[x] اغلاق
لوحة جميلة تحترق
14/10/2020 8:28

لوحة جميلة تحترق

 زهير دعيم

مشهد هزّني ، شدّني ، أثَّرَ فِيَّ.... 

 كيف لا ؟!  والأمر يتعلّق بالأُمومة الباذلة ، المِعطاءة والتي لا تنتظر بديلًا ولا عِرفانًا.

  هذه الأُمومة التي تقطر حنانًا وتحنانًا وتذوب عِشقًا بالحياة ، وتموت لأجل الحياة .. 

 مشهد مؤثّر تناقلته وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعيّ ، إثرَ الحريق الشّرس الذي ضرب وأصاب بعنف الكثير من البيوت في مدينة نوف هجليل – الناصرة العليا – قبل أيام معدودة ، فأتى على إحراق البيوت والإحاسيس،  وشرّد العائلات وزرع خرابًا وذكرياتٍ أليمة..

لا اعرف لماذا يُداخلني شعور – رغم الأمل الذي يُعشِّش في حناياي – أنّ هذه السّنة 2020 تنضح ألمًا وإغلاقًا ووبأً ومللًا وضجرًا ومصائب ، فأتى هذا الحدث الأليم والمشهد الحزين ليزيد فِيّ الشعور بالألم تارةً وبتقدير الأمومة تارة أخرى، فالأمومة الجميلة لا تقتصر ولا تتوقّف عند الانسان فحسب ، بل تتعدّاه الى الحيوان والطير والطبيعة برمّتها . 

  مشهدٌ أثّرَ فيَّ وما زال ...

 مشهد حمامة كانت تعيش الأحلام والآمال من خلال جَوزليْنِ صغيرين لم يعرفا الرّيش بعد  ، فجاءت الحرائق المشؤومة لتحرق الأمل وتسلب الحياة وتزرع خرابًا.

 رأته الحمامة الجميلة ، وعرفت بحِسّها النوحيّ الجميل _ أليسَت هي التي جاءت الى نوح بغصن الزيتون لتقول له : على الأرض سلام .

  رأته وعرفت أنّ السّلام طار من أرض الأبرار ، وأنّ النيران ستلتهم الأخضرَ واليابس ، وستلتهم فَرخيْها . 

 كان بمقدورها أن تطير ؛ أن تهرب  وتُحلّق وتُبدِّل في ساعة واحدة وطنًا وبلدانًا، ولكنها أبت إلّا أن ترافق صغيريْها  في معركة الفناء !!!

 امومة في أحلى صورها .. 

أمومة أثّرت فيّ وزرعت دواخلي أملًا يقول : أن الخير سيبقى رغم الكورونا ورغم الحريق.

 لوحة جميلة مصبوغة بالدم ، مُعمَّدة بالألم.