[x] اغلاق
لا تستهينوا برائحة الشم
26/1/2021 7:50

لا تستهينوا برائحة الشم

بقلم : غالب سيف 

موضوعي  ليس تنظير عن الحواس, ان كان لدى الانسان أو الحيوان, ما هي وظائفها ودورها في الحياة والطبيعة, وانما الانتخابات البرلمانية القادمة, هي الرابعة في أقل من عامين, لا يكفي أنها تأتي في زمن عصيب ورهيب في زمن الكورونا التي غيرت الدنيا, أماتت وأفقرت الكثير من الناس, أضف لذلك ما نشاهده من تطورات لا تخطر لا على بال ولا على خاطر, لا عند عاقل ولا حتى عند ابليس بذاته, يعني فوق كونها قُرق تأتي هذه التطورات لتكون قُريقة.

أمثلة  كثيرة تحضرنا للدلالة, كلها مثيرة وبتمخول .., ولكن أشدها غرابة واستهجان تصرفات النائب عباس منصور, هل من غافل أو عاقل توقع أن يأتي لنتنياهو المأزوم, والذي أقرب مقربيه , من حزبه ومن فُلق اليمين المختلفة,  تطايروا هاربين من حوله وكأنهم في حضرة عفريت, أن يأتيه الفرج والتقرب من النائب منصور عباس كمتصدر لهذا التوجه, حتى  مجرد الحديث عن علاقة  بينهما هو إهانة شخصية له خاصةً, وأقولها ليس من باب التشفي لا سمح الله وانما كنصيحة لأح, ولحزبه وانتكاسة لنا كعرب عامةً, والنائب عباس دكتور قد الدنيا, يا ما شاء الله, يعني من المفروض أن لا تنطلي عليه,  احنا الناس العاديين لنا الظاهر, لذلك سنعتبر هذه العلاقة "مُستجدة" أو ربما غير .. مرتبطة .. ولا مستوردة, ولكنها تبقى غريبة, عجيبة ومريبة, لو علقوها على مليون شماعة اسمها مصلحة الشعب او مصلحة عامة, شو الدكتور عباس, أو غيره من أبناء جلدتنا, ألا يرون أو لا يعرفون سِجِل نتنياهو العنصري والجنائي ضد شعبهم, أيتجاهلون حقيقة أن نتنياهو بنى نفسه من خلال تحريضه العنصري الدموي علينا جميعا ؟  واكثر من خلال شيطنته لنا واعتبارنا طابور خامس وال عدو .. الذي يجب تهجيرنا, كلنا, لتبقى الدولة مطهرة من أهلها الأصليين أي يهودية. اما الأكثر غرابة في هذا المشهد المبني, يأتي ليكون وكأنه مُركِب آخر من البازل الذي يحاول نتنياهو تثبيته في هذه الانتخابات, وهو أن " غزوته" هذه لمدننا وقرانا العربية, هدفها اضعاف القائمة المشتركة ولطش بعض مقاعدها لتقويته وتقوية يمينه, ليطبق بفعله هذا المثل القائل " من ذيله اعصب له عينه", أيجوز لأي عاقل أو مسؤول أو من عنده ذرة وطنية أو انتماء قومي وديني حقيقي أن يقبل بذلك ؟.

 لا تنقص هذا العنصري الوقاحة  المتطابقة بالكامل مع تخوثات سيده من وراء البحار المأفون المخلوع والأهبل ترامب, تماما. ولكن ولكي نعطي الموضوع استحقاقه المنطقي, نتنياهو يُقحم اجندته بهذا الشكل لأسباب عديدة, في أساسها, حسب فهمي للأمور, أنه بهذا الفعل الكاريكاتوري السخيف, يحاول إيصال رسالة مفادها أن هؤلاء العرب لا ذاكرة لهم ( أقرأ ما قاله طيب الذكر سلمان ناطور – اذا فقدنا الذاكرة سيؤكلنا الضبع), وان نتنياهو بكل أفعاله هو هذا الضبع .. الشرق الأوسطي الآن وبحكم ما يُسمى زوراً وبهتاناً – تطبيع,  سيرينا كيف سينقض علينا ويفترس اصواتنا وبالتالي ارادتنا وبالتالي وجودنا وب "سهولة", يمنحه جزء أساسي منها الدكتور منصور عباس وأمثاله .. لا سمح الله والشعب. وكأني بهذا البيبي العنصري يتباهى أمام جمهوره اليميني الفاشي المبهور به, ان كان من الداخل أو الخارج , من عرب الخليج ومن غيرهم, شوفوني أنا الساحر كيف انتشل الأرانب من القبعة, اني بمجرد تحريك اصبع واحد مني, سأحول هؤلاء العرب اللذين مسحت الأرض بهم,  الى أرنب من أرانبي الانتخابية التي عودتكم على استعراضها, أهذا هو الذي يشفي غليلنا من أفعال هذا المجرم أو يطعمنا خبزاً يا دكتور أو يحل مشاكلنا ؟ مش معقول.

قبل أيام اجلّكم وبعيد عنكم اصبت بوباء الكورونا, وأحد أعزائي سألني أثناء مهاتفة اطمئنانيه منه, اذا فقدت حاسة الشم والتذوق, مركزا على أهمية حاسة الشم,  ليس عند الانسان فحسب, بل لدى كل الكائنات الحية, بل أكد ان الحياة بدونها تصبح لا شيء , لأنه بفضل هذه النعمة الالاهية نستطيع التمييز بين الجيفة واللحمة الطازجة مثلا, أو تستطيع الشاة أن تتعرف على صغيرها حتى لو كان بين الآلاف من نوعه,  و  و  و , والسؤال هو لهؤلاء الأخوة العرب المبهورين بالنتن ياهو: هل فقدتم حاسة الشم, ألم تستنشقوا رائحة دم آلاف الشهداء, المطخوخين أو المشويين أو أو, ألم تستنشقوا زخم الروائح العنصرية المفطسة التي ينتجها هذا المجرم؟. أنسيتم القوانين العنصرية التي تباهى بسنها ضدنا, حتى هؤلاء الخليجيين الذين يحاولون فك عُقده وتناقضاته, ألم يعتبرهم أعداء, عندما سمى فزعتهم له تطبيع بدل انشاء علاقات, سماها معاهدة سلام, والسلام يُعقد بين عدوين, والكل يعرف علاقاتهم الخفية القديمة منذ عشرات السنين.., أنسيتم جهوده اللامتناهية لنزع الشرعية عنا كمواطنين وكأهل البلد الأصليين.

ادعو الدكتور منصور عباس وكل جماعته وكل الأخوة العرب المبهورين بهذا الترامب الصهيوني أن لا يفقدوا لا حاسة الشم ولا البوصلة الوطنية الجامعة, عودوا الى شعبكم ووحدته, التي بدونها لما كنتم الآن أعضاء برلمان, ولما كان هذا النتن يكيل بصاعكم. شعبنا وقياداتنا صدرهم وعقلهم ومسؤوليتهم عال العال, باستطاعتهم تحمُل شطحات غير محسوبة وغريبة, ومن باب ونزولا عند المصلحة العامة, التي يجب أن تحكمنا وتحكم نهجنا وسلوكنا. 

القائمة المشتركة, فقط, هي وليس سواها, في هذا الظرف الشائك والمُعقد دوليا, إقليميا ومحليا, هي الرد الشافي نسبيا للتحديات المستقبلية والآنية, للماضي بكل ما فيه, وهي رد ساحق وصاعق لمحاولة النتن فرض هذه الإهانة لنا, والاستخفاف بنا وبقدراتنا. 

انبه بأنه مهما كانت النتيجة ومهما صار, في حال تماشيك يا أخ عباس, انت وأمثالك, مع مشيئة هذا العنصري والمجرم بحقنا, سيشكل هذا الفعل وصمة عار لا ولن يمحيها شيء, ولا حتى مليارات الدولارات ولا ملايين الصلوات ولا الزمن ولا كل عطور الدنيا. وفي السياق جل من لا يغلط, الغلط ليس الوقوع فيه بل التمسك به, والرجوع عنه هو الفضيلة بذاتها. عودوا بكل قوة لوحدة شعبنا  وعن طريق تثبيت المشتركة ونهجها وبرنامجها المتفق عليه, لأنها الضمانة والأمل والآلية الأكثر نجاعة لتحقيق ما يمكن انتزاعه من أنياب العنصرية والمفترسين, في كل ظرف وزمان ومكان.

( كاتب المقال رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية)

25.1.2021 - يانوح