[x] اغلاق
لا تقتلوا أسودكم كي لا تأكلكم كلاب أعدائكم
19/6/2019 7:15

لا تقتلوا أسودكم كي لا تأكلكم كلاب أعدائكم

الإعلامي أحمد حازم

لم يكن خبر وفاة الرئيس المصري محمد مرسي مفاجئاً للعرب عامة والمصريين خاصة، لأن طريقة نعامل أجهزة النظام الحاكم معه في السجن كانت توحي بأنها طريقة نستهدف تصفيته تدريجياً.فلقد تم وضع الشهيد، كما تقول عائلته، في سجن انفرادي وتعرض لتعذيب جسدي ونفسي متواصل، ومنعت عنه الأدوية التي يتناولها لمعالجة أمراض أصابته في معتقله، كل هذه الأمور تدل على أن مرسي كان يتعرض لموت بطيء.

لقد صدق رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، عندما قال إن "الشهيد محمد مرسي يُعذب في السجون منذ ست سنين وجميعهم قتلوه، وهذه الحالة وصمة عار وإدانة للرؤساء العرب، الصامتين الشامتين، ووصمة عار وإدانة للأزهر ولكافة شيوخه".

ماذا فعلوا بك أيها الشهيد؟ قتلوك لأنهم لم يعد يتحملوا وجودك حياً بين أبناء شعبك حتى وأنت في السجن. قتلوك بأسلوب إجرامي وواروا جثمانك بطريق أكثر بشاعة من القتل، فقد نقلوا جثمانك إلى مثواه الأخير خلسة بحضور أفراد عائلتك فقط خوفاً من ردة فعل الشعب. نعم دكتور، أخفتهم بحياتك وأخفتهم بوفاتك، لأنك كنت على حق فيما تفعله. كنت إلى جانب أبناء شعبك أبناء مصر التي نقلتها من حكم العسكر إلى حكم الأحرار، من حكم القتلة إلى حكم العدالة والأمان .

حاقدون مجرمون تخلصوا منك ظناً منهم أن غيابك عن الحياة سيريحهم، واعتقاداً منهم  بأن وفاتك ستجلب لهم السكينة والهدوء. لقد أخطأوا في التقدير، وغاب عن ذهنهم أن مصر التي أنجبت الشهيد مرسي فيها الكثير من المخلصين والأوفياء لمصر والذين لا بد وأن يثوروا على هذا النظام القمعي. عندما  صدر حكم الإعدام على الشهيد  سيد قطب رئيس تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وتم تنفيذ الحكم فيه يوم التاسع والعشرين من شهر آب/ أغسطس عام 1966 اعتقد النظام الحاكم آنذاك بأن الإخوان المسلمين لن ينهضوا مجدداً. لكن مشيئة الله أرادت أن يخرج من أبناء مصر وبالتحديد من الإخوان المسلمين رجل اسمه محمد مرسي لينتخب ديمقراطباً كأول رئيس مدني لمصر، بعد معاناتها سنوات طويلة من الظلم والإضطهاد  أي من بداية حكم الجنرالات منذ عام 1952 وحتى انتخاب الشهيد محمد مرسي. ويحكى أن مقربين من عبد الناصر طلبوا من الشهيد سيد قطب كتابة التماس للرئيس عبد الناصر ليعفو عنه لكنه رفض ذلك بإباء،

 عندما وصل الشهيد مرسي إلى سدة الحكم، اهتزت مكانة العسكر، وبدأوا بالتخطيط لتدبير انقلاب على الحكم العادل للتخلص من مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث، حيث انتخب رئيسا للجمهورية يوم الثلاثين من  يونيو/حزيران 2012، لكن حكمه لم يستمر إلا عاما واحدا حيث انقلب عليه وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي في الثالث من  يوليو/تموز 2013، وبعد عام انتقالي تولى السيسي الرئاسة وظل بها حتى الآن، بينما تم سجن مرسي وظل قابعاً في السجن حت يوم استشهاده.

قال الشهيد مرسي ذات يوم موجهاً كلامه للمسؤولين المجرمين القتلة في مصر:" لا تقتلوا أسود بلادكم فتأكلكم كلاب أعدائكم، فإلى متى ستبقى الأسود محبوسة والضباع مستأسدة، وستذكرون ما أقوله لكم وأفوض أمري لله". هذا الكلام موثق في فيديو، وما قاله الشهيد يجري الآن في مصر، فالأسود محتجزة  والكلاب الضالة منتشرة والضباع تحكم البلاد. نعم لقد صدق الشهيد في توقعاته وما تعيشه مصر الآن بعد عودة العسكر للحكم خير دليل على صحة ما قاله الرئيس الشهيد.

الإعلام المصري لم يهتم بخبر استشهاد الرئيس المصري محمد مرسي، لأن هذا الإعلام هو إعلام  مسيًر وليس إعلاماً مخيراً، بمعنى انه ينفذ تعليمات جهاز أمن الدولة، فمن المفترض أن يكون خبر الوفاة بخط كبير على الصفحات الأولى في الصحافة اليومية كون الشهيد رئيس مصري. حتى أن بعض الصحف لم تشر أبداً إلى خبر الوفاة. الصحف القومية الحكومية (الأهرام، الأخبار، الجمهورية، الهلال وروز اليوسف) تناولت  للخبر بشكل محدودة للغاية  في صفحاتها الداخلية. كما أن صحيفة "الأخبار"، اكتفت بنشر الخبر على سطرين فقط، بينما لاقى خبر الوفاة اهتماما كبيرا من جانب وسائل الإعلام العربية والعالمية.

نم قرير العين أيها الشهيد، فمصر فيها رجال مخلصون لها، وعاجلاً أم آجلاً سيلقى القتلة جزاءهم على ما فعلت أيادبهم، وتعازينا الحارة لعائلة الشهيد.