[x] اغلاق
إحترموا مهنة الصحافة ولّي مش قدها يبعد عنها”
2/7/2020 6:53

إحترموا  مهنة الصحافة " ولّي مش قدها  يبعد عنها”

الإعلامي أحمد حازم

في المجتمعات الحضارية أي تلك التي تحترم نفسها، يطلقون على الصحافة لقب  "السلطة الرابعة" انطلاقاً من مبدأ احترام هذه المهنة التي يصفونها في العالم العربي بـ "مهنة المتاعب". وبالرغم من وجود خلاف تاريخي حول أول من أطلق لقب "السلطة الرابعة" على الصحافة، لكن مصادر تاريخية تؤكد أن المؤرخ الأسكتلندي توماس كارليل هو صاحب هذا المصطلح  الذي استخدمه في كتابه “الأبطال وعبادة البطل” (1841) حين اقتبس عبارات للمفكر الإيرلندي إدموند بيرك، أشار فيها الأخير إلى الطبقات الثلاثة التي كانت تحكم البلاد ذلك الوقت، وهي أحزاب (رجال الدين والنبلاء والعوام) ، قائلاً إن الصحافة هي الحزب الرابع أي “السلطة الرابعة”- الأكثر تأثيراً من كافة الأحزاب الأخرى في بريطانيا.

وكان الإنجليزي أدموند بييرك المتوفى عام 1797 قد قال فى مناقشات لمجلس العموم البريطانى (البرلمان): ” عندما ينظر الإنسان إلى مقاعد الصحفيين، يجد السلطة الرابعة”. والمقصود بالسلطة الرابعة أن سلطة الصحافة تأتي بعد السلطات الثلاث المعروفة في كل دولة وهى التنفيذية والتشريعية والقضائية.

الصحافة الملتزمة التي تحترم نفسها  لها أدوار مهمة في حياة الفرد والمجتمع، لأتها تحمل هموم المواطن إلى المسؤولين، وقد يكون للصحافة دور مهم ر في تغيير بعض الأنظمة والقوانين وتحتاج إلى تغيير أو إعادة النظر فيها، لما فيها من إجحاف وظلم بحق المواطن.

الصحافة في المجتمعات الحرة تفضح فساد الحكومات والسلوك غير الأخلاقي للمسؤولين سياسياً ومالياً واجتماعياً. وهذا النوع من الصحافة غير موجود في المجتمعات العربية. وأذكر أن الصديق الراحل السياسي السوري المعارض أحمد أبو صالح، الذي تولى عدة مناصب قيادية ووزارية، قال لي بحسرة في جلسة جمعتني به في العاصمة التشيكية براغ، : "في بعض الأنظمة كلما كان المسؤول فاسداً أخلاقياً وسياسياً ومالياً، كلما كانت مكانته قوية عند الرئيس" والأمثلة كثيرة على ذلك. ولكن أين دور الصحافة؟ 

ولو يتم تطبيق قانون "من أين لك هذا" على القادة والمسؤولين العرب لوقف معظم هؤلاء في المحاكم وكان مصيرهم السجن في حال كان القضاء نزيها، ولا يمكن لقضاء في دولة عربية أن يكون نزيها إذا كان النظام من أساسه فاسداً. وهنا يبرز دور الصحافة الحرة.  

ولا بد لي من قول  كلمة حق، وهي وجود صحف ومواقع ملتزمة بأخلاقيات المهنة من كافة جوانبها في مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني، ولا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد. لكن  في السنوات الأخيرة انتشرت في الوسط العربي ظاهرة انتشار المواقع الالكترونية، التي تسمي نفسها مواقع صحفية إخبارية، وانتشارها دون حسيب أو رقيب أصبح لكثرته مثل انتشار "الفقع" في الشتاء، والفارق بين الاثنين، أن "الفقع" له فوائد كثيرة، لكن غالبية المواقع (متل قلتها) لا فائدة منها.

تصفحت غالبية المواقع الالكترونية في البلاد، واخترت نماذج معينة من كل المناطق، ويا لهول ما رأيت وما قرأت: صياغة (بتخزي) أخطاء قواعدية ولغوية، حتى أن  قواعد استخدام (كان وأخواتها) لم يمر على بعض المشرفين على المواقع أثناء دراستهم في المرحلة الابتدائية، أو أنهم لم يتمكنوا من انهاء هذه المرحلة.

في الدول العربية، التي غالبا ما  يسخر بعض مواطنينا منها، ترفض المؤسسات الاعلامية فيها توظيف أي شخص لممارسة مهنة الصحافة، إذا لم يكن على علاقة بهذه المهنة من خلال دراسة مباشرة، أو دراسة موضوع قريب منها، وذلك احتراما للمهنة. وما يحدث عندنا في الوسط العربي هو العكس تماما. 

ظاهرة أخرى خطيرة لمستها في مجتمعنا العربي، وهي ظاهرة حملة لقب " دكتور" في الإعلام بمعنى أن الامكانية متوفرة لحمل  لقب " دكتور" في الاعلام خلال وقت قصير مقابل صفقة معينة، وأن الدكتور "الطازة" بإمكانه أن " يُبروِز" شهادة الدكتوراة ويعلقها على أحد جدران صالون بيته، ثم "يطبع" بطاقات تحمل اسمه كـ دكتور، وكل شيء يتم "على عينك يا تاجر". والأنكى من ذلك أن هؤلاء "الدكاترة؟!" المزورين لا يستحون ولا يخجلون من عرض أنفسهم كخبراء إعلام. والمفروض تحذير المجتمع منهم، والدفاع عن شرف مهنة الصحافة وليس اغتصابها من الدخلاء عليها، مع احترامي لكل دكتور حقيقي في الإعلام.  والمطلوب احترام مهنة الصحافة وحريتها "ولّي مش قدها يبعد عنها".