[x] اغلاق
الإجهاض خطيئة
29/2/2020 13:15

الإجهاض خطيئة

زهير دعيم 

" لقد أخطأنا "..... " لم يكن في الحسبان " .." كانت غلطة " تعبيرات وكلمات تسمعها وتسمع مثيلاتها يوميًا ، والنتيجة في كثير من الأحيان والحالات الإجهاض. 

وهذا "الإجهاض" ، كلمة خشنة في حروفها ، وخشنة في وقعها وتأثيرها ، تسلك حتى تصل اليها درب الجريمة أحيانًا ودرب القتل غير العمد أحيانًا أخرى ، لا درب الدّفاع عن النَّفس أبدًا. 

أمقتها ، وأعلن مقتي منها علانية ، فينبري احدهم مدافعًا عنها ، مُتذرّعًا بالوضع الاقتصادي الصّعب ، وصحّة الامّ الحامل ، ويُبحر الى أنّ الجنين الذي  قد يحمل الإعاقة ، هو حِمْل ثقيل على كاهل الوالدين والمجتمع والحياة ، وأن الحياة لا تحتمل الا الأصحّاء ، المعافين – تمامًا كما يؤمن زرادشت ونيتشه واتباعهما- ناسيًا هذا المدافع الالمعيّ أنّ الطبّ لم يصل بعد – ولن يصل- الى الكمال ، فكثيرًا ما أعلن أنّ جنينًا ما يحمل بين جنبيْهِ الإعاقة ، وعندما رأى النور ، " خيّب ظنّهم " فجاء طبيعيًا سويًّا ، وبالعكس فكثيرًا ما تابع الأطباء حمل إحدى السيدات ساعة بساعة وهم يُطمئنون ، والبسمة تعلو وجوههم ، أنه طبيعيّ وأكثر ، وتأتي المفاجأة الحزينة !!!

والأمرُّ والأدهى حقيقةً ، عندما يتشدّق هؤلاء الناس ، الذين يجرون مثل هذه العمليات المُحرّمة ، يتشدّقون بأقوال اختزلتها الحياة من قاموسها ، واختصرها الناموس الإنسانيّ والإلهيّ . 

هذا جناه أبي عليَّ ** وما جنيْتُ على أحدْ 

هيا أقنعني ايها المتشدّق لماذا "همس" المعريّ بهذه  " الدُّرة اليتيمة " ؟

فكّرت طويلا في هذا المعريّ الخشن ، الذي يرفض أن يرى طفلًا بريئًا جميلًا يحبو على عتبة بيته ، فتحبو السعادة والهناءة بين جنباته ، وفي شرايين أيامه وعصب كينونته.

أتراه كان شبه رجل ؟!!!

أتراه مقت النساء – تلك الزهرات التي تسير على قدمين ، لغدر ما،  أم تراه كان جافًّا نفسًا وروحًا وطبيعةً ؟

لقد قطع الطبّ اشواطًا، وقطعت الثقافة العامّة اشواطًا ايضًا ، والكلّ يعرف ويدري ، أن هناك وقاية وأساليب مانعة ، تُجنّبك الإتيان بمثل هذه الجريمة .فالاجهاض وبالبنط العريض هو قتل وليس اقلّ من ذلك ، فبعملنا هذا نمنع عصفورًا غِرّيدًا من أن يزور بساتيننا ، ويُسقسق على أفنان أشجارها .

سوف يقول قائل – بل قائلون- ما لَهُ يغمس ريشته في القلوب ، والأمور المُحيّرة ؟ 

ما لَهُ ينبري للأمور المُختَلَف عليها ، فيأخذ الأخلاقي منها ويدافع ، ضاربًا الحضارة والظروف ، والألفية الثالثة عرض الحائط ..

فأجيب هكذا انا .. نعم هكذا انا .. لا امسح جوخًا ، اخطّ ما أؤمن به  

لا أعتقد ابدًا أنّ السّماء ارتضت بالأمس او ترتضي اليوم بالإجهاض ، ولا أظنّ أنّ هذه السماء لا تواكب العصر ، ولا تتماشى مع الحضارة !!!!

لقد قالت السماء بالفم الملآن لا .. وعلى الأرض ان تسمع..

قد اتفهّم بعض الحالات النادرة المتعلّقة بديمومة الحياة ، او بتعبير أوضح بصحّة المرأة الحامل ، والتي قد تتعرّض للخطر ان استمرَّ هذا الحَمْل ، والذي جاء بالخطأ !!! مع انّ ( قد ) هذه حرف يفيد الشكّ في بعض الأحيان.

قد أتفهّم ، ولا اظنّ أنّ تفهمّي هو أخلاقي تمامًا ، ولكنه لا ينسحب على كلّ الحالات ، فالإجهاض ليس لعبة أطفال ، وليس تصحيحًا لخطأ ارتكبناه في غمرة لذة ، انه مسار حياة ، وشريان حياة ، قطعه يقطع الحياة.

أتراني امزح وأنا افتّش عن والدين اسميا مولود تهما  "إجهاض"  

صرخة تصرخ في الأرض وتزوبع في الضمائر عسى ان نسمع صداها !!