[x] اغلاق
مزحة حب عابرة
24/2/2021 10:45
من زمن البدايات
مزحة حب عابرة

بقلم: مارون سامي عزّام

دائمًا كنتُ أحلَّق على متن خيالي الحُر، الذي يُجيز لي أن أحبّ صديقتي كما يحلو لي، دون أن تعترضني أو تتعرّض لرأيي بحواجز الأعذار، ولكن رغم مساحة الحريّة الواسعة الموجودة في عالم الخيال وانفلات الأفكار، إلاّ أنه كان مربوطًا دومًا بحَبل الواقع، الذي كان يُرجعني إلى طبيعة حياتي. إنّ جمالها الآسِر، لفّني بستار جرأتها الذي أسدَلَته علي. 

شجّعني حديثها اللطيف عنّي، على أن أخطو هذه الخطوة، رغم أنها بالنسبة لي رهان لم أتوقع نتائجه! أحببتُ أن أحوّل توقّعاتي المتطايرة في فضاء الهواجس إلى واقع، لأختبر مشاعرها تجاهي، بعد أن سرت مسافة طويلة في ردهة الانتظار، أزحتُ عثرات التكلّف السخيفة... ووجدتُ عفويّتي المعهودة تمازحها، قائلة لها أنّي أحبّها، مجرّد مزحَة وديّة، غير مقصودة، بين صديقين حميمَين.

تغيرت ملامح ابتسامتها الربيعية النضرة، وغدت شاحبة كشمس الخريف، وبدأت أوراق مودتنا تتساقط، حتى غدت صفراء يابسة وأصبحت موطئًا للزمن. عرّى الخريف شجرة عزيمتي من أوراق معنويّاتي، ظهرتْ التي اعتبرتها صديقتي على حقيقتها... شحَّت سيول المودة بيننا جراء مزحة حب عابرة... بدأت أشعر بوعكة الذنب، ولكن أي ذنب هذا؟! 

تساءلتُ: "هل بات المزاح في هذا الزمن غير متاح؟! هل تمّ تصنيف الدُّعابة ضِمن المحظورات؟!، يبدو إنه زمن تلاشت فيه معالم الألفة والمودة بين الناس؟! ولغبائكِ رسمتِ حولك هالة من الهواجس الوهمية الموجودة فقط بين زحام أفكارك الصبيانية، فأنتِ للأسف لا تُقدّرين قيمة الصداقة! وأوقفتِ عقرب ضابط إيقاع حواراتنا عن العمل، وانتهت موسيقى التناغم الفكري، التي رقصنا عليها.        

بعد هذه اللسعة الخفيفة من المزاح، صرت غريبًا بنظركِ. لا بُدّ أنّك نادمة على تصرّفك الغبي، وصارت المفاجأة تُطل من عينيكِ المشدوهَتَين، تلمع فيهما عبرات الندم، لأنك لن تقوي على إخفائها. كل هذا جراء مزحة حب بريئة، بادر لها قلبي الجريء، الذي أصر على إطلاقها... مع أنّ مزحتي لن تترك ندبة في حياتكِ الشخصيّة، ولم يكُن فيها أي مَسٍّ بمشاعرك النّبيلة!!!