[x] اغلاق
دونيز ملاك الإنسانية على الأرض...
9/1/2020 9:29

دونيز ملاك الإنسانية على الأرض...

بقلم: زايد خنيفس

عندما تقرّر ترتيب أفكاركَ وأخذ قلمك الرّصاصيّ نحو الصفحات البيض، تحاول رسمَ مشهد شدّكَ، يأبى أن يفارق مخيّلتكَ بتلك البساطة، فقد أخذني منظر قاعة السيدة العذراء، التّي غصّت بالمعزّين، الذين توافدوا أسرابًا، حزينة على فقدان ابنة بلدهم الرّاحلة دونيز نمّورة عبّود بلمح البصر... غادرت باكرًا، وقد غدَر بها القَدَر اللئيم، وهي في أوج عطائها الإنساني غير المحدود.

ليس من باب التحيّز لابنة حيّنا، إنّما نكتب لإنصاف امرأة فاضلة، أزاح رحيلها ستار السريّة عن شخصيّتها العامّة العامرة بالإنجازات الاجتماعيّة، وهنا تتجلّى قمّة الإنسانيّة، التي ناشدها الله بخلقه، وكانت تعاليم السيد المسيح، ترشدها في مساحات الإيمان لأن بصمات الله الرّوحانيّة، انحفرت في حياتها اليوميّة.

ما أروع أن يصل الإنسان لمرحلة الرّحيق، وما أروع شريحة بَشَرٍ تزرع بذور الخير والسعادة في تَلْم حياتها، حتّى تحصد سنابل تعبها. دونيز شقّت عباب بحر الكفاح بمجدافي الهمّة والعزيمة، وقاومت أمواج الزّمن بقوّة، فوصلت إلى شاطئ النّجاح، بعد كدٍّ وسهرٍ، ورسمت ألوان مستقبلها بريشة أحلام زاهية، وأمل الإنسان في هذه الحياة يومًا آخرَ، وأن يحظى بثوب عيش كريم يرتديه.

على المستوى الشّخصي لم أعرف الرّاحلة دونيز عن قُرب، لكنّي كنت أسمع عن أعمالها الخيرية، الكثير... لم تبخل على كنائس أمّها المؤمنون للصلاة، وهي التي وهبت نفسها للرّب، سارت على درب المسيح، مؤمنة بقدرها، معطاءةً كالينبوع، غمامة مثقلة بالخير وحب الآخرين، وشعلة متوهّجة بالذكاء، وحضورًا آسرًا للقلوب، بتواضعها.

الفاضلات لا يصِلنَ لهذه المرتبة إلاّ بفضل أعمالهن، وفتيل سراجهنّ يبقى نورًا مشتعلاً في مواقع وزوايا الخير... والفاضلات يبقين نهرًا يجري عطاءً، ودونيز أيقونة مجتمعيّة خالدةً في قلوب من مدّت لهم المساعدة، لإكمال مشوارهم المستقبلي، راسمةً الفرح على وجوههم، وإذا كنّا لا نعرف الرّاحلة عن قُرب، فيكفي أنّنا شاهدناها على وجوه الآلاف، في قاعة السّيدة العذراء، والمسافة قريبة بين قاعةٍ ونعشك، وبين ملاكٍ على الأرض اختاره الرّب ملاكًا سماويًّا.