[x] اغلاق
الجريمة تستفحل والعقاب الفعلي غائب
5/9/2018 9:21

الجريمة تستفحل والعقاب الفعلي غائب

الإعلامي أحمد حازم

الولايات المتحدة، التي يقولون عنها  الدولة الأكثر ديمقراطية في العالم، لا تزال  تفرض تطبيق عقوبة الإعدام في محاكمها ليس على القتلة فقط، وإنما على الذين يبيعون المخدرات وخاصة من تسبب بوفاة شخص نتيجة تناول جرعة زائدة. صحيح أنني ضد السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة، لكني مجبر على الإعتراف بتأييدها في تطبيق الإعدام، الذي أتمنى لو يطبق في بلادنا على القتلة والمجرمين بحق المجتمع. فتصوروا كم عدد هؤلاء الذين سيلف رقابهم حبل المشنقة في بلادنا لو تم تطبيق حكم الإعدام  بحق القاتل .

 لقد بلغ السيل الزبى في مجتمعنا العربي فيما يتعلق بالعنف ولا سيما القتل، الذي أصبح منتشراً في المجتمع العربي بصورة لا مثيل لها، وأصبح التعاطي بالمخدرات والإتجار أقرب إلى العلانية منه إلى السرية وعلى طريقة "على عينك يا تاجر". فالكل يرى ويعرف، إلا السلطات المختصة، فإما أنها مصابة بالعمى أو بضعف البصر والبصيرة، أو لا تتعاطى بجدية في معالجة مثل هذه المواضيع  المتعلقة بالعرب.

مواطن من الرينة عمره 25 عاماً، اسمه يونتان نويصري لا يزال في زهرة شبابه، تعرض لعملية طعن يوم السبت الماضي وفارق الحياة. هكذا وبكل بساطة.  تصوروا أن الأهل يربون ولدهم وينتظرون سنوات طويلة حتى يصبح شاباً، ويأتي مجرم ويقتله. يقولون ان جدلاً وقع بينه وبين سائق سيارة أدى إلى القتل. لكن هذا يبقى في إطار التكهن حتى تصدر الشرطة تقريرها لمعرفة خلفيات الحادث. ومهما تكن الأسباب فلا مبرر للقتل.

هذه ليست أول حالة من نوعها في المجتمع العربي. فكثيرة هي حالات القتل التي يرتكبها مجرمون. ويُستدل من الإحصائيات والمعطيات المتوفرة أن عدد ضحايا العنف والجريمة في المجتمع العربي بلغ 35 ضحية منذ مطلع العام الجاري. الجميع متفق على أن الشرطة لا تقوم بواجبها بجدية في هذا الموضوع، لكن السبب المهم يكمن في التربية أيضاً. سمعت رجلاً مسناً يتحدث عن دافع للقتل مرتبط بالنشأة أي نشأة الطفل. وبالرغم من استغرابي لحديثه لكني لمست فيه المنطق. قال المسن: إسمع يا إبني ... في الماضي كانت حالات القتل والعنف والإجرام قليلة جداً في مجتمعنا لأن الطفل كان يرضع من حليب أمه، لكن اليوم يرضع  "من القنينة" يعني حليب أبقار، وهناك فرق بين الحليب البشري والحليب الحيواني، وهذا يؤثر على شعور وإحساس الإنسان. وما قاله المسن قد يكون ذلك صحيحاً، لأن ما نعيشه اليوم من ازدياد  في حالات العنف يؤكد أن الإنسان خالي الشعور والإحساس الإنساني يتصرف بدون عقل، فلو كان عنده ذرة من العقل  لا يرتكب جريمة قتل.

ومهما تكن خلفية الشجار الذي يقع بين شخصين أو عائلتين، فالمطلوب التروي والتفكير ملياً وتحكيم العقل، وليس الإسراع في استخدام المسدس أو السكين. والحقيقة أن جريمة القتل أياً كان نوعها لا يجوز في أي حال من الأحوال أن تمر بدون عقاب. والعقاب يجب أن يكون قاسياً وشديداً يوازي مأساة فقدان الإنسان المقتول. لكن للأسف فإن الأحكام الرسمية عندنا خفيفة ليست بحجم الجريمة، بسبب تدخل ما يسمى بلجان صلح في المجتمع العربي، والتي تقرر قيمة المبلغ الذي يجب أن يدفعه أهل القاتل لأهل المقتول، وبالتالي يتنازل أهل القاتل عن الدعوى وكأن حياة الإنسان لها أسعار. وقد سمعت بأن "الأسعار" تتفاوت قيمتها حسب العائلية. ويبقى فقط الحق العام، "يعني كم سنة وبطلع القاتل من السجن". فأي عقوبة هذه؟

وأحيراً، كلمة صريحة يجب أن تقال: إن الأحكام الخفيفة نسبياً بحق القتلة هي التي تشجعهم على الإستمرار في ارتكاب الجرائم. ولو يتم تنفيذ حكم الإعدام بالقتلة والمجرمين الذين يتسببون بموت آخرين لما تمادى هؤلاء بتحديهم للقانون.