[x] اغلاق
ما بعد بعد سقوط شفاعمرو ومن هو كيس الخيش الشفاعمري ؟
12/3/2021 8:38

ما بعد بعد سقوط شفاعمرو

ومن هو كيس الخيش الشفاعمري ؟ 

تغريد ابو رحمة جهشان –محامية يافا , شفاعمرو

المقال الثالت والاخير ,او ربما ليس بالاخير, المتعلق بسقوط شفاعمرو بعد المقال الاول " وكان لا بد ان تسقط شفاعمرو " والذي  تطرق للاحداث التي واكبت سقوط فلسطين بشكل عام والمدينة بشكل خاص يوم 1948/7/14 وخاصة معركة هوشة والكساير , والمقال الثاني  " ما بعد سقوط شفاعمرو " به وصف لمشاكل البلد من نواحي مختلفة بعد سقوط المدينة , ولعل اهمها الحكم العسكري الذي فرض على الاهل بعد الاحتلال ,اضافة لتدمير الحياة المعيشية من حيث منع  اهل البلد من الوصول لاراضيهم ومزاولة الزراعة واعطاء الحق بذلك للمستوطنات اليهودية المجاورة , وصعوبة او استحالة التنقل للعمل خارج البلد ومنع من تهجر من الاهل بالعودة الى بيوتهم وعائلاتهم . هذا المقال يتابع احوال البلد واستمرار المعاناة  بعد مرور ما يزيد عن النصف سنة على الاحتلال. 

 

هجرة قسرية  / وعودة  "تسللية"  

اوضاع البلد كانت صعبة جدا ومختلفة تماما عن الحياة الوادعة التي عرفتها البلدة ,فالكثير من العائلات قد هُجّرت ومنعت من العودة وفي حال تمكنها من العودة  الى البلد كانت  تُرحّل مرة ثانية الى ما خلف الحدود القريبة - اللبنانية خاصة والاردنية , وكان القليل منهم يحظون بتصريح بالاقامة المؤقتة ويُمنحون الهوية الحمراء بعد ان يتم اعتبارهم غائبين في الفترة التي لم يتواجدوا بالبلد مما يعني ان املاكهم تحولت الى القيم عن املاك الغائبين في هذه الفترة وكذلك املاك الغائبين الذين لم يستطيعوا العودة .من مستندات بلدية شفاعمرو يُستدل على مطالبة البلدية من القيم على املاك الغائبين  بدفع الضرائب عن عدد من بيوت واراضي  تعود ملكيتها لغائبين وضع يده  عليها حتى سنة 1954 ومنهم : علي سعيد ابو الفول , سابا بحوث , مفلح صفوري , محمد علي الصديق , الماظة ارملة حنا جروس, لبيب وابراهيم خليل عزام,  درسي شهاب وغيرهم ....والوثيقة  التالية هي صفحة من صفحات املاك الغائبين من البلد.  

 C:\Users\ג'השאן\Downloads\20210308_225446.jpg

 

 الكاتب الياس نصرالله كتب عن قصة تهجيرعائلته الى لبنان والعذاب الذي كان من نصيبهم خلال النزوح الى لبنان ومن ثم العودة من هناك سيرا على الاقدام بمساعدة "ابو معروف", لبناني عاش غريبا في البلد قبل وبعد الاحتلال حتى وفاته وعرفته البلدة بكاملها, ليصلوا بعد رحلة عذاب الى شفاعمرو  وحصولهم على اقامة مؤقتة بفضل رئيس البلدية المرحوم جبور جبور الذي عمل جاهدا لابقائهم  بالبلد كما فعل مع عائلة عمه نعيم  وعائلات اخرى .ويصف الياس وضع اصحاب الهوية الحمراء  " ما ان وضع والدي الهوية الحمراء في جيبه حتى اكتشف انها اشبه ما تكون ببطاقة دخول الى السجن , ليس اكثر . فالذين حملوا الهويات الحمراء فقدوا كل ممتلكاتهم وكانوا ممنوعين من السفر خارج مدنهم وقراهم , وحرموا من الحصول على عمل خارج مكان اقامتهم . اي ان والدي فقد حريته وكل ما كان يملكه مرة واحدة . فالارض التابعة لعائلته اصبحت مصادرة والذي لم يصادر منها كان من الصعب الوصول اليها , فتركت بورا , اما شركة الباصات التي كان مساهما فيها فحلت وصودرت املاكها ...." صفحة 96-97 من كتاب الياس نصرالله " شهادات على القرن الفلسطيني الاول "  اضافة لسرد قصة عائلته يذكر الياس قصص عائلات شفاعمرية اخرى , عائلة المرحوم حنا  السلباق (ابو جوزيف ) الذي ترك عدد من افرادها البلد وهم الام والابن وخمس من بنات العائلة وبقي الاب واتنثان من بناته في شفاعمرو الى ان نجحوا بالعودة بعد عدة سنوات ولكن بدون الابن جوزيف . وفي سياق العائلات المهجرة يتحدث الياس نصرالله بشكل مطول عن  المرحوم سليم شحادة المعروف بلقبه سليم ابو رجينة الذي كان حلقة الوصل بين اهالي شفاعمرو واللاجئين الشفاعمريين في لبنان اذ استطاع رغم الاهوال والمصاعب وعمليات قتل الفلسطينيين الذين كانوا يعبرون الحدود ان يصل الى لبنان ويعود سالما مرارا مجتازا الحدود حاملا اخبار الاهل والبضائع من خلف الحدود وبالعكس , وعرف ايضا عنه انه  كان "يُهرِّب"  افراد من البلد لزيارة عائلاتهم هناك .واحد من هؤلاء كان المرحوم حنا السلباق  ابو جوزيف الذي زار عائلته عدة مرات كذلك نجح  باعادة بعض اللاجئين الى اسرائيل بطرق سرية . الا ان كل ذلك سبب له مطاردة السلطة واعتقاله عدة مرات كان آخر اعتقال سنة 1956 وحكم بالسجن مدة ثلاث سنوات قرر بعدها الاعتزال بالرغم من طلبات وتوسلات الكثيرين من البلد وخارجها بمساعدتهم بالتواصل مع اهلهم في لبنان . 

 

C:\Users\ג'השאן\Downloads\20210308_230048.jpg

صفحة 103 من كتاب شهادات على القرن الفلسطيني الاول 

قضية مختلفة هي قضية عائلة المرحوم منيب نجيب الياس التي وردت في سجل ارشيف الدولة ج-11/301 . زوجة المرحوم هند كانت متواجدة في زيارة لاهلها في بلدة فسوطة عند احتلال شفاعمرو ومعها ابناءها ايلين, نجيب, مجيد وصديق واما الاب فقد كان متواجدا في شفاعمرو وبعد احتلال شفاعمرو انضم الى العائلة  في فسوطة وحاول المرحوم ان يرجع مع عائلته الى البلد الا انه كما يبدو من الملف لم ينجح بذلك حتى 1949/2/6 وذلك بالاعتماد على تاريخ رسالته بالموضوع التي ارسلها الى وزير الاقليات . من المؤكد ان الامر اصبح مُلحّا  بعد احتلال فسوطة  يوم 1948/10/30 .

 

الصفحة الثانية من الرسالة 

في هذا السياق لا بد من ذكر المُهجّرين الذين انتقلوا للسكنى في بلد غير بلدهم ولكن داخل دولة اسرائيل هؤلاء تم تعريفهم بعد قيام الدولة باللاجئين "פליטים "  مثال على ذلك اهالي هوشة والكساير الذين نزحوا الى شفاعمرو واعتبروا لاجئين او اهالي اقرت وكفر برعم الذين اخرجوا من بلداتهم بأوامر من الدولة وغيرهم , لقد أعطوا الهوية الاسرائيلية الا انهم منعوا من العودة الى بلداتهم لاعتبارهم غائبين وهكذا تشردوا داخل الدولة وسُلبت املاكهم. فأهل هوشة والكساير استأجروا أرضهم  لزراعتها من القيم على اموال الغائبين لفترة قصيرة بعدها رفض القيم متابعة تأجيرهم اذ ان خطوته هذه لاقت معارضة شديدة من السلطة . هذه الاراضي استأجرها بالحكر اقطاعي يهودي عمل أهل هوشة والكساير عنده  كأجيرين على ارضهم .  

اعتقالات 

كان احد اسباب الاعتقال ما سُميّ  "بالتسلل " فالاعتقال هو من نصيب كل "متسلل" حين القبض عليه عند عبوره الحدود عائدا الى بيته واهله من ناحية , ومن ناحية اخرى تم اعتقال الكثير من رجال البلد وسجهم بالسجن لشكوك حول مشاركتهم بالمعارك  التي دارت بين اليهود والعرب . الكثير بقوا بالاعتقال لاشهر طويلة , كان الاعتقال يتم في كتير من الاحيان بمداهمة البيوت واعتقال المطلوبين او بواسطة "كيس الخيش" حيث كان يُطلب من الرجال التجمع في ساحة معينة وتحضر دبابة وبداخلها رجل مغطى راسه بكيس خيش وكان على كل رجل ان يمر من امام فتحة بالدبابة ينظر منها  "كيس الخيش " فاذا هز براسه كان يأخذ الرجل اما الى الاعتقال او للتهجير واغلب الظن ان "كيس الخيش " , "كيس الخيش" كان في كل بلد وبلد وكذلك في شفاعمرو والمرجح انه من ابناء البلد كما جاء في كتاب الياس نصرالله  اعلاه صفحة  70-71 .ويبقى السؤال هل احد يعرف من هو "كيس الخيش " الشفاعمري  ؟ 

  قائمة باسماء بعض من  المعتقلين 

   وهكذا سوف لن يكون هذا المقال الاخير... يتبع ...تكملة عن الاعتقالات والتموين والصحة والتعليم بعد الاحتلال  .