[x] اغلاق
اللغة العربية ثقافة وتاريخ والمطلوب الحفاظ عليها
27/12/2018 18:00

اللغة العربية ثقافة وتاريخ والمطلوب الحفاظ عليها

الإعلامي أحمد حازم

تعرض المشرق والمغرب العربيين للإستعمارين الإنكليزي والفرنسي في القرن التاسع عشر. فمن الدول العربية التابعة جغرافياَ للمشرق حكمها الاستعمار الإنكليزي، ودول عربية مشرقية مثل لبنان وسوريا، حكمها الاستعمار الفرنسي، الذي حكم أيضاً دول المغرب العربي. وبطبيعة الحال كان لا بد للشعوب العربية الخاضعة تحت ظلم هذين الاستعماريين أن تتعلم لغتيهما الإنكليزية والفرنسية، لأن الإستعمار بشكل عام يفرض لغته دائماً على ثقافة الشعوب المستعمرة (بفتح الميم الأخيرة).

أنا لست ضد تعليم لغات أجنبية مثل الإنكليزية والفرنسية  فهما لغتان عالميتان يتحدث بهما العالم، ولكني ضد (أنكلزة أو فرنسة) اللغة العربية، بمعنى كثرة استخدام مفردات من هاتين اللغتين في الأحاديث الإجتماعية والثقافية وحتى في الأحاديث العائلية في البيت. ولا يجوز أبداً إدخال مفردات أجنبية في لغتنا العربية الجميلة.

الثورة الجزائرية انتصرت على الاستعمار الفرنسي في عام 1962، وتم الاعلان عن استقلال تونس والمغرب من حكم فرنسا في العام 1956، لكن اللغة الفرنسية لا تزال تسيطر حتى يومنا هذا على مجتمعات دول المغرب العربي، مما يعني عدم وجود برامج رسمية مكثفة في مجتمعات هذه الدول، لإعادة إحياء التداول في اللّغة العربية اجتماعياً ورسمياً.  والأمر المذهل في هذه الدول هو وجود مثقفين وساسة مثل سعيد السعدي في الجزائر الرئيس السابق لحزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" ”ينادي بضرورة اعتماد اللغة الفرنسية كلغة البلاد والابتعاد عن اللغة العربية.

عندما كنت ألتقي مثقفين في هذه الدول، كان الحوار بيننا يتركز على استخدام مفردات فرنسية كثيرة في الأحديث والمناقشات، حتى يتطور الأمر فيما بعد إلى الحديث باللغة الفرنسية. قال لي أحدهم:" يا أستاذ أحمد هذا نتيجة الاستعمار الفرنسي". فلم أوافق على هذا الرأي، لأن الإستعمار الفرنسي ولى عن المغرب العربي في منتصف الخمسينات وبداية الستينات، وكان بالإمكان وضع برامج  لإحياء اللغة العربية للأجيال القادمة. لكن المقصرين يجدون دائما مبررات عديدة لفشلهم ولتقصيرهم.

ولماذا نذهب بعيداً الى المغرب العربي. نحن الشعب الفلسطيني الأصيل، الذي يعيش تحت الحكم الاسرائيلي منذ عام 48، تستخدم نسبة كبيرة في مجتمعنا مفردات عبرية في لغتنا العربية . صحيح أن هذه المشكلة لا توازي بحجمها مشكلة اللغة العربية في دول المغرب العربي، لكن اللغة العبرية في مجتمعنا العربي أصبحت ــــ وللأسف ــــ  مفضلة لدى الكثيرين بحجة التداول بها يومياً. وهذا السبب غير مقنع بتاتا.

يقول الباحث في مجال اللغات البروفيسور محمد أمارة،" إن اللغة تنمو وتترعرع بالإستعمال وعلينا استعمال لغتنا في مختلف مرافق حياتنا، فهذا كفيل بحفظها وحفظ هويتنا ومقاومة محاولات تغييبنا". ولذلك فإن الأهل يتحملون المسؤولية الكبيرة في تربية أبنائهم على حب اللغة العربية واستخدامها في الأحاديث العامة مع الأصدقاء والأقارب العرب والأماكن العربية العامة.

الدكتور محمود كيال قالها صراحة في بحث له تم إعداده بدعم من مجمع اللغة العربية في حيفا، في شهر مارس/ آذار من العام 2011 "إن اللغة العبرية التي تحمل خطابا فكرياً وسياسياً صهيونياً، أصبحت وسيلة من وسائل تغريب الفلسطيني ونفيه عن وطنه ومصادرة هوية مكانه وتهميش لغته".

هناك وللأسف، العديد من الأشخاص في مجتمعنا العربي ينشرون أسماءهم باللغة العبرية في مواقع التواصل الإجتماعي، وبدون خجل أو حياء، وآخرون أيضاً ينشرون تعليقات لهم باللغة العبرية على الفيسبوك. أليس هذا عاراً عليهم كعرب؟ أنا أتفهم ذلك لو نشروا تعليقاتهم في مواقع عبرية، لكن أن ينشروا ذلك على (الفيسبوك العربي) فهذا بنظري غير مقبول، لأن ذلك يعني الابتعاد الكلّي عن اللّغة الأم وتجاهلها قصداً. يجب على الذين يفضلون استخدام اللغة العبرية،  ان يعرفوا إن لغتنا العربية هي لغة عالمية يفتخر بها كل عربي عاقل،.

مصطفى صادق الرافعي الذي يطلق عليه معجزة الأدب العربي، يرى:" أن اللغة مظهر من مظاهر التاريخ، والتاريخ صفة الأمة، وكيفما قلّبت أمر اللغة - من حيث اتصالها بتاريخ الأمة واتصال الأمة بها - وجدتها الصفة الثابتة التي لا تزول إلاّ بزوال الجنسية وانسلاخ الأمة من تاريخها". أما الدكتور طه حسين فيقول:" إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضاً".

وبعد كل ما تقدم، هل يفهم هؤلاء العرب  المهتمين بـــ " البسيدر" معنى هذا الكلام؟.