[x] اغلاق
برج دبي../ خالد صاغية
4/1/2010 14:41


أكثر من 160 طبقةً، 330 ألف متر مكعب من «الكونكريت»، 31400 طن من القضبان الفولاذية المستخدمة في هيكل البناء، 57 مصعداً... الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يفتتح برج دبي، البرج الأعلى في العالم، في الذكرى الرابعة لتولّيه مقاليد الحكم في الإمارة.

«لم نكن نعلم إلى أيّ ارتفاع سنصل»، يقول أحد مهندسي المشروع، «كان نوعاً من الاستكشاف...».

يحمل هذا البرج دلالات رمزيّة صارخة:
إنّه يروي حكاية دبي نفسها. التجربة التي لم يكن يعلم أحد إلى أيّ مدى ستنجح، وأيّ حواجز ستتخطّى. بنيت الإمارة خطوة خطوة، بتفاؤل المؤمنين بمعجزة اقتصاد السوق. فورة عمرانيّة لم يسأل أحد عن حدودها. «دعه يعمل، دعه يمرّ»، واليد الخفيّة تتكفّل بالباقي.

إنّه التجربة مكثّفةً ببناء واحد. نهم عمرانيّ وإسراف في الإنفاق غير نابع من حاجة عمليّة. عرض يستولد الطلب. وإبهار بصريّ يخفي وراءه ألف حكاية عمّا يجري في كواليس السوق، وفي خفاياه السوداء.

إلا أنّ افتتاح برج دبي بعد الانحدار الذي تشهده دبي نفسها، يرمز أيضاً إلى الطريقة التي يجري التعامل بها مع الأزمة المالية العالمية، في دبي ولكن أيضاً في أكثر من منطقة في العالم. تصلّب وعناد في مواجهة الأزمة، وإصرار على المضيّ في اتباع السياسات الاقتصادية نفسها التي أدّت إلى الأزمة.

لقد بدأ هذا الخطّ يحفر طريقه منذ اللحظة الأولى حين أُعيدت كلّ الفوضى الناشئة إلى «الطمع»، لا إلى خلل في السياسات. فقد كان كلّ شيء ليسير على ما يرام، لو لم تكن النفس البشريّة أمّارة بالسوء، ولو لم يدفع الجشعُ بعضَ المديرين إلى تحقيق فائض من الأرباح. وُضعت النفس البشرية جانباً، وتدخّل جهاز يدعى الدولة، ونهب مكلّفيه الضريبيّين ليعيد إنقاذ المصارف نفسها، لتعود وتعمل بالطريقة نفسها!

بعد فشل قمّة كوبنهاغن، قال الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز: لو كان المناخ مصرفاً، لتمّ إنقاذه. في الإمارات، راج الحديث عن «العجرفة» بدلاً من «الطمع». باتت المسألة تتعلّق بشخصية حاكم دبي وعلاقاته بالأسرة الحاكمة في أبو ظبي. أمّا الأبراج، فمستمرّة في الارتفاع، تحت رحمة الأخ الأكبر هذه المرّة. فدبي ليست مجرّد إمارة. إنّها نموذج للغواية في منطقة يحكمها الغاوون وأصحاب الهراوات.
"الأخبار"