأت "جيش لبنان الجنوبي" العميل بعد غزوها لبنان عام 1982 حيث ظل الجنوب اللبناني بدون حدود مع إسرائيل تفعل فيه ما تشاء هي وعملائها. لكن فجأة وفي الخامس والعشرين من شهر مايو/ أيار عام 2000 أغلق الجيش الإسرائيلي البوابة التي فتحها على الجنوب اللبناني، ولم يهمه مصير آلاف العملاء اللبنانيين الذين لم يصدقوا أن كل الخدمات التي قدموها لإسرائيل، كانت نتيجتها رميهم بلا مبالاة. ونتيجة لتدخلات معينة جاء القرار السياسي الإسرائيلي أن افتحوا البوابة وأدخلوا هؤلاء العملاء إلى إسرائيل، والسماح لمن يريد بالمغادرة إلى أوروبا وكندا وأمريكا.

تقول صحيفة "الوطن" الحليجية في تعليق لها: "إن  هذه النماذج من السوريين ليست حكراً على سوريا، وفي التاريخ ما يشبه ذلك سواء في الجزائر وغيرها، والنفوس الرخيصة لها معاييرها وأثمانها البخسة" .

وكما فعلت إسرائيل مع "الخوذ البيض" فعلت أمريكا مع "داعش". إذ تقول المعلومات المتوفرة ان الطائرات الأميركية حملت  قيادات “داعش” أثناء تعرضهم لحصارات أو نهايات معارك هدد فيها مصيرهم، وأيضاً حفاظا على سرية ما يملكونه من أسرار.

والتاريخ يعيد نفسه مع العملاء.  فالمحتل الفرنسي للجزائر  حمل معه عملاءه إلى فرنسا، والمحتل الإسرائيلي لجنوب لبنان  حمل معه عملاءه إلى إسرائيل، وها هي إسرائيل تعيد التاريخ وتنقل عملاءها السوريين إلى إسرائيل أولاً ومن ثم إلى دول أخرى. فمنى يعرف الخائنون لأوطانهم أن  لكل عميل نهاية.