[x] اغلاق
قراءة في التطورات الانتخابية في المجتمع العربي
10/1/2019 10:14

قراءة في التطورات الانتخابية في المجتمع العربي

الإعلامي أحمد حازم

كنت قد حذرت في مقال سابق لي من أن يؤدي الخلاف بين مركبات "المشتركة" إلى الإعلان عن قائمة جديدة. وفعلاً حصل ما توقعناه،  فقد أعلنت الحركة العربية للتغيير في بيان لها عن انسحاب رئيسها د. أحمد طيبي من "المشتركة"  بسبب فشل المفاوضات التي جرت بين الطيبي ومركبات المشتركة (الجبهة،التجمع والإسلامية الجنوبية)

المشكلة، أن المركبات الثلاثة يتهمون الطيبي بالخروج  عما أسموه "الخط الوطني وضرب المشتركة" لأنه أعلن عن انسحابه منها، بمعنى أن الطيبي  هو وطني ويحب مصلحة شعبه إذا بقي في المشتركة راضياً بالظلم اللاحق بحركته ويسير حسب ما تريده مركبات المشتركة، وهو غير وطني ويريد شق المشتركة إذا لم يسمح لهم باستغلاله ويطالب بحقه. وهذا هو خطأ فاحش. هذا قصر نظر سياسي بامتياز.

خطأ كبير أخر وقعت به الأحزاب الثلاثة، وهو اقتناعها بأن الطيبي لا يجرؤ على الإنسحاب من "المشتركة" مهما كان الإجحاف بحقه، لأن عضويته غير مضمونة في الكنيست إذا غرد خارج سرب المشتركة، وراهنت هذه الأحزاب على بقائه فيها مجبراً. لكن الطيبي وبناءً على خبرته البرلمانية  وحنكته  السياسية في التعامل مع المستجدات، وبناءً على شعبيته في الشارع العربي، فجر قنبلة انتخابية لم يكن يتوقعها أحد من المشتركة، حيث قام بضرب عصفورين بحجر واحد. فهو لم يكتف بالإعلان عن الأنسحاب من "المشتركة" فقط، بل وأعلن أيضاً عن تشكيل قائمة جديدة في وقت لاحق بالتعاون مع علي سلام رئيس بلدية الناصرة. وهناك  مؤشر يدل على اتجاه مازن غنايم الرئيس السابق لبلدية سخنين، في الإنضمام لقائمة الطيبي.

ومنذ إعلان الطيبي عن انسحابه من المشتركة، فقد ممثلو المركبات الثلاث أعصابهم وجن جنونهم وتجاوزوا كل الخطوط الحمر بتصريحاتهم، ضد الطيبي، وهي تصريحات أقل ما يقال عنها "عدوانية لا أخلاقية". فقد صرح سكرتير عام الجبهة، منصور دهامشة، بأن "خطوة الطيبي في تشكيل قائمة ثانية هي تجاوب مباشر مع ما طرحه بنيامين نتنياهو واليمين الصهيوني من أجل تفكيك المجتمع العربي، وشرذمة القائمة المشتركة". عيب والله عيب يا دهامشة، أن يصدر كلام غير مسؤول من قيادي جبهوي يعرف تاريخ جبهته، "وإذا لم تعرف أنصحك بمراجعة التاريخ قبل أن تتهم قادة وطنيين بالتعاون مع اليمين الصهيوني .

الضربة القوية وجهها الطيبي  لـ "لتجمع". ففي الوقت الذي سمعنا فيه تصريحات  من  قادة في "التجمع" تؤيد انضمام مازن غنايم إلى المشتركة بمقعد مضمون، جاء أحمد طيبي ليقول لهم أن غنايم سيذهب على الأكثر في اتجاه القائمة الجديدة  التي سيشكلها  لخوض انتخابات الكنيست. هذه فعلاً ضربة معلم من الطيبي.  وكثيراً ما صرح مراقبون لتطورات "المشتركة" أن أحمد الطيبي  هو صمام أمان لها وبدونه ستتعرض "المشتركة"  لهزة قوية، وهذا ما حصل بالفعل. ردة فعل الشارع العربي كانت إيجابية جداً بعد سماع خبر انسحاب الطيبي من المشتركة. ويرى محللون سياسيون ان المقاعد التي ستحصل عليها  قائمة أحمد الطيبي ستكون مفاجأة مدوية للجميع. 

كان على الأحزاب الثلاثة في المشتركة، أن يكونوا أكثر عقلانية وأن يكون لديهم بعد نظر سياسي والإحتفاظ بالحركة العربية للتغيير، وليس العمل على دفعها لتأسيس قائمة جديدة، وبذلك هم الذين شقوا المشتركة، وليدفعوا ثمن ما فعلت أياديهم. وسيندمون على ذلك يوم لا ينفع الندم.

إن حصول المشتركة على 13 مقعداً في الإنتخابات الماضية كان بفضل الأصوات التي حصل عليها الطيبي. لكن الذي يلعب بالنار من المؤكد سيحرق نفسه، وكثيراً ما كانت تصريحات وسلوكيات بقايا "مركبات المشتركة" أشبه باللعب بالنار ولذلك لا بد لهم من دفع الثمن في انتخابات الكنيست المقبلة.