[x] اغلاق
صحف إسرائيلية تطالب بإقالة مدير الموساد بعد فضيحة دبي
17/2/2010 17:50

 طالب العديد من الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الأربعاء بإقالة مدير جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي "موساد" مائير داجان، بعد الخلل الأمني الكبير الذي رافق عملية اغتيال القائد القسامي محمود المبحوح بدبي في العشرين من الشهر الماضي، بعد اللطمة التي وجهتها شرطة دبي بكشفها تفاصيل الجريمة، وهو الأمر يمكن وصفه بالفضيحة الأمنية بكل معنى الكلمة.

وقبل الإعلان عن هوية منفذي جريمة الاغتيال، اعطت الصحف الإسرائيلية انطباعاً واضحاً عن وقوف الموساد وراء اغتيال المبحوح، من خلال المديح الذي أغدقته على منفّذي العملية، والتوقف بإعجاب كبير أمام ما وصفته بالمهنية العالية التي ميّزت أداء المشاركين فيها، قبل ان تفاجئ بالفضيحة، التي مُني به الموساد في أعقاب الكشف السريع عن هوية المنفذين وأساليبهم.

وبعد أيام من التهليل الإعلامي للموساد ورئيسه في اعقاب الإعلان عن اغتيال المبحوح، أصيب قادة دولة الاحتلال بصدمة من السرعة التي تمكنت بها شرطة دبي من فك طلاسم جريمة الاغتيال وكشفها بالصوت والصورة أدق التفاصيل للخلية التي كلفت من قبل الموساد بتنفيذ جريمة الاغتيال وهو ما لم يكن يتوقعونه على الاطلاق.

فقد توقع جهاز الموساد أنه سوف يفلت بجريمته كما سبق وفعلهاعام 2008، عندما نجح في اغتيال القائد العسكري البارز في حزب الله اللبناني عماد مغنية اثناء وجوده بالعاصمة السورية دمشق ، ورغم مرور عامين على هذه الجريمة الا ان السلطات السورية فشلت حتى الآن في تقديم اية معلومات عن منفذي الجريمة رغم اقتناعها التام بتورط الموساد.
    
وطرحت الصحف الإسرائيلية في اعدادها الصادرة اليوم الاربعاء عدة تساؤلات إن كانت عملية الإغتيال حقاً قد نجحت في ظل نشر صور لمنفذي العملية، مبدية دهشة لقدرات شرطة دبي التكنولوجية في جمع وملائمة المعلومات على عدة مستويات.

ويقول خبراء أمنيون أنه من البديهي القول إن سلامة عملية الاغتيال التي ينفذها أي جهاز أمني، تتصدّر سلّم الأولويات، وهذه السلامة تشمل هوية الفريق المنفّذ، والأساليب الأمنية والتقنية والفنية التي استُخدمت خلال التنفيذ، وأنه لا يكفي في هذا المجال التغنّي بمجد "تصفية الهدف"، وخصوصاً إذا كان الهدف يتحرك من دون أي حماية.

ويأتي التغيير في تغطية القضية، بعد اتضاح ان خلية الإغتيال انتحلت اسماء مواطنين اسرائيليين يحملون جوازات سفر أجنبية، ونشر صور منفذي العملية.

كما اشارت الصحف إلى العملية الفاشلة لإغتيال رئيس المكتب السياسي خالد مشعل قبل 12 عاماً عندما ترأس بنيامين نتنياهو الحكومة وقتذاك.

ففي صحيفة "هآرتس" كتب المحلل العسكري، أمير أورن، مقالاً تحت عنوان "وقت القرار لإستبدال دجان"، جاء فيه: إن كان صحيحاً، حسب التقارير الأجنبية، أن الموساد يقف خلف العملية، فعلى نتنياهو أن يشعر بحرقة قاسية لمشهد يتكرر.

ونقل موقع "عرب 48" الالكتروني عن أورن: في العام 1997 كان المستهدف خالد مشعل في الأردن، وهذه المرة، حسب تقارير أجنبية، المستهدف هو محمود المبحوح في دبي. فإن الأزمة الدبلوماسية مقبلة مع دول جرى استعمال جوازات سفرها. مرة اخرى استعلموا جوازات بريطانية وايرلندية.
وأوضح اورن: نتنياهو لم ياخذ بالتحذيرات وقرر تمديد ولاية رئيس الموساد مئير دجان لسنة ثامنة، وهو قرر متسرع وغير ضروري. فقد اغدق الوزراء دجان بالمديح . لكن من غير المقبول ان يكون الجهاز مبنياً على شخص واحد فقط.

وخلص الى القول: من الضروري اتخاذ قرار بإنهاء ولاية دجان وبتعيين رئيس جديد للموساد من بين رؤساء الأقسام الحاليين في الجهاز أو رؤساء سابقين اومن بين جنرالات الجيش الذين لهم الخبرة والتأهيل المناسب. فلكل خلل يوجد حل. حان الوقت لإحالة دغان للتقاعد.
كما كتب معلّق الشؤون الأمنية في الصحيفة، يوسي ملمان، قائلا: "إن الصور التي عرضتها شرطة دبي تذكّر بأساليب عمل الموساد، وهي تشير إلى نجاح جزئي لعملية الاغتيال، لكن من شأنها أن تفضي إلى كشف هوية منفّذي الاغتيال".

ويرى ملمان أن نقطة الضعف الوحيدة التي من شأنها أن تقود في اتجاه الجهة التي وقفت وراء تنفيذ الاغتيال، تتمثل في اعتقال اثنين من الفلسطينيين الضالعين في اغتيال المبحوح.

أما كبير المحللين السياسيين في صحيفة "معاريف"، بن كاسبيت، فقد كتب مقالا تحت عنوان "نجاح تكتيكي وفشل استراتيجي"، قال فيه إن من اغتيال المبحوح تورط. فالمعلومات الإستخبارية كانت على جودة عالية والتنفيذ كان لامعا، المنفذون دخلوا وخرجوا من دبي بسلام والأمور سارت بدقة. لكن للأسف الشديد، كاميرات الأمن في دبي كانت على جودة عالية أيضاً. فقد خرجت شرطة دبي الرابح الأكبر من العملية.

وأضاف: لم يكن بإستطاعة أحد أن يصدق أن بالإمكان ملائمة صور المطار مع صور الفندق، لكن شرطة دبي قامت بمشاهدة الصور لساعات وبذلوا جهدا، تكنولوجي ايضاً، لينقلوا للعالم ببث مباشر صور جوازات السفر.

وخلص كسبيت الى القول: لا أدري من قام بعملية اغتيال المبحوح، لكن لو حصل هذا الفشل لجهاز استخبارات بريطاني، لكان البرلمان قد عقد جلسة استماع حول الموضوع، وفي الولايات المتحدة لأعتبر هذا الفشل فضيحة كبرى... قريباً سيضطر عدد كبير من الأشخاص إعطاء تفسيرات لما جرى، أو حتى اعطاء تعويضات لمن تضرر.

من جهتها، تساءلت صحيفة "يديعوت أحرونوت": «هل ينتمون إلى الموساد؟»، مشيرة إلى أن صور جوازات سفر المشتبه فيهم تظهر الشبه القائم بين منفذي العملية "وأي إسرائيلي عادي".

وكتبت "ولّى الزمن الذي كان فيه بالإمكان تصفية شخص ما بعيداً عن مرأى أيّ كان ومسمعه، وتبقى معرفة ما إذا كان عناصر الكومندوس الذين أُرسلوا إلى دبي وحرصوا على تنكّرهم، سيجرؤون على الذهاب مجدداً إلى بلد آخر بعد نشر صورهم في الصحف"
"أفشل العمليات في تاريخ الموساد"

من جانبه، قال موقع " قضايا مركزية" الالكتروني إن العملية التي قام بها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي "موساد" في دبي قد تكون من أفشل العمليات في تاريخه، ذلك أن استخدام جوازات سفر لدول أوروبية مثل ايرلندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا "قد يقود لدفع ثمن باهظ من إسرائيل".

وكانت التحقيقات التي تجريها السلطات الإماراتية فيما يتعلق باغتيال القائد في حركة "حماس" محمود المبحوح، أظهرت أن أحد عشراً شخصاً، من الذين شاركوا في اغتياله، يحملون جوازات سفر فرنسية وبريطانية وأيرلندية وألمانية.

وذكر الموقع أن سبعة من الإسرائيليين المقيمين في الدولة العبرية ويحملون جوازات سفر أجنبية، يتهمون جهاز "الموساد" الإسرائيلي بانتحال شخصياتهم لتنفيذ عملية الاغتيال.
وأضاف الموقع أن "الفشل يلازم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع جهاز الموساد، فالعملية التي قام بتنفيذها الجهاز لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل في العاصمة الأردنية عمّان، أثناء ترؤسه للحكومة الإسرائيلية، انتهت بالفشل والإفراج عن زعيم حركة "حماس" الشيخ أحمد ياسين من السجون الإسرائيلية.
وتابع: "يبدو أن الفشل يعود ليلاحق نتنياهو، مع أن الموساد استطاع اغتيال المبحوح، ولكن المعلومات التي تنشر يوما بعد يوم تظهر مدى التراجع في أداء جهاز الموساد وإمكانية أن تكون من العمليات التي ستسجل اكبر فشل في تاريخ عمل جهاز الموساد الإسرائيلي".

لندن تحقق
 
في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم الأربعاء أن السلطات البريطانية تحقق في كيفية سرقة هويات 6 رعايا بريطانيين من قبل عملاء الموساد الاسرائيلي - في عملية اغتيال المبحوح في دبي.

وأضافت ان الخارجية البريطانية أكدت ان الهويات التي استخدمها 6 عملاء من أفراد فريق الاغتيالات الذي ضم 11 شخصا تعود ل - 6 اشخاص يحملون جوازات سفر بريطانية اصلية يقيمون في اسرائيل.

ونسبت الصحيفة الى متحدث بريطاني قوله ان السلطات البريطانية تعتقد بان جوازات السفر البريطانية المستخدمة في عملية الاغتيال مزورة وانها قد فتحت تحقيقا مستقلا في القضية.

وتفحص السلطات في لندن احتمال ان يكون قد تم نسخ التفاصيل المقيدة في جوازات السفر البريطانية الأصلية على يد طاقم الفندق أو الهجرة أثناء سفر حاملي هذه الجوازات.

وتقول "التايمز" ان الأسماء وأرقام الجوازات وتواريخ الميلاد في الجوازات المزورة مطابقة لما هو مقيد في الجوازات الأصلية غير أن الصور والتواقيع في الجوازات المزورة مغايرة.

وأشارت إلى ان رسميين بريطانيين رفضوا التعقيب على الهويات الحقيقية لمغتالي المبحوح في الوقت الذي ازدادت فيه التخمينات والتكهنات بان الموساد يقف وراء عملية الاغتيال.