[x] اغلاق
لذكرى رحيل الشّاب لؤي خوريّة لـن تَـخبو نيـران الفقـدان
15/8/2018 8:42

لذكرى رحيل الشّاب لؤي خوريّة

لـن تَـخبو نيـران الفقـدان

بقلم: مارون سامي عزّام

براكين القدر تَغلي شؤمًا في باطن مجتمعنا، تلقي حمم مآسيها على البشر في كل الأماكن، فتُحرِق القلوب النّابضة شبابًا، لتلقي بها في تهلكة الحرقة، لا يستطيع أحد إخماد ثورانها المفاجئ. أصبحت حوادث الطُّرُق كارثة حياتيّة شبه يوميّة، يروح ضحيّتها عشرات الشبّان، ومن بينهم الشّاب لؤي خوريّة، الذي تعثّر مصيره، وباغته الموت في ذلك اليوم الصّيفي، أثناء سفره في نزهة عائلية... ولم يمنحه فرصة إكمال فرحته بأبوّته، حلَّ الموت عنوةً هذا الرّباط الزوجي الحافل بالحب، وهو ما زال طور التكوين... استكثر على ذويه متعة رؤيتهم لولدهم لؤي وهو يحقّق أمنياته.    

انتزع الموت من بستان التفاؤل، زهرة لؤي التي ما زالت تُبرعم بالوعود، الملوّنة بالأحلام الشّبابيّة، لقد أحرَقَ جحيم العذاب مفكّرة طموحاته، التي كتبها بإرادته الصّلبة... خدع القدر لؤي في ذلك اليوم، فعِوَض أن يسير على درب السّعادة الواعد، أرسله إلى درب العمر القصير المروّع، بسرعة جنونيّة، بلا رحمة، دون أن تودّعه أسرته الوداع الأخير، وفَقَدَت راعيها وحاميها في ثوانٍ.    

عندما سمعت الخبر، لم أكن أعرف المرحوم لؤي، إنّما تأثرت كثيرًا، لكن عندما رأيت صورته على موقع التواصل الفيسبوك، ازداد تأثّري وتذكّرت حالاً سريان الحيوية والنّشاط في ملامحه، وبدأت أتذكّر أين التقيتُ به، إلى أن أرسلت لي ذاكرتي إشارة تدلني إلى شبكة سوبرفارم، إثر نشر إحدى المسؤولات نعيًا على صفحتها، حيث عمل هناك لفترة ما، وكان كعادته سموحًا معي، كما مع غيري.

لن تستطيع مطرقة الفراق الموجعة، أن تحطّم إطار الود الذي وضَعنا فيه، لن يستطيع الزمن أن يخطف لفتة إخلاصه لبيته، أو يزيل عبق تفانيه في عمله من ذهن زملائه، فطيبة تعامله مع الجميع، سواءً على المستوى الشخصي أو المهني خلال عمله في سوبرفارم، كان دليلهم اليومي، كما عاملني بلطفٍ شديد، ليس فقط لمعرفته لي، بل لأن هذه الصّفات الأخلاقية الحسنة، متأصّلة فيه.

طبيعته لم تتبدّل، عكست لنا أصله الطيب، فهو ينتمي لعائلةٍ مسالمة، تحافظ على العلاقات الاجتماعية وتصونها، وتحترم الجميع، كما تُعلّم أولادها السّلوك النّبيل والتّصرّف القويم، ومعاشرة الأخيار. لن تجفَّ دموع الفراق على رحيل لؤي، التي انهمرت من عيون المشيّعين والمعزّين، لكن وقع الفاجعة على عائلته، زعزع كيانها المعيشي، ستبقى جذوة الحسرة مشتعلة في قلب الأم ولن تنطفئ، نيران اللوعة المتّقِدة في صدور أشقّائه، لن يخمدها أبدًا رماد النّسيان، فالذّكريات الجميلة هي السّلوى الأبقى، وذكراه مَرتع الذّاكرة، فتعازيّ الحارّة لعائلته.