[x] اغلاق
كميل بمكيال الحكمة يكيل
11/9/2018 9:46

كميل بمكيال الحكمة يكيل

بقلم: مَارون سَامي عَزّام

العجقة الكبيرة التي ترافق ورافقت انتخابات المجالس المحليّة في الوسط العربي عامّةً وفي شفاعمرو خاصّةً، جعلت النّاخب يدخل في دوّامة سياسيّة كبيرة، أصابت شفاعمرو بدوَار من التّساؤلات، أدى إلى انعدام التوازن التنافسي الحقيقي... جعلت بعض المرشّحين الأقوياء، غير المنتفعين، كأمثال الدكتور كميل عزّام، ينسحب من هذه الفوضى الانتخابية السّائدة.

الدكتور كميل لم يبغِ يومًا منصبًا رفيعًا في البلدية، لأنه بحث عن رِفعة المواطن الخدماتيّة... لم يسعَ يومًا من أجل مصلحته الشخصية، أو من أجل مَطلبٍ شخصي، بل سعى من أجل تنفيذ المطالِب الحيويّة لسكّان البلد، وأثر مساعيه الحثيثة، من أجل مدينة صحيّة سكّانيًّا، ونظيفة بيئيًّا، ما زال مُدوّنًا في بروتوكولات البلدية، وكل ما يفعله، يصب في نهر المصلحة العامّة، الخالي كلّيًّا من حجارة المزايدات والأطماع، الذي لا بدَّ أن يجري في أحياء شفاعمرو، لكي تستفيد منه اقتصاديًّا وحضاريًّا وإنسانيًّا.

إن انسحابه من السّاحة الانتخابيّة، لا يعني أبدًا نهاية مطافه السّياسي، الذي طاف به خلال فترة عضويّته القصيرة في البلدية، بل يعني استمراره في تسيير أمور المواطنين من خلال موقعه كشخصيّة اجتماعية اعتباريّة من الدّرجة الأولى، رهنت وقتها الثّمين، لخدمة أهل بلده دون مقابل، بهدف منع أي تصدُّع في جدار العلاقات التّاريخي بين الطوائف، بشهادة جميع من تعامل مع كميل.

اكتسب هذه الصّفة المميّزة من الشخصية الاجتماعية المعروفة، الرّاحل شفيق عزّام، ومن خلال مهنة كميل الأساسية كطبيب، التي تتطلّب منه أن يكون جاهزًا لأي طارئٍ، أن يكون حسّاسًا ومراعيًا تجاه مرضاه... هكذا يتعامل مع جمهوره من خلال الاستماع جيّدًا لمشاكلهم، كي يُشخّص مكان الخلل الخدماتي الذي يعانون منه... وما زال يعمل بتفانٍ مع جميع من قَصَده دون تردّد. 

لا أحد يُنكِر أو ينسى مداخلات كميل الدبلوماسيّة... غير المندفعة... غير المجرّحة لأحد، جعلت الرّئيس، أمين عنبتاوي، يكِنُّ له كل الاحترام والتقدير الكبيرَين، رغم وجوده في المعارضة... ولكنها لاقت استحسان كل من فَريقَي الائتلاف والمعارضة على حدٍّ سواء، وأجمَعوا على آرائه الصّائبة، التي شكّلت مادةً للمناقشة في جلسات المجلس حينها، وكانت من أجل رفاهيّة شفاعمرو، لأن الدكتور كميل يعرف أصول اللعبة السياسية، التي بحاجة إلى الحنكة وحسن التصرف والتعامل مع الجميع بذكاء، وأوصل رسالته بوضوح بدون أي عثرات ائتلافيّة داخل المجلس.

وما حصل على شاطئ التواصل الاجتماعي الفيسبوك، الذي يتّخذه روّاده للمد والجَزر في تعليقاتهم، والأمواج الإعلامية التي ارتفعت عاليًا في هذا المحيط، لم تؤثّر أبدًا على تفكير الدكتور كميل بالانسحاب، بل كان يَكْيل بميزان العقل والتّروّي، ورمى شبكة حكمته في بحر عروض الترشّح التي طُرِحَت أمامه، ولكنه اختار أفضلها، وهو ترك السّاحة التنافسيّة، وكل ما يطلبه في هذه الانتخابات، هو التّوفيق بين مرشّحي القوائم، لأنهم إذا تفرّقوا ستتشتّت أجندتهم السّياسيّة، وستتفتّت قوّتهم على السّاحة، وهذا بنظره أسوأ تصوّر.

بعد انتهاء الانتخابات... يطلب الدكتور كميل من جميع القوائم القديمة والجديدة، هو التعاون مع بعض، حتّى يشعُر النّاخب المسكين، أنه مُقبل على فترة جديدة، تنشَط بالإنجازات لا بالتجاوزات. على الرغم من كل ما حصل من خلط وتلاعب في أوراق التّرشّح، لكن ورقة كميل لم تسقط في صندوق المخطّطات... لم تلطّخها دواة الرهان... لم يطوِها التخاذل، بل بقيت نقيّة، بيضاء.

كلّي أمل أن تمر سحابة هذه الانتخابات فوق سماء شفاعمرو بسرعة، دون أن تُمطِر بالمشاحنات والخلافات بين المرشّحين، دون أن تقصفنا النقاشات الحادة التي تدور في الجلسات الاجتماعيّة، برعود الخصام... حتّى تُشرِق علينا شمسًا رئاسيَّةً جديدةً، تسطع بائتلاف ملوّنٍ بجميع الأطياف الشفاعمريّة، يعمَل من أجل أن تتفوّق شفاعمرو في كل المجالات، لتبقى بهمّة الشُّرفاء، رمزًا للتعايش الحقيقي.