[x] اغلاق
رجَّحَتْ كَفَّةُ ميزان الحُبِّ نَحوَهُ
13/4/2021 10:02
من زمن البدايات
رجَّحَتْ كَفَّةُ ميزان الحُبِّ نَحوَهُ

بقلم: مارون سامي عزّام

لا أريد القول أنّني أحببتها أو أحبتني، لكني كنت قد تخطيت مراحل عديدة من التحضير النفسي، من أجل أن ينهار جدار الخجل الذي فصل ما بيني وبينها. فتاة نظراتها تلمع بالذّكاء، لدرجة أن طريقة كلامها، توصلني إلى درب الانجذاب الفوري، نباهتها جرّتني بخيوط جاذبيتها إلى مكان    شاهقٍ بالتفاؤل. 

لقد أرسلتُ لتلك الفتاة إشارة مميزة من برج فنار واقعي، شَعَرَتْ أن هناك حالة ترقب حالة تأهب قصوى في صفوف أحاديثي، تستعد جدِّيًّا لاقتحام مخيّم حياتها الشخصيّة. سرعان ما التقطتْ شارات إرسالي، فاضطربتْ عاطفيًّا، وضجّت بالانزعاج منّي، فكان رد فعلها رافضًا للفكرة، لأنها بدأت تطرِّز مع شخص آخر علاقة حب بصنّارة التفاوض، ممنوع التّخلّي عنها.

للوهلة الأولى لم أعرف من هو ذلك الآخر الذي تحبه. يومًا ما جاءني صديقي يبتسم ابتسامة خبث لم أعرف سببها، فجلس صامتًا وعند شاطئ عينيه زبد حديث يُخرج رغوة وقوع حدثٍ مهم، تلمع فيه مفاجأة ما. قلت له: "ماذا بك تكلم؟!". وبعد دقائق معدودة تكلم، مبشرًا بشارته غير المتوقعة، وهي أنه ذلك الآخر الذي تحبه تلك الفتاة. حاذقة جدًّا، استطاعت أن تُدخِل صديقي في غيبوبة رومانسية لبرهة من الزمن، كي يعود من بعدها عبر قنوات البَلَهْ، إلى قاعدة حياته اليوميّة بسلام.

صارت تمر بجانبي دون أن تلتفت إلي، وكأنني شبح مرعب، دميم المنظر، يا للهول... لم تعد إشراقة شمس المودة تطغى على وجهها، كسوف خجلها مني، حجب نور حيويّتها عني، رغم هذا كله، فإن هذه الفتاة لم ترتدع من أن تشكوني إلى صديقي!... بل أعطته رسالة، ليوصلها إليّ، شفهيًّا، تدَّعي فيها، أنها لم تعُد تحتمل مناوراتي العشقية لها، المفرغة من أي مضمون جوهري... صديقي يَعلَم جيِّدًا أن ادعاءاتها وهميّة، ليست إلاّ محاولة بائسة منها لدق إسفين الخصام بيني وبينه، لكنّه انصاع مرغمًا "لإرادتها السّامية" وأخبرني بفحوى مرسومها!!  

أجبت صديقي بهدوء تام: "أنا من جهتي كل شيء منتهٍ منذ زمن، لأنها رجَّحت كفة ميزان الحب نحوكَ... ولكن لماذا لم تخبرني من البداية أنك تحبها، لأفسح لك المجال؟! أتخاف أن أقطف عناقيد الإعجاب من كرمة حبكما وأوزعها على الناس، كي يتذوقوا طعم عنب حبكما العذب والمعتق في حاويات السرية؟!! لا تخَف، فلن أفعل ذلك، لأنني لست واشيًا، فهنيئًا لكما.

لم أتوقع أن يكون صديقي حبيبها... لم أتوقع منه أيضًا كل هذا الخبث، رغم أننا ما زلنا نجتمع سويًّا، يحاول كل واحد تبرير عمله. يا له من صراع عبثي بيني وبين صديقي على قلب فتاة، وكأنه صراع بقاء على الحياة!، لكني لم أُهزَم في هذا الصراع السخيف، بل خرجت منه دون أن أخسر من قيمتي... دون أن أترك كرامتي تعاني من جروح العتاب، أو ندبة الماضي   

ما زالت علاقتي بصديقي تسير في مسارها السّابق، وهو يعتبرني "روبين هود" العصر، الذي يناصر الضعفاء في الحب ويحميهم من هجمات سارقات القلوب، اللواتي يسلبن عزيمة الضعفاء، دون رحمة منهن، باختصار شديد. نكاد لا ننفصل عن بعض أبدًا حتى هذا اليوم، مثلما لا تنفصل النجوم عن كَبد السماء... وصلت علاقتهما إلى حد وضع البصمات الأخيرة على إبرام معاهدة الوئام النّهائيّة بين قلبيهما.