![]() |
![]() |
![]() |
الجارُ ولَوْ جارَ 16/10/2020 9:55
الجارُ ولَوْ جارَ بقلم: زهير دعيم ما ان أرسلت الشّمس أشعتها الأولى على التّلال والمروج الخضراء ، حتى هبّتِ الأرنبة " أرنوب" صاحبة حقل الجزر من نومها ، وفتحت باب جُحرها ، واندفعت الى الخارج تتفقّد الحقل كعادتها في كلّ صباح ، قبل ان تتفقد صغارها ، فهي تخاف من جارتها الغزالة " ريم" وصغيريْها ، الذين يعيشون في فقر شديد .تخاف أن تمتدّ يدها فتقلع جزرة أو أكثر تسدّ بها رمق صغارها. و" أرنوب" هذه بخيلة جدًا ، تبخل حتى على نفسها وعلى صِغارها الخمسة أيضًا. فهي لا تسمح أبدًا لأحد منهم بأكل أكثر من جزرة صغيرة في اليوم ، وإن حدث وأكل أحدهم جزرتين فالويل ثمّ الويل له، حتمًا سيصوم في اليوم التّالي وسيبيت ليلته خارجًا عند الباب. ولطالما اتهمت " أرنوب" جارتها "ريم" زورًا بالسرقة من حقل الجزر ورمتها بأبشع الصّفات وطالبتها بالمغادرة والابتعاد ، ولكن " ريم" التزمت جانب الصّمت والأدب ورفضت ترك بيتها. عادت "أرنوب " من جولتها الصّباحيّة في الحقل ، فأيقظت صغارها الخمسة وتكرّمت على كل واحد منهم بجزرة صغيرة وحملت بعد ذلك على رأسها اضمامة الجزر كعادتها وتوجهت نحو السّوق لتبيعها هناك. واستيقظت " ريم" ايضًا فأيقظت صغيريْها ورفعت معهما صلاة صغيرة حارّة لله ، ثم شاركتهما رياضة الصّباح ، وقدّمت لهما الفطور البسيط وعانقتهما وودّعتهما وخرجت بحثًا عن الطعام والرزق الحلال. خرجت " ريم " من بيتها وأغلقت الباب غلفها وهمّت بالمسير وإذا بها ترى عن بعد ، وعلى الطريق الضيّق المؤدّي الى بيت الأرنبة " أرنوب" الثعلب المكّار يحفر في دربها، يحفر ويحفر ، فراقبته بحذر، فتأكد لها أنّه ينصب شركًا لجارتها " أرنوب" ليصطادها أثناء عودتها من السّوق . يا له من لئيم خدّاع قالت الغزالة في قلبها وتابعت : "يا ويلي عليك يا جارتي" . وفكّرت " ريم" ماذا عساها أن تفعل لتنقذ جارتها من الموت والهلاك ، وصغارها من الضّياع . أسرعت الغزالة الى السوق ، وأخذت تبحث في أرجائه عن جارتها " أرنوب" الى ان وجدتها ، فأخبرتها بالشَّرَك الذي نصبه لها الثعلّب المكّار. شكرت "أرنوب" جارتها "ريم" من صميم فؤادها وطلبت منها السّماح .وعادتا معًا في طريقٍ أخرى لتعيشا سوية في وئام وسلام مع صغاريها ، يأكلون الجزر بشهية ، ويلعبون الغُميضة ، ويراقبون بسخرية الثعلب المكّار الذي يعود كلّ يوم يتفقد شَرَكَهُ الفارغ !!
![]() |