[x] اغلاق
التعليم في شفاعمرو وعودة الأسراب
30/5/2019 7:13

التعليم في شفاعمرو وعودة الأسراب

بقلم: زايد خنيفس

الجدل القائم بين الشفاعمريين حول موضوع جهاز التعليم، أخذ منحى اجتماعيًا في الأسابيع الأخيرة، ألزمنا أن نحدد موقفًا واضحًا من هذا الملف، لِما فيه من أهميّة يُحدّد في ثناياه مستقبل أجيال آتية، من حقّها أن تحلّق في أسرابها نحو الشمس، شامخةً كالأصيل.

حسب الإحصائيّات الرسميّة، هناك أكثر من 1200 طالب شفاعمري، يتعلّم خارج مدارس شفاعمرو، وهذا بحدّ ذاته يستدعي منّا وقفةً على مفترق طرُق، لإعادة الحسابات ورسم علامة استفهام كبيرة، سائلين أنفسنا وفي كل موقع، لماذا وصلنا إلى هذا المشهد؟!، بعد أن كانت مدارس شفاعمرو، وخاصة الثانوية البلدية، منارة التعليم وأذكُر طلاّب صفّي من القرى المجاورة، بل أكثر من ذلك، تخرّج من مدارس شفاعمرو الحكومية والأهلية والبلديّة، خيرة طلاّبنا الذين يتصدّرون اليوم قيادات في كل مؤسّسات الدولة.

اتخذ المجلس البلدي قرارًا جريئًا، متبنيًا توصية مديرة قسم المعارف، القاضي بعدم منح الأهالي مصادقات لتعليم أبنائهم خارج المدينة، ليُدخل هذا القرار الجدل والنقاش بين مؤيّد ومعارض، ولكن للأسف شعرتُ أن البعض حاول إقحام هذه المعضلة في زوايا ضيّقة، وفي الواقع قرار المجلس البلدي، كان قريبًا لطفرةٍ آنيّة، لحدثٍ بعيدٍ عن الدراسة الموضوعيّة...

... كان من الأجدر أن تسبقه دراسة معمّقة للجنة مهنيّة، ترفع التوصيات للمجلس البلدي، ووزارة المعارف، لأن البدائل يجب أن تكون واضحةً، والقضية ليست صكّ فرمان عثماني، بل البحث عن الأسباب التي حدت بأبناء الأهالي، البحث عن مدارس خارج المدينة، وعودة أسراب أبنائنا إلى أعشاش ومراتع بلدها، تحتاج من المسئولين في مناصبهم، تحضير قاعدة تعليميّة مناسبة، تشمل كافة أقسام التعليم، ووضع الخيارات أمام طلاّبنا.

لا شكّ بأنّ الكثير من التعيينات، على مدار سنوات سابقة، كانت فاشلة ساهمَت في تدنّي مستوى التعليم في العديد من المؤسّسات، وقرار الأهالي لم يأتِ من فراغٍ، وليس هوايةً لديهم، لأنهم يُدركون التكلفة الباهظة، لكنهم يدركون كذلك مستقبل أبنائهم، وهو الحق المقدّس.

القانون يمنح الأهالي حريّة اختيار المدرسة لأبنائهم، ولا يستطيع أي قرار منعهم، والقضية هنا ليست كما يصوّرها البعض، على أنها غيرةً أو تكبرًا، أو نزوةً، لأن جوهر القضيّة جهاز تعليم ينهار نحو الهاوية، إذا لم تكن هناك مساعٍ عاجلة وطارئة، لإيقافه، فإمّا أن يكون عملنا مخطّطًا ومدروسًا، لفحص الأسباب وعلاجها، وإمّا تبقى مدارسنا نزهة، يقطف طلابنا ثمارها، ويتذوقها أهل، كالعلقم، وعودة الأسراب لمدارسنا تفرض إقامة مجلس تعليمٍ عالٍ، مَهمَته الدخول في أدق التفاصيل والبنود، وإن سُمِحَ لنا أن نقول بجرأةٍ، لا يمكن أن تبقى مدارس شفاعمرو، مجسمًا مصغرًا لمدينة مقسمًا جسدها التعليمي، لأنّ التاريخ سيحاسب من غفو في محطّات النهوض ببلدهم.