[x] اغلاق
احترام قوانين السواقة ظاهرة حضارية وتجاهلها تخلف
13/12/2018 8:48

احترام قوانين السواقة ظاهرة حضارية وتجاهلها تخلف

الاعلامي احمد حازم

طلب مني  صديق لي مهتم بقضايا الأمان على الطرق، مرافقته لحضور ندوة عربية حول سلوكيات السائق العربي. ورغم أني (الآن) لست سائقاً لكني لبيت الدعوة شاكراً، لسببين: أولهما غريزة حب كسب معلومات عن أخلاقيات السائق العربي خلال عملية السياقة، وثانيهما معرفة ما يحدث في الشارع العربي على صعيد "السواقة". وكم كنت نادماً فيما بعد على المشاركة في هذه الندوة لما سمعته من الممارسات التي يندى لها الجبين من بعض السائقين أو بالأحرى غالبية السائقين العرب.  وتذكرت وأنا خارج من الندوة قول خبير ألماني في شؤون الأمان على الطرق:" الالتزام بأدبيات السواقة واحترام قوانينها ظاهرة حضارية للمجتمع، وتجاهلها يعكس تخلف  المجتمع".

المشاهد المؤذية والمخزية في آن واحد، والمتعلقة في سلوكيات غالبية أصحاب السيارات الخصوصية  العرب، والتي يعيشها المواطن في البلدات والمدن العربية، هي كثيرة ومتعددة وتحدث كل يوم. وقد  أصبحت هذه السلوكيات وللأسف أمراً عادياً في مجتمعنا، الذي يفتقر إلى أدنى متطلبات المنطق في السلوكيات. الشيء المعروف، أن كل من يتعلم قيادة السيارة يتلقى دروساً نظرية يطلق عليها عرب إسرائيل (تيئوريا) ودروساً عملية في كيفية القيادة، ومن ينجح في اجتياز الفحص النظري (عفواً التيئوريا)  والفحص العملي  (عفواً ألتيست) ، يسمح له بقيادة سيارة.

لكن المشكلة، أن الصورة التي يعكسها معظم  السائقين في الشارع العربي بشكل عام، وأقصد في البلدات والمدن العربية، تدل على أن نسبة لا يستهان بها من السائقين، وبعد اجتياز فحص التيئوريا، يضعون ما تعلموه جانباً، ويطبقون ما يروه هم أنفسهم مناسباً لمزاجهم، أي أن ما يمارسونه في الواقع هو فوضى بحد ذاتها ومخالف كلياً للدروس التي تعلموها.

في المواقف الخاصة بباصات النقل داخل البلد العربي، نشاهد في كثير من الأحيان سيارات خاصة يركنها أصحابها في تلك المواقف، ضاربين بعرض الحائط الإشارة التي تدل على أن هذا الموقف مخصص فقط لباصات النقل، وإشارة أخرى تظهر عدم السماح بالوقوف للسيارات. ويوجد في بعض المدن العربية موظفون مختصون يطلق عليهم اسم "البكاحيم" مهمتهم مراقبة شوارع وسط البلد وتحرير مخالفات بحق سائقي السيارات الخصوصية المخالفين للنظام.

لكن هناك مشكلة في تعامل ما يسمى بـــــ "البكاحيم" مع المخالفين، ولا سيما أمام المطاعم، إذ يتعاملون مع المخالفين بمعايير مختلفة. فليس كل من يخالف قوانين الوقوف في وسط البلد يتلقى مخالفة من أصحاب البدلات الرمادية، لاعتبارات معينة. وبغض النظر عما يفعله البكاحيم، وما يرتكبوه من أخطاء في ممارساتهم، فإن المشكلة ليست بهم في الدرجة الأولى، إنما المشكلة في أصحاب السيارات. فلو كان عند هؤلاء ذرة من احترام القانون، لما كنا أصلاً بحاجة إلى بكاحيم أو غيرهم. لأن المفروض بهم أن يطبقوا ما تعلموه في دروس السواقة ليس أكثر.

الأمر المستغرب، أن السائقين لا يجرؤون على هذا التصرف في  الأحياء  اليهودية لأنهم يحسبون ألف حساب لعواقب أفعالهم، وهم يمارسون هذه السلوكيات المرفوضة في وسطهم العربي. أي أنهم يستأسدون في مناطقهم ويضعون أنفسهم فوق القانون، ويصبحون "أرانب" في المناطق اليهودية ويرضخون للقانون رغما عنهم. فلماذا هذا التصرف اللامسؤول وغير الأخلاقي إزاء بعضنا البعض، ولماذا لا نكون مثالاً يحتذى به للمواطنين اليهود، الذين كثيرا ما يتشدق البعض بالحديث عن احتراهم الكبير للقانون والنظام.

من يحترم القانون يحترم نفسه وبذلك يبقى بعيداً عن التساؤل، ومن لا يحترم نفسه ينتهك القانون، وبذلك يدفع ثمن سلوكه غالياً، مع احترامي فقط لمن يستأهلون الاحترام.