[x] اغلاق
هل سقطت شفاعمرو بين أنيابهم؟!
11/7/2019 7:35

هل سقطت شفاعمرو بين أنيابهم؟!

بقلم: زايد خنيفس

مساء يوم السبت المنصرم، وبالتحديد عند الساعة العاشرة ليلاً، سمع الكثيرون صوت إطلاق نار ولمدّة ثوانٍ معدودةٍ، وبعد دقائق دوت صفارات سيارات الإسعاف، متجهةً لموقع الصوت، والمكان يقع مقابل مدرسة المكتب، في طلعة الخندق، كما يعرفها الشفاعمريون، ولم تمرّ دقائق حتّى تسارع النّاس وسط صراخ النساء في مشهدٍ من الذهول، لأن العيون تسبقها أحيانًا الدّموع، وكانت الضحية ملقاة على درجات البيت، وسط بركة من الدماء، وفي الواقع كان مشهدًا مرعبًا.

في أحد الزوايا كان صاحب البيت الذي أصيب في هذا الحادث الإجرامي، يحاول أن يستوعب أنه ما زال حيًّا، والدّماء تسيل من وجهه، حاول البعض وفي نخوة شفاعمرية معهودة، طمأنته، وهكذا كان المشهد موتًا ودماءً، ومحاولة للبقاء في حلبة الحياة.

اندفعت النساء والأمهات وبعض الشّبان نحو رجال الأمن، محاولين امتصاص غضبهم، على سلطةٍ لم تنجح حتّى اليوم بالكشف عن ثلاثة جرائم، وقعت في هذه المدينة، خلال أشهُر معدودة. في واقع الأمر، تبقى هذه المدينة حسّاسة لكل حدثٍ صغير. في الوضع الخاص الذي نعتبره نعمةً، لأن الكثير من المشاكل تُدفن قبل أن تولَد.

ناقوس الخطر في هذا الحدث، كان سقوط بريءٍ كاد يفقد حياته. هذا المشهد للأسف لم تستوعبه القيادات المحليّة، التي بدَل أن تُعلِنَ عن إضرابٍ شاملٍ ومظاهرة تنطلق من أول البلد حتّى مقر الشرطة، اكتفى البعض بإصدار بيان صحفيٍّ، وإقامة لجنة، وهكذا ضاع الغضب وجوهر الحدَث، وكل شيءٍ أردت أن يضيع، أقِم له لجنة.

لننتظر جميعًا وقوع الجريمة الآتية، حتّى يصبح مشهد القتل روتينًا، ولتبقى في هذا المشهد أسئلة تطرح نفسها، في زحام الصور، هل فشلت الشرطة المحليّة في منعِ وقوع مثل هذه الجرائم، وهي التي تملك الأسماء والملفّات؟!، وهل فشل قائد الشرطة المحليّة باستيعاب مَهمّته، ووضع قضية العنف والقتل في أعلى قمة سلم يومياته؟!، وهل فقدت البلدية دورها في الحفاظ على السلم الأهلي، وسلامة الأبرياء، كماهر نصير؟!

ليلة السّبت المشؤومة وضعت الشرطة أشرطة حمراء، لتُحدّد موقع الجريمة، ودفعت بالمتجمهرين إل الخلف، كأنها كانت على موعدٍ مع كشف خيوط الجريمة، وتدول الضباط في رتبهم من قائد المنطقة الشمالية، حتى أصغر رتبةٍ، وفي لحظة عصيبة، وأنت تنظر لهذا المشهد الدّامي، بأنك أمام مسرحيةٍ بطلها سلطةٍ لا يهمها هوية القاتل والمقتول، لأن الرفوف تنتظر إحضار الملف، كي يعلوها غبار النسيان.

ذهبت في هذه الليلة المشؤومة لأرتاح في باحة الوجيه أبي جبّور، الياس جبّور، حيث كانت علامات الحزن مرسومة على وجهه، فهنا وفي هذه الباحة، اجتمعت صورًا لمواقف شفاعمرية تاريخيّة... وهنا في الحارة الغربية، كانت آخر حدود البلد، ينام النّاس على أسطح بيوتهم بأمان، حيث كانت تهبّ عليهم نسائم الهواء العليل، وعندما كان قلب الشفاعمري على بلده.

إذا كنّا في سياق مشاهد الجرائم وانتظار الآتي، فإن المستقبل لا يبشّر بالخير، ومشاكل المدينة لا تعالَج بلجنة ولا بيان عبر مواقع التواصل، بل يحتاج وقفة ودراسةً وأن تضغط على الجرح في الجسد. لا يمكن أن نقبَل بمعادلة بأن شفاعمرو كباقي القرى والمدن، ولا يمكن القبول معادلة الغرباء أنهم مصدر العنف، بهدف طمأنة أنفسنا وإقناعها بفرض معادلات مغلوطة، وجرائم ومشاكل شفاعمرو، إذا لم تُحَل على طاولة الصراحة، فإن الجهات ستفقد بوصلتها.