[x] اغلاق
تركيا تمسك بقوة بالملف الليبي وترفع البطاقة أمام أمراء الحرب
30/1/2020 11:21

تركيا تمسك بقوة بالملف الليبي وترفع "البطاقة  أمام أمراء الحرب

الإعلامي أحمد حازم/ برلين

ثلاث دول عربية فقط، شاركت في مؤتمر برلين حول ليبيا الذي انعقد في التاسع عشر من الشهر الجاري في العاصمة الألمانية برلين، بحضور الطرفين الرئيسيين في النزاع العسكري الدائر في ليبيا، فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليًا، والجنرال المتقاعد خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي،إضافة إلى تسع دول أخرى من أوروبا وآسيا وأفريقيا وبحضور مندوبين عن الأمم المتحدة،الاتحاد الأوروبي،الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية.

مؤتمر برلين استغرق أربع ساعات فقط لا غير. تصوروا أن بلداً يتم تدميره أمام أعين العالم من خلال وكلاء لدول كبرى، وتنهب ثرواته  ويشهد يومياً معارك بين الميليشيات المتواجدة فيه من مختلف الأشكال والألوان، وكل هذه الأمور لا تعطى من الوقت سوى أربع ساعات. السؤال الذي يطرح نفسه: هل مشاركة الدول الكبرى ودول أخرى والأمم المتحدة في مؤتمر ينعقد في برلين إحدى أهم العواصم العالمية لمعالجة قضية دولية يحتاج فقط إلى حوالي أربع ساعات؟ بالطبع لا وألف لا. لكن السبب الحقيقي للإجتماع، له على الأكثر أبعاداً سياسية ومصالخ أخرى.

في البيان الختامي لمؤتمر برلين، "اتفق المشاركون على احترام قرار الأمم المتحدة بحظر نقل الأسلحة إلى ليبيا ووقف دعم الأطراف المتحاربة عسكرياً، داعين إلى وقف إطلاق نار دائم في هذا البلد." وهذه ليست المرة الأولى التي يطالب بها العالم بوقف تصدير الأسلحة إلى ليبيا، ولكن دون جدوى. لكن هذا القرار الملزم تجاهلته عمداً الدول المتورطة في حرب ليبيا. ولذلك من حق المواطن الليبي أن يسأل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن الفائدة من مؤتمر برلين ما دامت الدول المعنية والمؤثرة في الحالة الليبية لا تفعل شيئاً سوى الإهتمام بمصالحها وليس بمصلحة الشعب الليبي.

صحيح أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش  أكد في كلمة له خلال المؤتمر الصحفي الموسع عقب مؤتمر برلين، "أن كافة الأطراف المشاركة في المؤتمر تعهدت بدعم وقف إطلاق النار في ليبيا" لكن هذا الدبلوماسي الدولي نسي على ما يبدو أن القول شيء والفعل شيء آخر، وأن السياسة لها وجهان: وجه ظاهر ووجه خفي، وهذا ما نراه في الحرب الليبية.

طرفان أساسيان  يتنازعان على السلطة في ليبيا وهما: فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا والمتمركزة في العاصمة طرابلس والحكومة المؤقتة في شرق ليبيا برئاسة عبد الله الثني، ويدعمها مجلس النواب في طبرق و"الجيش الوطني الليبي" بقيادة الجنرال خليفة حفتر، المدعوم من السعودية والإمارات ومصر ودول أخرى. حتى أن إسرائيل دخلت على الخط الليبي وتساعد حفتر علانية.

 المدير التنفيذي لمعهد "غولف ستايت أناليتيكس" جورجيو كافيرو، نشر مقالاً في موقع "كونسورتيوم نيوز" الأمريكي استعرض فيه كيفية دعم إسرائيل لخليفة حفتر في الحرب الليبية. وقال الكاتب، في مقاله "إنه على الرغم من افتقار حكومة حفتر للشرعية وعدم اعتراف الأمم المتحدة بها، إلا أن حفتر تلقى دعما من مجموعة من الدول القوية ومن بينها إسرائيل، وأن التعاون بين حفتر واسرائيل بدأ سنة 2015، تم عبر الإمارات".

بما أن السراج رئيس حكومة شرعية معترف بها دولياً، طلب رسمياً من تركيا دعم حكومته، وتم عقد اتفاقية أمنية  بين الجانبين وقعها الرئيس التركي أردوغان ورئيس الحكومة الشرعية في لبيبا فايز السراج.  هذه الإتفاقية أزعجت إسرائيل التي سارعت إلى إدانتها، ووصفتها بأنها غير قانونية في وقت تقوم به إسرائيل علنياً  بتقديم الدعم لحليفها الجنرال الليبي المعارض  خليفة حفتر. بمعنى أن إسرائيل مسموح لها التدخل في الشأن الليبي وممنوع على تركيا مساعدة السراج. أليست هذه قمة الوقاحة؟

ولكن ما هو السبب الذي دعا إسرائيل إلى مهاجمة اتفاق أردوغان مع السراج؟ على هذا السؤال يرد عضو المؤتمر الوطني الليبي  العام السابق، عبدالرحمن الديباني خلال لقاء مع موقع "عربي 21"، "أن سبب هجوم إسرائيل على الاتفاقية التركية الليبية يرجع إلى أن تل أبيب  جزء من الاتفاق الذي ضم مصر واليونان وقبرص للاستحواذ على غاز "المتوسط"، كما أن الاتفاق الليبي التركي يرغم إسرائيل على التفاهم مع تركيا لتنفيذ خطتها الرامية إلى تصدير الغاز إلى أوروبا عبر أنبوب تحت المتوسط إضافة إلى تفاهماتها مع اليونان وقبرص بالخصوص"،كما أوضح الديباتي في حديثه " ان  تركيا موجودة بقوة في الملف الليبي في أي تسوية قادمة، شأنها شأن باقي الدول، كونها تكاد تكون الممسكة وحدها بملف ليبيا."

وما دام الشيء بالشي يذكر، فقد كشفت "قناة الجزيرة" في التامن عشر من شهر تشرين الثاني الماضي في برنامج  برنامج "للقصة بقية" عن وثيقة سرية صادرة عن السفارة الأميركية في لندن استناداً إلى تقرير منسوب لـ"أفريكان كونديفانشل"، أن أميركا وإسرائيل دربتا المعارضة الليبية بقيادة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في قواعد تابعة لها  في تشاد والكامرون ومناطق أخرى بتمويل سعودي".