[x] اغلاق
ألواتس أب ودوره في تدمير عائلات
22/1/2020 9:25

ألواتس أب ودوره في تدمير عائلات

الإعلامي أحمد حازم

جهاز التلفون المحمول ظهر لأول مرة في عام 1973، لكن الشركة المنتجة  لم تطلقه في الأسواق العالمية إلا بعد عشرة أعوام وهذا الإختراع العظيم الذي يطلق عليه في بعض الدول أسماءً أخرى مثل: "بلفون". " الخلوي"، "الجوال"، "سولالير" "هاندي" وغيرها من الأسماء، انتشر بسرعة في العالم، رغم سعره المرتفع في ذلك الوقت والذي قدر بنحو أربعة آلاف دولار. كما أحدث الجهاز نقلة نوعية في غاية الأهمية فيما يتعلق بالإتصالات بين الناس

 

الموقع الإخباري الأمريكي (cnet-news) كان قد أجرى مقابلة مع مارتن كوبر مخترع جهاز الهاتف النقال، ذكر فيها  أنه يشعر بعدم الرضا عن الوضع الحالي الذي وصلت اليه حالة استخدام هذا الهاتف. وفي مقابلة أخرى، كان كوبر أكثر شدة في انتقاده لمستخدمي هذا الجهاز، حيث صرح أنه لو كان يعرف مسبقا أن اختراعه سيتم استغلاله لأغراض سلبية لما أقدم على اختراعه.

كوبر الذي  أجرى أول مكالمة هاتفية في العالم عن طريق الهاتف النقال في الثالث من شهر نيسان/ إبريل عام 1973 لا شك أنه كان على حق فيما قاله. فقد استهدف من اختراعه مساعدة البشرية في الإنصالات فيما بينها للأشياء الضرورية. لكن الذي يحصل عكس ذلك. صحيح أن الهاتف النقال له إيجابيات متعددة مثل التواصل السريع بين الناس،الدخول إلى عالم الإنترنت، والإستفادة من الإمكانيات االمتوفرة عبر الإنترنت، لكن خذا النقال له سلبيات أيضاً تنعكس على المستخدم وعلى العلاقات بين الناس.

وحسب المعلومات المتوفرة، فإن الهاتف النقال يسبب العديد من حوادث السير والمرور نتيجة انشغال بعض السائقين به، الأمر الذي ينسيهم الإنتباه للسواقة.ولذلك أقدمت بعض الدول على إصدار قوانين صارمة بحق السائق الذي يستخدم النقال خلال قيادة السيارة ومنها على سبيل المثال تغريمه بدفع مبلغ باهظ يتجاوز الألف دولار. كما ان الهاتف النقال يشكل خطراً على  المرضى والمسافرين، بسبب تداخل الأجهزة النقالة مع الأجهزة الإلكترونية الدقيقة كالأجهزة الطبية والطائرات، إضافة إلى أنه  يصدر إشعاعات قوية تلحق ضرراً بحامله.

ومما "زاد الطين بلة" لسلبيات "الخلوي" ظهور تطبيقات مثل "واتس أب". تقول الباحثة الإجتماعية الخليجية زهراء آل خليفة المختصة بشؤون الأسرة"أن سوء استخدام «الواتس أب" يؤدي إلى تفكك وتصدع في بنيان الأسرة، الأمر الذي يؤثر في الترابط الأسري وزيادة التشتت العائلي وتدني مستوى طلاب المدارس بسبب الجلوس لفترات طويلة على الهاتف المحمول.

كنت ذات يوم أتناول طعام الغداء في أحد المطاعم. وقد شاهدت حالة مثيرة للإهتمام والتساؤل في نفس الوقت: عائلة من أربعة أشخاص (أب،أم وولديهما) كانوا في نفس المطعم لا يتكلمون مع بعض مطلقاً، كل واحد مشغول بهاتفه ولا يرفع عيناه عنه. حتى أثناء تناول الغداء لم يتكلموا مع بعض. ألهذه الدرجة وصلت الحالة بين الوالدين والأبناء والزوجين نتيجة  تأثير "واتس أب" على الناس في الحياة الإجتماعية؟

السؤال الذي يطرح نفسه: أين الأهل من الولد الذي يمضي ثلاث أو أربع ساعات وأحياناً أكثر وهو "يبحلق" في الواتس أب، يقلب صفحات، يكتب أو ينظر إلى صور وبرامج معينة تلحق ضرراً بالأولاد؟

ذات يوم زارني أحد الأصدقاء برفقة ابنه الذي لم يبلغ بعد سن الخامسة عشر. ولم تمض دقائق على جلوسهما رأيت الإبن يهمس في أذن أبيه. بعدها مباشرة سألني الأب عن مفتاح شبكة الإنترنت عندنا "لأن "الولد بدو يدخل عالإنترنت". فاعتذرت منه بالقول: " ان الإنترنت معطل عندنا في الحارة 24 ساعة". تم نهضت وأحضرت له كتاباً يتناسب مع عمره ليكون بديلاً عن الإنترنت. فأجابني الولد بكل وقاحة:" شكراً عمي ، شو بدي في الكتاب، أنا كتب المدرسة ما بشوفها".  وبدلاً من أن يسمعه الأب كلاماً قاسياً على وقاحته وقلة أدبه، قال لي مبتسماً:" شو هالجيل يا زلمي".

وكثيراً  ما نسمع أمهات أو أباء يخاطبون أولادهم: "اترك التلفون واحكي معي"،أو " طيب عبرني لو بكلمة أنا أمك"،أو نسمع زوجة تقول لصديقتها "انحرقت الطبخة منشان الواتس أب" أو زوج يقول لزوجته مازحاً:" أنا بدي أعرف انتي متجوزتيني أو متجوزي الواتس أب". عبارات أصبحنا نسمعها بشكل كثير في مجتمعاتنا العربية خلال الجلسات العائلية، لأن البليفون أصبح رفيق العمر في كل الأوقات.

المشكلة الأكبر أن تطبيق "واتس أب"  أدى إلى ارتكاب جرائم متنوعة وكان سببا في حالات طلاق بين مستخدميه. دائرة  المباحث الإلكترونية بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في دبي، ذكرت أنها تلقت تسعة آلاف بلاغ خلال عام، تنوعت بين جرائم تهديد وابتزاز إلكتروني، واختراقات إلكترونية، وبلاغات نصب واحتيال إلكتروني .موقع "بيزنيس إنسايدر الإلكتروني، أورد تقريراً يشير إلى أن "واتس آب" كان سبباً في نصف حالات الطلاق التي وقعت في إيطاليا، بسبب اكتشاف أحد الزوجين خيانة الآخر له عن طريق رسالة نصية.