[x] اغلاق
آسِف... اعتذاركِ مرفوض
7/3/2019 8:35

آسِف... اعتذاركِ مرفوض

بقلم: مارون سامي عزّام

أيتها الساحرة؛ آسف جدًّا، ليس لدي الوقت الكافي لأضيعه بالحديث عن أعذاركِ المألوفة لدي، لقد أرسلت ذكرياتي إلى منفى الماضي البعيد، كي لا تعاودي محاسبتي عليها أو حتى تذكريني بها، فكلما طلبتِ الاعتذار، سأقول لك:"لقد تعلقت في نعمة النسيان، التي منحتني فرصة محوك من ذاكرتي ومن جميع ميادين حياتي التي كانت تحت تصرفك".

تذكري ردك لمبعوثي، عندما أرسلته حاملاً لك خلاصة حبي، فقد قلتِ له: "لا أفكر الآن في الحب، لأنني أرغب أن أقوم برحلة في دروب الحرية قبل الارتباط بأحد". لماذا إذًا تريدين العودة إليّ اليوم، خصوصًا في هذه الفترة؟! ألا تريدين التعرف على دروب الحرية، أم أنك مللتِ منها؟!... إذا اعتقدت أنّي سأسمح لك بالمرور من جديد على درب حبي، بمجرد كلمة اعتذار، آسف جدًّا، لقد وضعت حواجز اللامبالاة على دربي، ولن أسمح لكِ بعبورها، لأنّني قد  تركت أحزاني وأعذارك محتجزة، عند تلك الحواجز.

سيبقى اعتذارك لولبًا في ساحة حيرتكِ، يدور على محور رفضي الثّابت، إذا كان تفكيركِ بالعودة إلي، نتيجة انتهاء مخزون الحب في عالمكِ، ولم تجدي من يزودك به، فقد أخطأتِ العنوان! سأترك لولب اعتذاركِ يدُور حول نفسه، حتّى يُصاب بدَوار الملل، أرفض أن أكوُن ساقية عشقٍ، تُكرّر أحداث قصّتنا الفاشلة، أرجوكِ اصرفي النّظر عنّي، فما زلتُ أذكُر عندما عجِزتُ عن سحب كلمة حب واحدة من فمكِ، وكأنّكِ ابتلعتِ لسان النُّطق، وصارت مشاعركِ خرساء، ولم أتوقع أن يكون قلبك وكرًا لحبي، وعقلك بيتًا لحبٍّ آخر.

سافرت عبر أعذارك كي أتحقق من صحتها، تاجرت باعتذاراتك الرخيصة في سوق السخافة، ووجدتها عديمة الصلاحيّة، وجدت منطقة ذكريات حبنا، مَسكنًا لأشباح الماضي. أكرّر أسفي أيتها المشعوذة، لن أقبل اعتذارك الماكر. تناولت كتاب اعتذارك، فوجدت أوراقه صفراء، مكتوب عليها تفسيرات مبهمة غير منطقية أبدًا، بدون مبرّرات مقنعة، ألهذا السبب تريدين الاعتذار؟! افهمي أنّي قد غربلت زوان اعتذارك، على بيدر النّسيان.

آسف، لا تفتحي أمامي حقيبة الاعتذار السّوداء الغامضة، لأنّ محتواها مشبوه، مشكوك في أمره. فبعد أن فقدت حاسّة الحنين إليكِ، صرتُ أحنّ لضميري، حتّى بعد أن فقدتُ حاسّة السمع، صرت أسمع صوت أعماقي. بسببك فقدت جميع الحواس الإنسانية التي تعرفينها، وملأت زجاجات أيّامي القادمة بماء ورد التفاؤل، لئلاّ تذكرني بك، أرفض أن تلمسها يداك اللتان نسجتَا لي في الماضي خيوط التودّد، وصنعتِ منها شبكة آمال خياليّة، متينة، إلى أن أوقعتني بها لا شعوريًّا. اليوم مزّقت شبكتك المريبة، لم يعُد لها وجود على أرض الواقع، وجفّفتُ مستنقع أعذارك الملوث بدموع التماسيح، يا قنّاصة القلوب الساذجة، لا تحاولي باعتذاركِ المفبرك أن تقاومي تيار غيظي... حذارِ!!