[x] اغلاق
ما بين سطور هستيريتي
16/9/2020 15:06

ما بين سطور هستيريتي

بقلم: مارون سَامي عَزّام

أنا في حلبة الحاضر، أروِّض نفسي على نسيان أي فتاة مرّت تحت نافذة أفكاري، لأكوِّن لي مشاعر كرويّة الشكل، بحيثُ لا تستطيعين أن تعرفي حبيبتي إذا كنت أحبّك أم لا، أو منذُ متى بدأتُ أحبَّكِ، قبل لحظات... قبل أيام... قبل التاريخ، ربّما قبل بدء التكوين، فهذه هستيريّة حبِّي الحديثة والعصريّة، لأنّ يوم الحساب آت لا محالة، لتنتفِض هستيريّتي من تحت ركام النَّدم، لأثور معها على غوغائيّة مشاعر بعض الفتيات، اللواتي لا يعرفْنَ ماذا يردْنَ بالضبط، لأعيد ترتيب نظام الحّب. 

أتساءل دائمًا: لماذا يجب أن تعرفي متى أحبَبْتُكِ؟! إن هذا ليس من حقّك، لأنّك ستتعبين وأنتِ تدُوُرين في دائرة حيرتكِ، سأجعل كل شيء يدُوُر من حولك من تلقاء ذاته لأجنِّنك، كما فعَلْتِ معي تمامًا، شرف عظيم لكِ أن تصبحي المحْوَر الّذي تدور حوله مشاعري الكرويّة.... هل تسمحين أن أسرقَ برتقالة حلوة المذاق من حقلِ حمضيّات حواسك السرّية، وأهرب قبل أن تضبطَني عيونك؟! لن تأذَني لي ما حييت، لأنّك لن تتكرّمي بها عليّ، صرْتُ أكره زوايا المجهول المظلمة وانكسار أشعّة اليأس على مسطّح ذاكرتي.

حاولي أن تشعري كم عذّبتني، وأنتِ تلفّين بي حول ساقية صبري، لم أعُد أحتمل هذا الأمر، لذلك حتى هذه الكلمات والحروف هي تمويهيّة، حتى تتوهي عن مخبأ حبّي، لأنّي مصاب بحالة حب هستيريّة للغاية، ولا أحبُ أن تريني بهذه الحالة، ولو كنتِ من المقرّبات إلى أفكاري، فالوقت مضغًهُ الملل بنهم، والأزمنة زحفًت على زلاّجات القدر، ولن تجدي الساعة واليوم في يوميّاتي. 

ألا يكفيني أنّ أجمع أوراق الغيوم القطنيّة، التي تتساقط بغزارة يومًا بعد يوم، من صفيحة سماء الخريف البرونزيّة... ألا يكفي أنّني ضبطتُك سرًّا عدة مرات في الأوقات التي أمضيتُها برفقتك، تتسلّلين إلى غرفة مختبر الليل المحنّطة بهدوئك السرمدي، لتحلّلي فصيلة دم انتمائي، تحت مجهر شكوكك، قستِ منسوب كمية الابتسامات، وضعتِها في أنابيب كبريائك، لتكتشفي كمية خلايا صدق نواياي. 

ضبطت مرّة طاقم نظراتك محزّمًا بحرام شرطيّ مرور يؤدّي واجبه معي، وكأنّي خالفتُ أنظمة سير الحُب في المدينة!! عَدَدْتُ اللحظات الممتعة الموضوعة في مخزن الماضي، للأسف... وجدت صلاحيّتها منتهية منذ زمن طويل، دون أن أنتبه. 

ما زلْتِ تعتبرين حبّي لكِ هواية لا أكثر، رغم أنّني أمارس رياضة حبّك يوميًّا وفي ساعات الصباح، عندما أستيقظ من النوم، إذ أُخرج قلمي من دُرجي، لأكتب كلمات متقطِّعة... غير مفهومة... كلمات حب، أُصيبَت حروفها بهستيريا الخوف من وعكة الفشل إذا مرّت تحت عينيك، ولم تفهمي معناها، فروّضتُ قلمي على ركوب حصان حبِّك، أصبح محترفًا وماهرًا.

صمتِك الوحشيّ، يفترس راحتي ويمزّقها بُددًا، يرميها جيفة نتنة، لضباع الزمن التي تعوي في محميّة الانتظار المخيفة. أنوثتك البتول تلك الجنية الطيّبة، تحثّني على كسر عنق زجاجة جسدك الخمريّ اللون بشهوة مدمنة على الصمت، لذلك أرجوكِ دعيني أتناثر كاللآلئ فوق جسدك، لأضيء أعماقك، كي أريكِ أنّك تحبّينني. مشاعري الكرويّة تدور بهستيريا حول نفسها على مدار ساعات عشقي لك، خرجَت من غلاف تردّدكِ، من أجل أن تسبح في فضاء نظراتكِ عديمة الجاذبيّة، تحوم حولها مجرّات التفاهات العصريّة المتطوّرة!! 

اعلمي أنّ حبّي لك قد بلغ حد العقيدة، صرت أومن بأنّ صلاتي مستوحاة من وحيِك، وفي سوق الخيال لمحتُ فمك ينطق بآيات ربّانيّة معلّقة على واجهة الرقّة، في عينيك يجوُس قمر اللوعة، بحثًا عن شفاه القلاقل التي تعمل سرًّا تحت أنفك... نعم، أنا أحبّك وقد أقمتُ حول قُرص الشمس وليمة ماجنة من الأحاسيس والمشاعر، التي أصيبت بهستيريا حبّك... تخالك عصفورًا تائهًا يقف على أغصان أشعّة الشمس... أعلم أنّي أهذي بعض الشيء، لأنّ بين سطور هستيريّتي ستجدين تناقضات كثيرة لمشاعري المختلطة.