[x] اغلاق
القاسم المشترك بين الحجارة والطائرات الورقية الحارقة
9/8/2018 7:20

القاسم المشترك بين الحجارة والطائرات الورقية الحارقة

الإعلامي أحمد حازم

تعلمنا من التاريخ أن كل شعب مقهور يفكر في كيفية اختراع أدوات لمقاومة القهر والإضطهاد. فالشعب الفلسطيني في اضفة الغربية وغزة هو واحد من الشعوب التي عانت ولا تزال تعاني من الإحتلال الإسرائيلي. وقد تفجرت انتفاضة الحجارة قي شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1987 بسبب قيام  سائق شاحنة إسرائيلية يقودها إسرائيلي بدهس سيارة تحمل عمالاً فلسطينيين من جباليا كانت واقفة في محطة وقود، مما أودى بحياة أربعة أشخاص.

انفجر الغضب بين أبناء الشعب الفلسطيني، الذي لم يكن لديه أي نوع من السلاح، وبما أن  الحجر أقدم سلاح عرفته البشرية، لذلك عمد الفلسطينييون إلى استخدام حجارة الأرض المباركة، بمعنى أن الحجر هو السلاح الأول في يد الفلسطيني لمواجهة جنود الإحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي أزعج قادة إسرائيل لأن "سلاح الحجارة"  أقلق المحتل خصوصاً وأن هذا "السلاح" الشعبي يستخدمه الكبار والصغار، وأصبح رمي الحجارة عمل مقاوم ومستمر كان له صدى قوياً أزعج قادة إسرائيل من سياسيين وعسكريين. حتى أن شارون قال في التاسع عشر من شهر فبراير/شباط عام 1988 " إننا سنطرد الفلسطينيين راشقي الحجارة من الأراضي الفلسطينية فوراً، وسنتخذ إجراءات قاسية بحقهم ومحاكمتهم يتهم التمرد "  كما أن الفلسطينيين لم ينسوا أبداً " حملة تكسير الأيدي  التي قام بها إسحاق رابين  ضد راشقي الحجارة.

"المقلاع" وبالعامية "المقليعة" هي أيضاً وسيلة من تكنولوجيا الحرب الفلسطينية.  وتقول المعلومات ان "المقليعة" لها قاعدة يوضع الحجر بداخلها، ولها طرفان ممدودان يقوم المقاوم بعملية إدارة مكررة على شكل المروحة ( بوضع عامودي ) ومن ثم يفلت أحد طرفي المقلاع لينطلق الحجر بسرعة فائقة نحو الهدف. وتضيف المعلومات أن هذه "المقليعة  تستخدم لقذف الحجر إلى مسافة أكبر، ومن يجيد فن التصويب ينجح في إحداث إصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين، الذين كانوا  يصرخون من الألم والدماء تسيل من وجوههم"

"المقليعة" لها حكاية في التاريخ أيضاً. تقول الحكاية، أن  بني إسرائيل  كان في صفوفهم فتى صغيراً  يُدعى داود،  ذهب إلى الحرب بإذن أباه لينقل إليه أخبار إخوته في الحرب، فلما برز الطاغية جالوت، سأل  الملك طالوت  عمن باستطاعته أن يقتل هذا الجبار الاّثم جالوت، ففوجيء الجميع بأن دواود الفتى الصغير  يطلب الإذن بمبارزة جالوت، وحين أقبل داود على جالوت أخذ مقلاعه  وزوَّده بحجرٍ من أحجاره، ورمى به فثبت الحجر في جبهة جالوت الجبار فطرحه أرضاً، ثم أقبل إليه وأخذ سيفه وفصل به رأسه.

المقاومة الفلسطينية ابتكرت طريفة نضالية أخرى وهي "الطائرات الورقية الحارقة" التي أفقدت القيادة العسكرية الإسرائيلية صوابها. فما هي حكاية هذه الطائرات الورقية التس ابتكرها أبناء غزة للدفاع عن حقوقهم. تقول المعلومات المتوفرة  ان فكرة الطائرات الورقية الحارقة تعنمد على ربط فتيل من القماش المُغمور بالمواد الحارقة كالبنزين والكاز في ذيل الطائرات الورقية، وإشعال النيران فيها قبيل إطلاقها. وتصل تلك الطائرات الورقية الحارقة إلى الأراضي الزراعية التي اغتصبها المستوطنون اليهود في محيط قطاع غزة، وتسبب حرائق فيها تلحق بالإقتصاد الإسرائيلي خسائر تقدّر بملايين الدولارات، بينما تكلفة الطائرة الورقية الواحدة  تبلغ دولاراً واحداً فقط

القناة الإسرائيلية  الثانية  ذكرت  في الثاني من  يونيو / حزيران  الماضي عن داني بن ديفيد رئيس بلدية النقب الغربية قوله:"ان "الطائرات الورقية الحارقة"  التي تطلقها الفصائل الفلسطينية هي حرب حقيقية من الجانب الفلسطيني، وأن الجيش الإسرائيلي ليس لديه أية وسائل دفاعية مواجهة لتلك الطائرات الورقية الحارقة"،

والفلسطينيون يعيشون في أيامنا هذه قيام المستوطنين اليهود بإتلاف أملاكهم من حقول الزيتون وغيره، كما عاشوا في القرون الغابرة أيضا قيام اليهود بحرق مزروعاتهم. فقد ورد في التوراة (العهد القديم الفصل 15) أن " شمشون اليهودي أمسك  بمجموعة من الثعالب وربطهم ببعضهم البعض من ذيولهم ووضع مشعلاً في الوسط بين كل ذئبين ثم أضرم النار فيهم وأطلق الذئاب بين مزروع الفلسطينيين فأحرق الأكداس والزرع وكروم الزيتون".

التاريخ يعيد نفسه. فالفصائل الفلسطينية لا تملك ذئاباً، بل ابتكرت طائرات ورقية حارقة لمقاومة المحتل الإسرائيلي.  بمعنى أن مقاومة الإحتلال هو القاسم المشترك بين رشق المحتل بالحجارة" وإطلاق الطائرات الورقية الحارقة".