[x] اغلاق
شفاعمرو ما بعد الهدم، لا تشبه ما سبقها
2/10/2019 8:37

شفاعمرو ما بعد الهدم، لا تشبه ما سبقها

بقلم: زايد خنيفس

بتاريخ 24/9/2019 سجّلت رسالة على صفحتي، بعد عودتي من تفقّدي موقع عملية هدم بيت السيدة زايدة هيب، وكتبت فوق صورة البيت المهدوم، الكلمات التالية: "الهدم الذي حصل اليوم، في منطقة نفوذ شفاعمرو، كانت رسالة واضحة وعنوانها أوضح".

يبدو أنه في اليوم التالي وصلت الرّسالة، ففي تاريخ 25/9/2019، عند الساعة 9:17 وصلت على وجه السرعة إلى أرض المقتول، المعروفة باسم "البصلية"، بعد أن تلقّيت مكالمة مستعجلة حوالي الساعة 8:30 صباحًا، يخبرني أحد الأصدقاء عن دخول قوات كبيرة من الشرطة، ترافقها الآليات الثقيلة، من المدخل الوعري، القريب من محطة الوقود عبلين، القريبة من حي سفتعادي، وكنت على ما يبدو أول الناس في المنطقة، وبدأت ببث ميداني مباشر، لعملية الهدم، حتى انكشفت خلال فترة وجيزة هدف جرّافات الظلم والهدم. البيتان يعودان للدكتور مصطفى نمارنة، والثاني للسيد ماجد نمارنة.

كان الهدم تحت عناوين مختلفة... السلطات التي نقرّر الهدم، هي مجموعة تمثل مكاتب حكومية، ولا تأتي الخطوة، إلاّ إذا كانت مدروسة ومخطّط لها، وتُنفّذ بكل دقّة من قبل حين، وإذا قال أحدهم من منصبه العالي، بأنني لست على عِلم، فقد صدَقَ، لأنه يجهل التوقيت والساعة واليوم، والجالس في غرفة القيادة ليس غبيا، لأن عنصر المفاجأة أقوى من تسريب الخبر، ونقولها بصراحةٍ مصيبة إذا عرفنا والمصيبة الأكبر إذا لم نعرف.

لا نختلف في هذا البلد ونقولها بجرأة، أن البناء غير المرخّص يدفعنا إلى الفوضى العارمة، لأن فتح الشوارع هي خدمة لكل الجمهور، لكن السؤال الذي نطرحه لماذا وصلت مراحل البناء لمرحلة نهائية؟! فأين كانت عيون المراقبين والمسؤولين، والسؤال الآخر الذي يفرض نفسه، هل كان هناك بدائل، لتمنع هدم حلم زوجين، وضعا كل ما يملكان من أجل بناء عش زوجي.

تفاعل أهالي شفاعمرو عامة مع الحدث، وتعاطفهم مع أصحاب البيوت المهدومة كان مشهدًا إنسانيًّا مدهشًا، وغضب أهالي العائلات الذين هدمت بيوتهم، كان شرعيًّا وإن تجاوز البعض الحدود، غير مقبول أبدًا، لأن البلدية ملك البلد. غضب الأهالي، كان صادقًا وشرعيًّا، في ظل غياب معالم البناء والتخطيط النهائيّة، ووجود أكثر من ألف بيت بدون تراخيص، هو دليل واضح على التقصير المزمن، وكان يتوجّب على إدارة البلدية لجنة التنظيم المحلية أن يضعا قضية البناء غير المرخّص، في أعلى سلّم أولويات عملها، والشروع بإنهاء كافة الإشكاليات التقنيّة العالقة منذ سنوات، لأن المدينة تكبر وهمومها تزداد ومن حق سكانها البناء.

24 و25 أيلول 2019، هذان تاريخان مفصليان في حياة شفاعمرو، التي تشهد لأول مرة على عملية هدم بناء غير مرخّص، ونقولها في العنوان العريض حدث شيء في هذا البلد، بل وقع ظلم على أهلها، وسقطوا بين جنازير اللوائية، في حين كان البعض نائمًا في وردياتهم، والإعلان عن اللجنة الشعبية وإقامة خيمة البناء والبقاء، تعتبر خطوة تجلّت فيها وطنية ووحدة أبناء المدينة الذين بلوروا مواقفهم الرجولية، منذ "طوشة الباصات" الشهيرة، لغاية الآن. خيمة البناء والبقاء وإن كان في جوهرها موقفًا إنسانيًّا، يجب أن يبقى محفورًا في صميمنا، لأن الآتي أعظم، والمطلوب الآن تعاضدًا.

شفاعمرو ما بعد عمليات الهدم، لا تشبه ما قبلها، وإذا كان قد تحرك الحجر غضبًا في سفوح هذه المدينة، فإنّ مشهد صاحبة البيت المهدوم وهي تصرخ وتبكي حالها، سيبقى عالقًا إلى أمد الدهر، وإعادة الحسابات بين صفوة أهل هذه المدينة انطلقت، والأيام والشهور كفيلة في تحقيق ما نقول.