[x] اغلاق
رجالٌ جذورهم شفاعمريّة
13/6/2019 7:30

رجالٌ جذورهم شفاعمريّة

بقلم: زايد خنيفس

قُدس الأب اندراوس بحّوث

"أحد الحكماء وأعتقد أنه سقراط الحكيم، أضاء قنديله في النهار وخرج بين الناس متجوّلاً في السوق، عندما شاهده المارّة ظن بعضهم أن الحكيم فقد عقله! فهل يُعقل إضاءة القنديل في النهار؟! اقترب أحدهم وسأله: "هل تبحث أيّها الحكيم عن شيء؟!". قال: "في الحقيقة إنّي أبحث عن رجل". في الواقع أن سقراط كان يُدرك المعاني العميقة، ويعرف ما يقول ويدرك هدفه. قُدس الأب اندراوس بحوث رجل الدين والكنيسة الأول في بلدنا لم يختَره البطريرك "مدبرًا رسوليًّا" من فراغ، لأن الرجال بكل ما تحمل الكلمة من معنى، تبحث عن بعضها في مسيرة الإنسانية وتعاليم الله، في زمن قحط الرجال والمواقف

قُدس الأب اندراوس وكما سمعت وعرفت وتأكدت، لم يكن فقط مدبرًا بل إنه خلية من العمل الإنساني، من أجل جماعته ومجتمعه وكنيسته أمينًا ومؤتمنًا... نقول ذلك لان البحث عن الرجال أصبح أزمة في هذا الزمن الرديء

سلام لك أبونا اندراوس بحوث ولك اليمام وأغصان الزيتون، وأقدّم لكَ كل التقدير والمحبة بل "باقة من الود" لرجل يعرف ما له وما عليه.

أنيس عبدلله خطيب

خلال جولة المعايدة التي قمتُ بها في أول أيّام عيد الفطر، زرت برفقة ابن العم عادل يوسف خنيفس بيت الأخ الكبير أحمد خطيب أبو محمد، هذا البيت العامر بحي الميدان يعرف أهله استقبال الضيوف وابتسامة الترحاب ظلّت ترافقنا من باب الدار حتى غرفة الضيافة، فلا يتوقف الأبناء عن تقديم واجب الضيافة والقهوة السادة الجالسة فوق جمرها، دليل محبةٍ واحترام للضيف.

تحدّثنا في هذا اليوم عن الزيارة الأخيرة التي قام بها لمسقط رأسه السيد أنيس عبدالله خطيب، ابن عم أبو محمد، الذي هُجّر من بلده خلال نكبة عام ٤٨، وكان يبلغ من العمر ١٤ سنة، إذ عبر الحدود مع اهله إلى لبنان، إلى أن  استقر في دمشق.

محطات صعبة مرّ بها مع الآلاف من ابناء هذا الشعب... وعاد أنيس خطيب إلى بلده شفاعمرو، بعد غياب طويل في عام ١٩٩٤، واستقبله اهل بلده استقبالاً يليق بابن البلد، تعرّف على شخصيات وقيادات بلده، منهم والدي رحمه الله، وأبو حاتم إبراهيم نمر حسين له الرحمة، والأستاذ الياس جبور أمدّ الله بعمره.

قبل عدّة أشهُر عاد أنيس خطيب لزيارة مسقط رأسه، واليوم هو مقيم في مدينة رام الله، ولكن قلبه يبقى هنا، حيث بيته القديم، وما زالت ذاكرته تستعيد مَشاهدًا لا تُنسى من عين عافية ومطحنة الراهب، بيت المسن ومقام النبي شعيب عليه السّلام، لأنّه ما زال يتذكّر تلكَ الوجوه التي حضنته واستقبلته بحفاوة.