في قلب العاصفة متنفّس عبر الشاشة 13/12/2018 11:26
أريج عسّاف- داموني " في قلب العاصفة" متنفّس عبر الشاشة في خضم ما يعيشه المواطن العربي في إسرائيل من وجع التحدّيات التي تبدأ ولا تنتهي، وفي خضم العنصرية الآخذة بالتفشي أكثر فأكثر في الشارع الإسرائيلي، ما زالت بعض الأصوات البسيطة من قبل المجتمعين اليهودي والعربي يبحثون عن نقطة أمل وعمل نحو خلق مناخ للعيش المشترك أو الطبيعي إذا صح القول. من خلال فيلم وثائقي تم عرضه الأسبوع الماضي على قناة مكان، نجح السيناريست والمخرج بلال يوسف برصد حالة العنصرية التي يتمترس خلفها المجتمع الإسرائيلي في جولة تأخذ المشاهد إلى أروقة المستشفيات الإسرائيلية (مستشفى هعيمق في العفولة على وجه التحديد) لتعكس واقعاً مغايراً ومناقضاً لما هو عليه الحال خارج المستشفى. فيلم " في قلب العاصفة" وهو فيلم من سلسلة أفلام " العيش في التعايش" والذي أطلقتُ عليه أنا اسم " العيش في لهيب العنصرية" هذه العنصرية التي تقتل جميع أطرافها حتى تحترق وتحرق كل من حولها بالكامل، طرح المخرج من خلال فيلمه عدّة تساؤلات أهمها؛ هل يمكن الاستمرار بهذا النهج طويلا؟ هل هناك من خاسر ورابح في نهج العنصرية؟.
على الرغم من الشخصيات المختلفة التي يصحبها الفيلم في طيات مشاهده، بنظري كان بطل هذا الفيلم هو الدكتور " نائل بشارات" مدير قسم الأمراض الباطنية الذي تحدّث عن الصعوبات التي يعيشها المواطن العربي في دولة إسرائيل وعن العنصرية التي يُعاني منها العربي في الدولة، والتي طالته هو أيضا في مجال عمله كطبيب داخل أروقة المستشفى من قبل بعض المرضى، وعن العنصرية التي يواجهها في المطار أثناء سفره لأداء واجبه كطبيب وانتقاله من مؤتمر إلى آخر، حيث يضطر في كثير من الحالات إلى إشهار بطاقة الطبيب التي بحوزته حتّى يُخفف الأمن عليه حدّة الأسئلة والاستفسارات الأمنية! وهذا ما يعيشه المواطن العربي في إسرائيل عامّة من ملاحقات وأسئلة أمنية جارحة وجارفة أحيانًا للإنسانية لمجرّد أنّه عربي لا أكثر! أُختُتم الفيلم في قسم المواليد الجدد وبصرخة طفل مولود جديد أنهى المخرج فيلمه، وفي هذا رسالة واضحة تنص على أنّ المولود يولد مُجرّدًا من كل شيء ونحنُ من نعطيه اسمًا، ونعطيه ديانة، معتقدات، مفاهيم، تقاليد وعادات نُكسبه أيّاها كما هي وفي طيّاتها العنصرية المكنيّة أيضًا، ولو عدنا لأصل خليقتنا نرى أننا ولدنا مُجرّدين من كل شيء وبأنّ ما نعيشه اليوم هو نتاج سياسي محض، علينا أن نكون بوعينا الكافي لنرى هذه الصورة بوضوح أكبر. إلا أنه ومن المؤسف القول أن الفيلم لم يتطرق للفصل بين النساء العربيات واليهوديات في أقسام الولادة والذي تنتهجه أو تتيحه على الأقل الكثير من المستشفيات الإسرائيلية. وفي نهاية الفيلم يتركنا المخرج مع السؤال المفتوح هل علينا جميعا أن نعيش داخل مستشفيات عملاقة حتّى نعتاد العيش والتعايش بعيدًا عن الكراهية والعنصرية ؟ وحتّى نعيش إنسانيتنا بكل ما تحمله الكلمة من معاني سامية ونجرّد أنفسنا من كل الأفكار المسبقة التي بنيناها عن الآخر، هل من الممكن أن نعود أطفالا ولدت من جديد وجرّدت نفسها من كل هذه الشوائب التي أُقحمنا جميعًا بها دون رغبتنا؟! والإجابة عندك أنت كمشاهد لهذا الفيلم، وقارئ لهذه المقالة!
أريج عساف داموني.
|