[x] اغلاق
تحيّة إلى وحوش القائمة المشتركة
10/9/2019 7:21

تحيّة إلى "وحوش القائمة المشتركة"

بقلم: مارون سامي عزّام

وسائل الإعلام الإسرائيلي في عهد جنون عَظَمَة نتنياهو، جعلها غابة كثيفة من التمييز... محاصَرَة بأشواك العنصريّة
والأحقاد ضد اليسار الإسرائيلي بوجه عام والعربي بوجهٍ خاص، حتّى تجرّأ الإعلامي الإسرائيلي المعروف يرون لندن
على تسمية العرب بالمتوحشّين والقَتَلَة، رغم اعتذاره. ولكنّه كرّر مقولته الدّنيئة، من خلال تسجيل حديثٍ لصحيفة
هآرتس، يبدو أنه بدأ يتنفّس الهواء السّياسي الملوّث بالتصريحات المحبطة... إلاّ أنّها لن تثبط عزيمةوحوش القائمة
المشتَرَكة عن الاستمرار في سعيهم لافتراس الآراء المسبقة المتخفيّة بأقنعة التودد، التي ظهرت على الملأ بقوّة، خلال
الموعد الثّاني ليس للانتخابات، بل موعد الفرصة الثانية لامتحان قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة يمينيّة، دون استجداء
لبيرمان.
مقولة يرون لندن آتية من الأجواء السياسيّة المشبعة بالكراهية الرّسمية والشعبية ضد العرب، لكن تجوّل وحوش
القائمة في المدن والقرى العربية، منحتهم أملاً جديدًا، بأنهم هذه المرّة سيغزون الكنيست بقوّة أكبر، ولكن إلى الآن لم
يتفاعل الجمهور مع الدّعاية الضعيفة، لذلك يجب أن تقوم مركّبات القائمة بتفعيل دعائي نافذ أكبر عبر الفيسبوك ووسائل
الإعلام الإلكترونية، وليس فقط بتلصيق صور في الوسط العربي، والقيام بزيارات بيتيّة، فهذه وسائل تقليديّة قديمة
بتقديري...
وحوش القائمة المشتركة لا يهابون يرون لندن، ولن تثنيهم التمثيليّات التحريضيّة الدراميّة الأخيرة لسيّد الفساد
نتنياهو، الذي لم يكتفِ ببث سموم تصريحاته العنصريّة في انتخابات 2015، بل ابتكر هذه المرّة ألاعيب كلامية وهميّة
ورخيصة، بقوله أنّ العرب يسرقون الانتخابات، بهدف تخفيض نسبة تصويتهم، حتّى يشطب تمثيلهم نهائيًّا من سِجِل
الكنيست غير المشرّف.
هذه الوسائل اليمينيّة، المذعورة من مليون صوت عربي والمسعورة من إصابتها بداء جنون الفشل، حتمًا تدل على
خوف اليمين من أعداد الوحوش العرب المرعبة، الذين يشكّلون خطرًا ديموغرافيًّا على الدّولة، حسب أقوال نتنياهو
السّابقة والتي يطبّقها قانونيًّا، هذه المرّة يجب أن يتدافع العرب بكثافة على صناديق الاقتراع، دون رادعٍ... دون أن
يسمحوا لأي تأثير مناهض للقائمة المشتركة، بالتأثير سلبًا على آرائهم. لامبالاتهم هذه المرّة، أو الأصح إذا نفّذوا تهديد
المقاطعة، ستتقطّع الأصوات وستتفتّت قوة الأحزاب العربيّة.
وحوش القائمة  يتربّصون لأي حزب صهيوني أو ناشط عربي أو يهودي يحاول تعطيل العملية الانتخابية
الديموقراطية، والتي حاول أردوغان إسرائيل السّيطرة عليها بشتّى الوسائل غير القانونية، رغم تحذيرات الجهاز القضائي
من سن قانون الكاميرات، كي يشرعن استعمالها داخل مراكز التصويت في الوسط العربي... سن هذا القانون سيُخلق
بلبلة في العملية الانتخابيّة... سيسرق حريّة التصويت... سينتهك خصوصيّة الفرد ويُربكه، رغم أنه حسب القانون يجوز
استخدام الكاميرات فقط أثناء فرز الأصوات!!
وحوش القائمة المشتركة، لا تقتل بعضها البعض، بل تقاتل من أجل صراع بقاء تمثيل العرب في هذه الدّولة، فأنت
وأمثالك يا يرون لندن بمثل هذا التصريح، تخدمون ملوك الوحشيّة والقتل واضطهاد الفلسطينيين والتضييق السياسي على
العرب في كافة المجالات. لذلك صوّتوا أيّها العرب بجماهيركم هذه المرّة للقائمة المشتركة، فهي قامت رغم أنف اليمين
الهستيري على كل تناقضاتها الدّاخلية، لتتصدّى اليوم لخطة طرد العرب التي يبلورها المجتمع الإسرائيلي المتعسّف،
قيمتها في المجتمع العربي في ظل مفترق سياسي تاريخي، أكبر وأهم بكثير من كل طامات فشلها الكبرى.
التصويت لـوحوش القائمة المشتركة، لا يعني أنكم أيها العرب تخلّيتم عن مبادئكم ومفاهيمكم السّائدة، لا يعني أبدًا
أنكم اعترفتم بدولة فَرَضَت عليكم نظام حكمها وديموقراطيّتها الملوّنة بلونٍ قوميٍّ موحّد، بتصويتكم أيها النّاخبون العرب
أنتم ستفرضون على مؤسّسات الدّولة الاعتراف بكم، بأنكم أبناء هذه البلاد وجذور تاريخكم ما زالت ممتدة ما قبل قيام
الدّولة، كما ستفرضون على مواطنيها اليهود، ناكري أصولكم الفلسطينيّة، بأن حقوقكم نابعة من صُلب نضالكم العادل
والطويل غير المتناهي، ونضالكم ضد مؤسّسات الدولة، يؤكّد على وجود إجحاف عمره أكثر من سبعين عامًا، فتعالوا نفقأ
عين اليمين محدود الرؤيا، برفع نسبة التصويت إلى أقصى حَد.