[x] اغلاق
لماذا يخضع الحاكم العربي أمام سيده الأمريكي
29/8/2018 9:52

لماذا يخضع الحاكم العربي أمام سيده الأمريكي

الإعلامي أحمد حازم

لا أنسى ذلك اليوم الذي التقيت فيه وزير خارجية اليمن السابق أبو بكر القربي. فقد التقيته في العاصمة الفرنسية باريس في الحادي عشر من شهر أيلول/سبتمبر 2001 أي في يوم الأحداث التي شهدتها نيويورك والتي سميت فيما بعد "أحداث سبتمبر". وقتها أحرجت الوزير اليمني ببعض أسئلتي، حيث طلب مني (إشارة وليس قولاً) أن أغلق آلة التسجيل. ثم قال لي صراحة بالحرف الواحد:" يا أستاذ أحمد لا تحرجني، أنا أعترف لك بأن كافة الملوك والرؤساء العرب  لا يستطيعون الإنحياز عن الخط المرسوم لهم أمريكياً". ثم قال لي بصراحة:" وإذا كتبت ما قلته لك سأنفي".

ما قاله الوزير اليمني يعكس انبطاحية الحاكم العربي أمام الحاكم الأمريكي، ليس فقط في عهد الرئيس المعتوه دونالد ترامب إنما في عهد كافة الرؤساء الأمريكيين، ومن تسوّل له نفسه التمرد على الحاكم الأمريكي، فسيكون مصيره الإقصاء عن الحكم حسب الطريقة الأمريكية. والأمثلة كثيرة على ذلك. فعندما أمر العاهل السعودي فيصل بن عبد العزيز أثناء حرب أكتوبر عام 1973 بقطع النفط  عن الولايات المتحدة والغرب، بدأت واشنطن بالتخطيط لقتل الملك فيصل.

وفي الخامس والعشرين من شهر آذار/ مارس عام  1975 قام الأمير الشاب فيصل بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود وبتحريض من الولايات المتحدة بإطلاق النار على عمه الملك فيصل في مكتبه بالديوان الملكي وأرداه قتيلًا. ويبدو أن العرب فهموا الرسالة وهي أن كل معارض للتعليمات الأمريكية سيكون مصيره الموت أو الإقصاء.

ولذلك، لا أستغرب أبداً قيام الملوك والرؤساء وكبار المسؤولين العرب بوضع أموالهم في بنوك أمريكية وليست أوروبية ولا حتى عربية. فهناك مئات بل آلاف المليارات من الدولارات موجودة في بنوك أمريكية تعود لمسؤولين عرب. وخوف الحاكم العربي من سيده الأمريكي يتضح من خلال الأمر الذي تلقاه العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز من الرئيس الأمريكي ترامب خلال زيارته للسعودية بدفع 400 مليار دولار للولايات المتحدة كشرط لحمايتها، أو بالأصح كشرط لبقاء سلمان في الحكم وعلى قيد الحياة.

هناك خنوع تام رسمي عربي لأمريكا إقتصادياً وسياسياً، وبالمقابل هناك انحياز أمريكي واضح لإسرائيل في جميع المجالات . وهذا الانحياز ليس بجديد في عهد دونالد ترامب، بل كان هذا الانحياز الاميركي واضحا منذ بداية التفاوض العربي الاسرائيلي في كامب ديفيد في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، مروراً بمحادثات كامب ديفيد بين الفلسطينيين والاسرائيليين برعاية الرئيس بيل كلينتون ومن أعقبه من الرؤساء الأميركيين، الذين أعلنوا كذباً أنهم يمارسون سياسة الحياد، لكنهم كانوا في حقيقة الأمر طرفا منحازا الى جانب اسرائيل، وهذا يعكس سياسة الخداع التي مارستها الادارات الاميركية المتعاقبة تجاه القضية الفسلطينية.

الولايات المتحدة قامت في الفترة الأخيرة بعدة إجراءات ضد الفلسطينيين: فقد أقدمت على  تجميد 125 مليون دولار اميركي من مساهمتها في ميزانية وكالة غوث الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (اونروا)، واعترفت اميركا بـ (القدس) عاصمة لاسرائيل، ووضعت جدولاً زمنياً لنقل السفارة الاميركية اليها، وأوقفت المساعدات عن السلطة الفلسطينية والمقدرة بـ 200 مليون دولار اميركي، إضافة الى انسحاب واشنطن من منظمة "اليونسكو" ومجلس حقوق الانسان انحيازاً لإسرائيل، والحاكم العربي لم يفعل أي شيء. والأمر المضحك أن كافة الحكام العرب "يتشدقون" دائماً بدعم فلسطين والقدس وهم في حقيقة الأمر يقولون ما لا يفعلون.