[x] اغلاق
لذكرى رحيل الفاضلة سميرة عزّام خوريِّة (أم نبيل) ستبقى وهَجًا للذّكرى
27/2/2019 9:04

لذكرى رحيل الفاضلة سميرة عزّام خوريِّة (أم نبيل)

ستبقى وهَجًا للذّكرى

بقلم: مارون سامي عزّام

ندخل في نفق الحياة، نبدأ السير على درب العمر الطويل منذ صغرنا، نمارس الواجبات المفروضة علينا، ونتصارع مع الظّروف التي باغتتنا، دون أن نشعر، بينما دولاب الأيّام يتقلّب مع الشهور بحلوها ومُرّها على مسار السّنين، حتّى نبلُغ سن الشّيخوخة، فيعترينا الضّعف الجسدي فجأةً، كما اعترى الرّاحلة الفاضلة سميرة خوريّة، أم نبيل، التي عاشت حياةً مكرّمة، في بيتها وحتّى خلال وجودها في مأوى العجزة.

سيّدة عاشت من أجل أسرتها الوديعة، علّمَت أبناءها كيفيّة التعامل مع الظّروف المعيشيّة بتفهّم ودراية، إلى أن بلوروا بأنفسهم حياتهم الخاصّة، وشيّدوا صرحًا آمنًا مبنيًّا على أسُس العِلم والمعرفة، احتموا به، صان كرامتهم، أصبحوا أصحاب مهن متعدّدة، بفضل دعوات والدتهم المؤمنة، التي قامت بواجبها التّربوي كما يليق بأم صبورة، حافظت على أسرتها من اعتداءات القدر الغدّارة... استمدّ أولادها من زهرة عمرها رحيق الأمل، فأعطوها بستانًا مُزهِّرًا بالاحترام والتقدير... منحتهم شهادة الوفاء، فمنحوها جائزة العطاء.

أم نبيل كانت نبيلة في تعاملها مع جيرانها والجميع... أحبّت المرح والدعابة، كانت تحرص دائمًا على أناقة ملابسها في المناسبات، مضيافة، تقدّر عاليًا زيارة الضّيف، وتقوم بواجب ضيافته، مُرحّبةً به بوجهٍ مبتسم، وخاصّة عندما زرت بيتها بطلب من كريمتها المربيّة آمال خوريِّة، كي أضبط جهاز استقبال القنوات... كم فرحتْ الرّاحلة حينها بزيارتي.

أبناؤها ظلّوا حول والدتهم مثل ظلال الرّحمة، حلّقوا حولها دون أن تشعُر، ظلّلوها بعنايتهم الشّديدة، وفّروا لها كل وسائل الراحة، فبقيت تحت جناح خوفهم عليها... ابنتاها كانتا حارستَين على باب السّهر، تناوبتا على البقاء مع أمهما، حرصتا على التمسّك بعُمرها لئلاّ يسرقه القدَر... ورغم كبر سن شقيقات أم نبيل، إلاّ أنهن منحنها لآلئ الدّعم المعنوي، المشعّة بالإرادة، ليُبعدن عنها ظلمة العذاب.

علاقاتها الأسريّة متعدّدة، فاستطاعت أم نبيل الحفاظ على خيوط القرابة التي ربطتها بعائلتنا، ولن أنسى عندما أتت لزيارتنا، وهي في بداية عجزها الحركي، برفقة مساعدتها المنزليّة على جهاز متنقل، فإنّ هذا يدل على أهميّة التعاضد الأسري بالنسبة لها، الذي منحها دائمًا دافعًا لحب الحياة الجماعيّة، واليوم الحياة الأبديّة صارت مَسكنها، وذكراها الطّيبة ستبقى تلوح في أفق ذاكرة الجميع.