[x] اغلاق
مقبرة المواهب
16/8/2018 11:55

مقبرة المواهب

محمد جمال صبح 

عندي قناعة أن الأفكار الوليدة لذات اللحظة لا يجب لها ان تُكتب،، بل وجب عليها أن تُترك لتتخمر في عُمق الدماغ قبل أن تُقدم للقارىء ناضجه،،
مئات المرات التي تتنزل الأفكار الطازجة على دماغي

و لكنني أؤجلها و أُسوّفها بطريقةٍ في غاية الغرابة و بالرغم من حبي للكتابة 

و للتطور المُصاحب لمرحلتي العمرية و ما يترتب عليه من التجارب

التي أعاصرها ولازلت أعاصرها و لكنني متجمد مكاني ولا اتشبث بحبل الأفكار 

فمرة أتحجج بضيق ذات الوقت و مرة أتعمد التباطؤ عن قصد.

وكأن العقاب مُجهز مُسبقاً جزاء تقاعسي، 

فعندما افيق من تكاسلي أجد الفكرة و كأنها "فص ملح وذاب

فأضع يدي على رأسي و أدخل في نوبة عسيرة من الندم و لكن دون نتيجة

فأنا صاحب أكبر مسودة بإمكان الكاتب أن يعود إليها، 

لدي المئات و المئات من رؤوس الأفكار و المواضيع و أخاف من العودة إلى مسوداتي فالفكرة في مهدها تكون ملتهبة - سهلة التشكيل و التكوين

ولكن عندما أعود إليها بعد فترة زمنية أجدها قد تحجرت و تصالدت

فلا أقوى على نحتها كما نويت عندما كانت في لحظتها الأولى.

حتى ما أكتبه الآن أكتبه بدمٍ بارد و كأنني أخلص ضميري مما أفعله بنفسي

ولكنني مسؤول كل المسؤولية عما يقترف قلبي و عقلي و قلمي و أصابعي 

و من ناحية أخرى أعاني من ضعف الموارد و الأدوات المُحرضة على الابداع 

و التوهج فلا أحد من حولي يؤمن بالكتابة و لا أنا أسعى إلى تنمية ما أملك

فمتنفسي الوحيد هو "الصحيفة" و للأسف حتى الساحة الميدانيّة أصبحت سجن

في غاية الضيق فالغالبية تفرغوا لمقارنة بعضهم ببعض 

و المقارنة بين مَن أجمل و مَن الأجدر بحمل لواء الأدب 

والبقية منقوعون في الرتابة و النمطية و الملل المدقع

و أنا بحاجة للشساعة أقولها و أنا أدوس على أسناني غيظاً 

فوسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك تشكل تماماً على هيئة المتملقون و الكل الكل يغني على ليلاه

أحتاج دائما لشرارة لكي تتصاعد الفكرة إلى فوهة دماغي.

مستسلمون كلنا تماماً تماماً للأزمة الفيسبوكية الطاحنة، 

شغلي الشاغل أن تعود الماكينة إلى العمل

أن تتفتح الزهرة الأزلية في رأسي، 

أن آخذ قلبي بعيداً عن جمهورية السواد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هامش:

الموهبة بذرة ألقاها الله في ترابك،

ليس كل موهوب يقص شريط النهاية 

فاذا كانت الموهبة عليها عبء ثلث الطريق فالثلثان المتبقيان يستحوذ عليهما السعي

السُعاة هم الذين يقصون الشريط في النهاية، 

فليس كل الذين صعدوا إلى القمم امتشقوا حبل موهبتهم فقط

ولكن أكثرهم نزفوا و سقطوا و تمزقوا و دُهِسوا و اكملوا فسعيهم هو الذي انتصر في النهاية،،

فياالله...

لا تطفىء لي قلبي الآن و لا تكسر لي ساعداً

ولا تخمد لي سعياً ولا تكسر لي ظهراً و لا تقهر لي روحاً 

فأنا لازلت مؤمناً بأن الوردة أول مَن سيدخل إلى الجنة 

و الشك ابرة مغروسة في غمدِ الدماغ البشري

لازلت مؤمناً يا إلهي بأن الدنيا تتر إلهي لحكاية إلهية دائمة ورحيمة 

و الحب عماد الدنيا و الحق للأحق.