[x] اغلاق
مقال للبخلاء والأثرياء الذين لا يخرجون الزكاة
23/5/2019 7:16

مقال للبخلاء والأثرياء الذين لا يخرجون الزكاة

الإعلامي أحمد حازم

تعلمنا ونحن صغار، أن الصيام في شهر رمضان هو درس للمقتدرين ميسوري الحال للإحساس بشعور الفقراء، الذين لا يستطيعون الحصول على قوت يومهم، ويعانون بذلك من الجوع. وتعلمنا أيضاً أن المسلم يتوجب عليه في الشهر الفضيل، إخراج الزكاة لمساعدة الفقراء والمحتاجين. ولكن هل رمضان هذه الأيام هو فعلاً كذلك؟ وهل بالفعل أن  كل الأغنياء وميسوري الحال يخرجون زكاة أموالهم حسب الشريعة؟

أنا لا أشك أبداً بوجود أناس يقومون بواجبهم الديني بصورة كاملة، ولا سيما فيما يتعلق بالزكاة. لكن هناك فئة غير قليلة من المسلمين في مجتمعنا، وانطلاقاً من سلوكيات هؤلاء لا يعرفون معنى الزكاة ولا كيف يزكّون. أحد المشايخ الأفاضل في الناصرة قال لي بألم وحسرة: " لو أن غنياً واحداً فقط قام بتزكية أمواله لما وجدنا فقراء في الناصرة"

للأسف هناك أصحاب مال يصومون ويذهبون للمساجد في شهر رمضان، ليراهم الناس فقط، لكنهم من جهة ثانية لا يقومون بإتمام واجباتهم الدينية مثل الزكاة. وأعتقد بأن هؤلاء بخلاء حريصون على تخزين أموالهم ولا يعرفون أن الحسنة بعشرة أمثالها، وأن إخراج الزكاة تزيد مال المسلم ولا تنقصه. أنا لا أفهم كيف أن الغني  البخيل  يحرص على أن لا تدخل نقطة ماء في جوفه كي لا يفسد صيامه، لكنه في نفس الوقت لا يخرج الزكاة  كي لا ينقص ماله. أليس هذا تناقضاً؟؟

قال لي غني يعتبر نفسه من صغار أصحاب الأموال، لأنه يمتلك فقط ثلاثة ملايين شيكل:" أنا مش مجنون لحتى أتخلى عن 75 ألف شيكل للناس منشان الزكاة". قالها هذا الغني بجدية لأن البخل يتحكم فيه. ومثل هذا البخيل هناك أصحاب رؤوس أموال كبيرة و"مليونيرية" كبار أعدادهم ليست قليلة، فلماذا لا يتحركون دينيا بالشكل المطلوب؟

لا أحد ينكر وجود أثرياء في مجتمعنا العربي يقومون بواجبهم تجاه أبناء جلدتهم في مناطق البلاد. وهؤلاء كرماء بعكس الأثرياء البخلاء. ويظنُّ البخلاء أنَّ السخاءَ يُنقص الثروة، والحقُّ أنَّ الكرم طريق السعة، وفي الحديث القدسي: "يَا عَبْدِي، أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ". وقال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}  سورة "سبأ: 39" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".

لقد توعد الله عز وجل بالعذاب الأليم لكل من منع إخراج الزكاة. قال الله تعالى في سورة التوبة: ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ). الملائكة أيضاً  تدعو للبخيل بأن يتلف الله ماله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَر: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا).

القرآن الكريم  حذر بشكل واضح من ان البخل هو شر يؤدي بالمسلم الى العذاب الاليم. وقد ورد في (الآية 180) في  سورة آل عمران: (َلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ  سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) حيث يجعل الله للبخيل مما بخل به طوقًا حول عنقه، فكلما منع البخيل نفسه من العطاء إزداد الطوق ثقلًا. والإسلام  يدعو لتنشئة النفوس على فعل الخير وإسداء المعروف للناس، وإلى الجود والإنفاق ويحارب البخل والشحِّ، ويدعو المسلم أن يجعل في ماله متَّسعًا للفقراء والمحتاجين، ومن أجل ضمان السعادة للجميع لا بد أن يعطف المقتدر على الضعيف.  تقبل الله طاعتكم وصياماً مقبولاً.