[x] اغلاق
قراءة نقدية في مقال استعادة ممتلكاتنا في مناطق 48
8/1/2020 13:59

قراءة نقدية في مقال "استعادة ممتلكاتنا في مناطق 48"

الإعلامي أحمد حازم

قرأت قبا أيام قليلة مقالا بعنوان "استعادة ممتلكاتنا في مناطق 48" باسم حمادة فراعنة. يتحدث كاتب المقال عن مبادرة أطلقها هو شخصياً، تتضمن ما  أسماه " تثبيت حقوق الأردنيين من أصول فلسطينية تم طردهم قسرياً عام 1948، ومطالبة الحكومة الأردنية باتخاذ الاجراءات القانونية والدبلوماسية، والعمل الرسمي لاستعادة ممتلكاتهم المثبت ملكياتهم لها في تلك المدن والمناطق، أسوة بما عملت الحكومة الاردنية واعترفت بملكية الإسرائيليين لأرض داخل حدود المملكة في منطقة الباقورة وأقرت ملكيتهم لها منذ ما قبل 1948"

فراعنة ارتكب عدة أخطاء سياسية، وقد تكون هذه الأخطاء عن غير قصد (والله أعلم) لكن علينا أن نحلل المقروء وليس القصد. المواطنون الذين يتحدث عنهم فراعنة في مقاله، هم مواطنون فلسطينييون  هجرتهم العصابات الصهيونية عام 1948  من بيوتهم وأراضيهم،  واكتسبوا الجنسية الأردنية تحت ظروف سياسية معينة. لكن هؤلاء يحملون اسم "فلسطينيون، وأن منظمة التحرير الفلسطينية هي المسؤولة عنهم سياسياً.

والأمر ليس بهذه السهولة كما يتصورالكاتب ، ولو اتفقنا افتراضاً على صحة مبادرة فراعنة، يحق للدول التي قامت بتجنيس فلسطينيين المطالبة باسترداد ممتلكات مواطنيها من أصول فلسطينية. بمعنى أن ألمانيا، وحسب المبادرة، يحق لها مطالبة إسرائيل باسترجاع  ممتلكات مواطنيها من أصول فلسطينية ، وكذلك يحق لكندا وكل الدول الأوروبية والأمريكية.

الكاتب تجاهل وجود قرار  للأمم المتحدة حول قضية الفلسطينيين بشكل عام الذين تم تهجيرهم في نكبة عام 1948 وفلسطينيو الأردن هم جزء من هؤلاء المهجرين عنوة. فكيف يأتي فراعنة ويطالب بتجزئة القضية التي هي بالتالي ليس من اختصاص أحد سوى منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين باعتراف عربي ودولي. وأذا كان حمادة فراعنة ناسياً للتاريخ فأنا أذكره بنص قرار الأمم  المتحدة كما صدر:

قرار رقم ١٩٤ الدورة ٣ بتاريخ ١١ كانون الأول /ديسمبر ١٩٤٨

إنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع بحيث تؤدي إلى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل.

ما أشار إليه حمادة فراعنة إلى اعتراف السلطات الأردنية بملكية الإسرائيليين لأرض داخل حدود المملكة في منطقة الباقورة وأقرت ملكيتهم لها منذ ما قبل  1948 ومقارنة هذا الأمر بقضية الفلسطينيين هو طرح سياسي خاطيء. لأن قضية منطقة الباقورة  وإعادة أملاك يهود إلى إسرائيل هي قضية ثنائية بين الأردن وإسرائيل، بينما قضية الفلسطينيين هي مشكلة دولية. وعندما يتحدث الكاتب عن وجوب المساواة في المعاملة بقوله:" أسوة بما عملت الحكومة الاردنية واعترفت بملكية الإسرائيليين لأرض داخل حدود المملكة في منطقة الباقورة وأقرت ملكيتهم لها منذ ما قبل 1948". فكان الأجدر به أن يسأل الجهات الأردنية المسؤولة : لماذا لم تطرح هذا الموضوع قبل توقيع الإتفاق؟ وأنا أعتقد بأن السلطات الأردنية أكثر وعياً وتفهماً وأكثر عقلاتية من طرح موضوع  فاشل من أساسه كما  تضمنته مبادرة فراعنة،

أنا أتفق مع فراعنة على أن إسرائيل محتلة، وهذا أمر لا نقاش حوله وهناك قرارات أممية عديدة لصالح الفلسطينيين تجاهلتها إسرائيل، والتاريخ يتبت أن أرض فلسطين هي للفلسطينيين، وإسرائيل تنكر عليهم حقهم. هذه الأمور متفقون عليها. لكن هناك نقطة أخرى لا بد من لفت نظر فراعنة إليها:

صحيفة "رأي اليوم" الصادرة في لندن والمعروفة بمصداقيتها، ذكرت في نقرير لمراسلها في عمان في العاشر من شهر تشرين ثاني/نوفمبر الماضي،  أن جهة أردنية عسكرية رفيعة المستوى أكدت صحة ملكية يهودية لقطعة شاسعة من اراضي الباقورة والغمر، فقد اعترف لواء متقاعد في جهاز الإستخبارات الأردني بان مساحة الملكية لاطراف يهودية في المنطقة المستعادة تبلغ نحو 840 كيلومترا على الاقل. ولم تعلق الحكومة الاردنية على هذا الراي سابقا حتى عندما اشار له موقّع اتفاقية وادي عربه الدكتور عبد السلام المجالي رئيس الحكومة في ذلك الوقت.

المفروض إذاً بالكاتب حمادة فراعنة أن يتفهم أي موضوع من جميع جوانبه السياسية ويعي تبعاته قبل التسرع في إطلاق مبادرة والمطالبة بمساواتها في قضايا لا تتعلق بها نهائياً.