[x] اغلاق
ماذا تنتظرون بعد يا أعضاء المشتركة؟
1/8/2018 10:29

ماذا تنتظرون بعد يا أعضاء "المشتركة"؟

الإعلامي  أحمد حازم

لم أستغرب أبداً "طرح قانون القومية" على الكنيست للموافقة عليه، ولم أستغرب أيضاً موافقة 62 نائباً أي بالأغلبية، وذلك لأن إسرائيل من الناحية العملية تمارس منذ تأسيسها ما ورد في بنود القانون، والعرب ساكتون وفي أحسن الأحوال يستنكرون. سياسة الأبارتهايد التي تتبعها إسرائيل على جميع الأصعدة إزاء مجتمعنا العربي ليست بجديدة، و"قانون القومية" هو جديد كقانون لكنه قديم من حيث الممارسة، وقد جاء فقط لشرعنة السياسة العنصرية الت تنتهجها إسرائيل. لكني أستغرب موقف القائمة المشتركة التي تمثل المجتمع العربي (نظريا).  فخلال متابعاتي اليومية لـ "نشاط!؟" هذه القائمة، لم أقرأ عن شيء ملحوظ لهم ضد القانون الجديد، سوى بيانات تتضمن استنكارا وتنديداً بالقرار. حتى لجنة المتابعة انحصر موقفها في إصدار بيانات فقط.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم تقم "المشتركة" بالتعاون مع "المتابعة"بتنظيم مظاهرات ومسيرات فورية في المجتمع العربي ضد قانون القومية؟ قبل أيام جرت مظاهرة ضخمة في تل أبيب نظمها "المثليون" في إسرائيل شارك فيها حوالي مائة ألف شخص، احتجوا (حسب رأيهم) على العنصرية  ضدهم. فإذا كان المثليون لديهم القدرة على تجنيد عشرات الآلاف من الأشخاص للمشاركة في مسيرة في قلب تل أبيب، فلماذا تعجز القائمة المشتركة والمتابعة عن تنظيم مظاهرة بهذا الحجم تنديداً بقانون القومية العنصري ضد المجتمع العربي؟

لماذا لم تعقد "المشتركة" مؤتمرا صحفياً  تدعو فيه مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية للحديث خول "قانون القومية"، ولماذا لم يجتمع أعضاء المشتركة مع سفراء الاتحاد الأوروبي في إسرائيل لشرح سلبيات هذا القانون بغض النظر عن تصريح أيمن عودة أن  “الخارجية الاوروبية بناء على طلب رئيس القائمة المشتركة ايمن عودة، تسعى لتنظيم جلسة عمل للقائمة المشتركة ومؤسسات أهلية مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغيريني خلال الاسابيع القريبة”. لماذا لم يكن أيمن عودة صارماً وحازماً في طلب لقاء مستعجل مع وزيرة خارجية الإتحاد الأوروبي نظراً لأهمية الحدث وليس (خلال أسابيع) كما قال.

والسؤال الذي يطرح نفسه وبحق: لماذا لم يتقدم أعضاء "المشتركة" بتقديم استقالة جماعية من الكنيست احتجاجا على هذا القانون العنصري، دفاعاً عن كرامة المجتمع العربي، خصوصا وأن هذه الإستقالة سيكون لها صدىً قوياً على الصعيد العربي والأوروبي وأيضاً على صعيد الأمم المتحدة؟ قد يقولون إن  استقالة النواب العرب من الكنيست هو مطلب اليمين الإسرائيلي لإبعادهم عن هذا المنبر. لكن هذا ليس السبب، لأن الحقيقة هي أن النواب العرب لا يريدون التخلي عن الإمتيازات العديدة لعضوية الكنيست، وعلى أعضاء القائمة المشتركة أن يفهموا  أن الدفاع عن الكرامة أهم شيء لدى الإنسان العربي الذي يتمتع بحس وطني والذي يضع مصلحة مجتمعه فوق كل الإمتيازات. ومن له كرامة وطنية  يدافع عنها ولا يجعلها مداساً للآخرين.

المشكلة في مجتمعنا العربي هي وجود أناس يؤمنون بــ "اليسار" الإسرائيلي وبمواقفه. ويعتقدون أيضاً بوجود اختلاف جذري في المواقف تجاه العرب بين اليمين واليسار، على اعتبار أن اليسار الإسرائيلي أفضل بكثير من اليمين. وقد نسي هؤلاء أن اليمين يتفق مع اليسار ويكونان في صف واحد إذا كان الأمر يتعلق بإسرائيل والصهيونية،. وبالتالي لا يوجد فرق بين الأفعى الرقطاء والأفعى السوداء فكلاهما سامتان.

سمعنا اصواتا يهودية تأسف على تمرير هذا القانون، ليس لأنه عنصري ضد العرب، بل لأنه سيلحق الضرر بسمعة إسرائيل على الصعيد الدولي. الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ،خير مثال على ذلك، حيث صرح بأن هذا القانون  يؤدي إلى «الإضرار بالشعب اليهودي في العالم وفي إسرائيل، كما أن هذا القانون قد يستخدم كسلاح يستخدمه أعداؤنا». وكأن ريفلين يريد أن يقول «لقد كنا نفعل ذلك دائما على مدى عقود من دون أن يلاحظنا أي أحد، لكن يجب ألا نحول ذلك إلى قانون رسمي لأن ذلك يسيء إلينا». بمعنى الإستمرار في النهج العنصري دون تشريعه.

البعض يتساءل: ما الهدف من تمرير قانون القومية في الكنيست في هذا الوقت بالتحديد؟  لا شك أن نتنياهو يعرف أن موعد الاإنتخابات للكنيست يقترب تدريجياً وهو بحاجة إلى "حدث سياسي" لزيادة رصيده الاإنتخابي، والشيء الأهم أن نتنياهو يعرف أيضاً انه يعيش حالة من الإتهامات الموجهة إليه بالتورط في قضايا فساد ويحتاج إلى مثل هذا الحدث لإنقاذه وتحويل الأنظار عنه، وقد جاء  "قانون القومية" لإنقاذه من خلال جعله حديث الساعة محلياً ودولياً.

وفي ظل هذا الوضع ماذا أنتم فاعلون أيها النواب العرب؟ أليست الإستقالة الجماعية خيراً لكم  من طأطأة رؤوسكم تحت "قانون القومية"؟ فماذا تنتظرون بعد ؟