[x] اغلاق
أَحقًّا تُحبِّينَني سيدتي؟!...
3/10/2018 8:30

أَحقًّا تُحبِّينَني سيدتي؟!...

بقلم: مارون سامي عزّام

فجأة، بدأتِ تمارسين بي لعبة رماية سهام إعجابك الفريدة بشكلها... ريشة قلمي الثمينة، المصنوعة من العاج الإفريقي بدأت تخاف من أن تقضمها أنياب الزّمن يومًا ما. غيرتِ تصرفاتك تجاهي، حتّى دون أن أعرف سبب هذا التغيّر الفجائي... تغيرت الأحوال الجوية في منطقة ما من دماغك، لا أعرف اسمها، مثلما تتغير الأحوال الجوية في المناطق الاستوائية، فتمطر في أوج الحَر للحظات، وبعد دقائق تشمس.

هكذا تتصرّفين معي يوميًّا، إذ شعرتُ أن نظراتكِ هطلت عليّ للحظات، بلّلت فضاء دهشتي، وأنا أصطاف في مصيف التأمل وحدي، وبعد لحظات بزغت شمس لا مبالاتكِ الحارقة، من بين غمام حب استطلاعي، بهرتْ عينايَّ، حتّى تغطّي على فعلتكِ. خوفكِ من أن يفضح طائر نظراتكِ العلني رفرفته نحوي، جعلكِ تُهرّبينه خفيةً، مُحلّقًا فوق زحام انشغالاتكِ الوهميّة، لتُحيكي لي كنزة إعجاب رثّة، سيُفتّقها خبثكِ.

منذ البداية أقول لك، لست متفرغًا لحل ألغازك العصيّة عليّ... لستُ منهمكًا في تحليل خلاصات تصرّفاتك. في الحقيقة لم يخطر ببالي أبدًا أن تبدلي ملابس كبريائك الثمينة الأرستقراطية بملابس بسيطة، مخيطة بخيوط الطيبة والرقة، حتى النزول إلى عامة الشعب "الدرويش"، معقول أن تحبيني بهذه السهولة!... معقول كل هذا الجهد الذي تبذلينه، كي تلفتي انتباهي؟!

أتعلمين أنِّي أعرف جميع تفاصيلك... وأعرف بالضّبط حجم عقليتك الحقيقي، توصَّلتُ إليه بعد أن أجريت حسابات دقيقة، حسب أوزان شخصية الفتاة المتعارف عليها اجتماعيًا. بالنسبة لي جميع الأمور واضحة، فلا تحاولي تبرير نظراتك وابتساماتك على أنها غير موجهة لي... أعرف تمامًا أنّك تقرأين كتاباتي، لا تنكري أنك تعرفينني من خلال متابعتكِ لما أكتبه من مواضيع منوّعة تنشَر في الصحف، تُطلين من خلف جدار الفيسبوك الافتراضي، كي تقرأي منشوراتي القصيرة، عبر صفحتي الشخصيّة، دون أن تتركي أي أثَر!!

أحقًّا سوف تغنجني غمازات وجنتيك، اللتين تغنّجان عينيك المكحلتين بريشة كُحل "لانكوم"؟! حقًّا لا أدري!... شَعرُك الأسود البرّاق، والمسدول فوق منكبيك، أحقًّا سوف تبعثره نسمات تودّدك لي، التي قد يشعر بها شخص آخر؟!! حقًّا، لا أدري، لأن يديك احتكرتا مشطه الذي يسرح خصلاته بتؤدة لئلا يستفزها، كي لا يشعر بأنّك تفتشين بينها عن نجوم السَّحَر التي ألهمتكِ أن تعجبي بي فجأة.

سيدتي، عندما أقدمت على كتابة هذه المقطوعة، شعرت كأنّي أكتب لغة الحب لأوّلِ مرَّة، وأنّكِ تدفعينني عمدًا إلى هامش هذه الورقة كي تحتكري أسطرها وكلماتها بشكل حصري... إذا كنت حقًّا تحبينني، فلا تحتكري كلماتي، لا تفتكي بأفكاري بهذه الشراسة، وكأنك عُينتِ وصيّة على إبداعاتي، تحاولين عمدًا أن تقطعي شريان تفكيري، بمقَص غيرتكِ من تألّقي في فن الكتابة.

أيتها الفاتنة، أنا مخلوق غير قابل للانكسار أو الانهيار أمام روعة جسدك، لأنك إذا رفضتِني سوف يصبح هذا الحب أنقاضًا ذليلة، تبني فوقها هرمًا عشقيَّا آخرَ، في قمته قبعة مصنوعة من حرير فتنتك. أليس من أفضل أن أجلس في مقهى العشاق، مصغيًا إلى أزيز همومهم يهدر بشدة في آذاني، بعيدًا عن جوّك المعقّم من بصمات حبّكِ. بصراحة تامّة، قابلت الكثير من نُسَخكِ، وكانت طبعة كل نسخة من حروف أبجدية تعرّفي إليهن، أردأ من التي قبلها، بحيث لم أتمتع بنسخة كتاب حب قيّمة.

لن تستطيعي أبدًا الهيمنة علي يا من تحملين لي أطباق مقبلات إعجابك بي، التي لا أعرف إذا كان مذاقها شهيًا أم لا!!. لماذا أرهقتِ نفسكِ وعذبتِها هباءً؟! غيرتِ جدول أعمالك اليومي... أضفت اسمي إلى دفتر يومياتك... كم أخاف أن أصبح مجرد اسم آخر بلا مغزى، يضاف إلى قائمة المنهزمين أمامكِ! إذا كانت نيّتك تجاهي صادقةً وصافية، اشطبيه من دفتر يومياتك واكتبيه في مذكراتك الخاصة التي تحتفظين بها لأشخاص مميزين، لأن حبّكِ الظّاهري، الذي تحاولين إملاءه علي، أعتبره حبًا عرضيًا، خاضعًا لأهوائكِ، فقط لتملئي فراغًا رومانسيًا تعيشنه.

إذا كنتِ حقًّا تحبينني، سأشفق عليك لأمنحك حُكمًا مستقلاً، ذا كيان منفرد... اُدرسي جيدًا هذه التحولات الغرامية الإقليمية والجذرية، الحاصلة في باطن تفكيرك الغريب، لأنّني لا أومن بها، أعرف أن جيولوجية عقليتك غير المستقرّة، قد تتغير جراء زلزال رفضك لي، الذي سيزعزع أركانها يومًا ما... كم أحب أن يولد الحب في عملية قيصرية، يَخرج إلى الدنيا وهو ينطق بأول كلمة عرفتها طفولة الحب وهي "أحبكَ"، لتجعله، يا حاضرة الوقار، يفرح عندما يسمعها تخرج من فمك. هذا كله سيحصل لو لم تكوني فتاة مراهقة تركض نحو إناء صفوتي لتحطمه دون انتباه.